كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
هذا هو واقع الحال في لبنان، دعونا لا نذهب بخيالنا أبعد مِمَّا يَجِب؟ لأن الوضع السياسي الحالي القائم على الِاصطفافات الغربية والشرقية لن يتغيَّر، ولأنّ أطراف الصراع الدوليين هُم عمالقةُ الأرض وحكامُها، وبعض الأطراف اللبنانية عبارة عن تفاصيل صغيرة في المشاريع الأميركية والإسرائيلية.
هنا في وطن الأرز لا يزال البعض يعيش أوهام الماضي، من حالات حتماً إلى حرب الجبل، الشعارَيْنِ اللذين أوصلاه إلى زنازين وزارة الدفاع.
والبعض الآخر،من ١٤ آذار، يُصَدِّق ما تُوَسوسُ له بهِ السفارات، وكُلُّ فريق يقع أسير أحلامه.
سمير جعجع رئيس ما يُسَمَّى بحزب القوات (اللبنانية) يقول: إنّهُ لن يسمحَ بوصول ِ مرشح ٍ رئاسي ٍ تقف خلفه المقاومة، وهو يستند إلى قناعةٍ بأنّ السعوديةَ لن تُغَيِّرَ موقفَها وواشنطن لَن تلين، مُكرِّراً سيمفونية الفدرَلَة والتقسيم.
جعجع هذا نَسِيَ أنه عندما كانَ تيار المستقبل بعِز قُوَّتِه، وكانت الأكثرية النيابية بيَد فريقهم، أي (١٤) آذار،لَم يتجرأوا جميعاً على انتخاب رئيس مجلس نواب غير نبيه بِرِّي، وخصوصاً بعدما صَرَّحَ الشيخ نعيم قاسم قائلا :ً إنّ مرشحنا لرئاسة مجلس النواب هو الأخ نبيه بري ونقطة على السطر.
ماذا كانت النتيجة؟
واليوم بعبعَةُ جعجع وجعجعتُهُ لَن تُطعِمَ فريقهُ خبزاً،لأن اللاعبين كِبارٌوكِبارٌ جداً، وحزبُ الله واحدٌ من اللاعبين الكبارفي المنطقة، لذلك يجب عليه، هوَ ومَن لَفَّ لَفَّهُ، العودةُ إلى ظهر الميزان، والتأكُد كم كيلو غراماً يبلغ وزنُه ووزنُ حزبه؟!!
أمريكا وأوروپا في وآد، وروسيا والصين في وادٍ آخر، والصراعُ الدَّوليُّ أكبرُ بكثيرٍ من التفاصيل اللبنانية الصغيرة التي يحكمها الِاتفاقُ السعوديُّ الإيرانيّ، فعندما تقول الرياض كلمتها في الساحة المسيحيةوالسنية
والدرزية، لن يكون هناك أي كلام بعد تلك الكلمة؛ فقط المسموح لهم هو أن يبحثوا عن مخارج لائقةٍ لحفظِ ماءِ وجوهِهم الصفراء، قبل الذهاب إلى مجلس النواب، وتأمين النصاب لِانتِخاب رئيس ب ٦٧ صوت.
ولكن ماذا سيتغيَّر في الوضع العام، إذا انتُخِبَ فرنجيةُ أو غير فرنجية؟
البلادُ المنقسمةُ على حالها بتوازنات قِوَىَ برلمانية متساوية، ستواجه على كل مفترق طُرُق مطَباً يكونُ السببَ في خَلْق ِ أزمةٍ سياسية لا تنتهي إلا بتدخل خارجي، يعني في ظل عدم التوافق الداخلي نحتاج إلى نواطيرَ تقفُ على أبوابنا، وإلى "شيوخ رَبعَة "حتى يُصلِحوا بيننا.
لبنان يحتاج إلى إزالة آثار الماضي، من محاصصة وتلزيمات بالتراضي ونهب ثروات، وهذا لن يتمَّ إلا بزوال كل الطبقة السياسية القديمة الحاكمة، دونَ إستثناء، والإتيان بوجوه جديدة أكفُّها بيضاء ونظيفة، فهل سيعمل فرنجية على تغيير النظام الفاسد الذي يُشكِلُ هو جزءاً منه؟
وهل نصدق بأنه سيزعج الإقطاع المصرفي، ونجيب ميقاتي أو نبيه بري او غيرهم؟ بدليل انه في كل مقابلاته لم يأتِ على سيرةِ الفساد؟!
ما نستفاد منه: فرنجية، هو فقط أنه لا يطعن في ظهر المقاومة، ولكنه يُطيلَ عُمُرَ الأزمة والطبقة الفاسدة.
البعضُ ربما يرى ما أقولُهُ تهجُّماً على سليمان فرنجية، وهذا غير صحيح لكنه الواقع المرير،
بيروت في...
25/4/2023