لم تكن مفاجئة فوز (أردوغان) بفترة رئاسية جديدة لتركيا التي شهدت الكثير من التغيرات في بنيتها السياسية والاجتماعية، فمن التعديل الدستوري إلى اضمحلال مفاهيم مؤسس تركيا الجمهورية والدولة (أتاتورك)، فالعقلية الإخوانية المطعمة بأراجيف التاريخ العثماني هيمنت بشكلها ومضمونها على المرافق السياسية التركية وقطاعات الإدارة للدولة ليتحول عموم الشعب التركي رهينة الخوف من الماضي وارتشاف المستقبل المجهول، فالرأي الجمعي التركي الذي يعيش أمراضا تاريخية منها فقدان الهوية والانتماء بين الشرق والغرب وبين العلمانية المتشددة القريبة من الإلحاد وبين العقليات المتعصبة للقومية المتنوعة المرافقة مع أزمات الجغرافيا، يحاول الوثوب نحو التمكين في هذا الشرق، لقد كان فوز (أردوغان) تحقيقا لإرادة التوافقات الإقليمية والتي تنعكس حكما على الاشتباك العالمي، وإذا كان الفارق البسيط بينه وبين منافسه (كليتشدار أوغلو) يصعد الانقسام في الداخل التركي وخصوصا بعد جملة انهيارات في الليرة التركية وما خلفه اشتراك نظام أردوغان في الحرب على سورية وتوسيع دائرة الصراع في الالإقليم لتبقى عقد الحل الوحيد لأردغان مدخلها التفاهم مع دمشق بعد ما تحقق لموسكو بنود الرضا الاستراتيجي عبر الممر التركي، ليكون بذلك (أردوغان) رئيس التوافق الإقليمي والانقسام الداخلي،
إن بقاء الاحتلال التركي في الأرض السورية وممارسته التتريك وعدم الوفاء بالتعهدات حيال الموضوع السوري يعد بمثابة عائق كبير أمام أردوغان لتوسيع جبهة الشرق الطامح لأن يكون فيها بموقع متقدم، لقد استفاد النظام الأردوغاني من المتغيرات السياسية والضمور الأمريكي مضافا للتخبط الغربي نتاج الحرب الروسية الغربية في أوكرانيا، متزامنا مع تقدم صيني روسي إيراني حول استحواذ على مقدرات المنطقة لتكون موانع حقيقية أمام النفوذ الأمريكي، فبعد نجاح أردوغان نستطيع أن نفهم ثقل وحجم التكتلات الإقليمية، فالرهان قائم بمدى التزام النظام التركي ما اتفق عليه.