كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "محاولة محاصرة الشيعه في لبنان سابقة خطيرة،قد تطيح بالنظام السياسي برُمَّتِه".
د. إسماعيل النجار
10 حزيران 2023 , 22:56 م


أخطر خَمسَة أيام تَمُر على لبنان تُختَبَر بعدها نوايا الشركاء في الوطن،

لأنَّ ما يحصل كبير جداً، وخطير للغاية، ولَم يعتَدْ عليه اللبنانيون، لا بالشكل ولا بالمضمون، في ظاهرة سياسية خطيرة شبيهة بمرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، حيث يجهَد الأفرقاء السياسيون المسيحيون ومعهم الأغلبيةُ الدرزيةُ الساحقة، الذين يصادرون سوياً القرار السياسيَّ السُنِّيَّ إلى محاصرة الثنائي الشيعي، وحشره في الزاوية، في معركة رئاسة الجمهورية، بقرارٍ أمريكي وتراجع فرنسي وصمتٍ، أو تواطؤٍ سعوديّ.

المرحلةُ الحالية، وفي هذا الوقت بالذات، حساسة جداً ودقيقة، والجميع يعرف الأمر، وتَبَلَّغ أنّ حزبَ الله، في ثقافتهِ السياسية، يناقشُ ويُحاوِرُ ويصبُر، لكنّه لا يساوم، وهذا أمر أكَدهُ السيد حسن نصرالله، في خطابهِ ما قبل الأخير ، منذ أسابيع.

المقاومة في مشروعها السياسي، وبعد إطلاق وثيقتها السياسية الأخيرة، تسعى لبناءدولة علمانية قاعدتُها الأساسية العيشُ المشتركُ، على أساس الحقوق المتساوية، والواجبات؛ من دون أيِّ تمييز، وهذا يُعتَبَرُ تنازلاً كبيراً لأجل لبنان، وينقُض ما أُسِّسَ عليه هذا الحزب في بداية الثمانينات، وأخذَ بعين الِاعتبار هواجسَ شركائهِ في الوطن،في الوقت الذي يرفض فيه الطرفُ الآخرُالأخذَ بهواجسهِ الحقيقية، وبخطر وجود إسرائيل.

وحزبُ الله لا يريدُ التعايُشَ المفروض بالإكراه على اللبنانيين، والقوانين المُفَصلَة على مقاييس الطوائف والمذاهب والأحزاب.

أيضاً حزب الله يريد أن يكون لبنان وجههُ عربياً وقوياً، غير تابع ٍ للخارج، وملاذاً نهائياً لكل أبنائه،

إلَّا أن البعض فيه يتخِذ موقفاً مأجوراً ضد هذه المقاومة، لأن مصالحَهُ مرتبطةٌ ارتباطاً وثيقاً بالمصالح الغربية والأمريكية، ولا يريدُ أن يعترفَ بمقاومةٍ هزَمَت وقهرَت أعتى الجيوش وأقواها على الإطلاق في المنطقة، وقاتلت دولاً بحالها متمثلة بالإرهاب السلفي المدعوم عالمياً وهزمتهم.

هذه المقاومة كَلَّفَت أمريكا وإسرائيل، ومن خلفهما المال الخليجي، ٤٠ عاماً من العمل المشترَك ضدَّها، وآلاف مليارات الدولارات، وتد ميرَ دُوَل ٍ، منذ غزو العراق، وحرب اليمن وسوريا، وثلاثة حروب في لبنان،ولم يتمكَّنوامنَ النَيل منها أو محاصرتها أو إضعافها.

فكيف لِقوَّةٍ بحجمِ القوات اللبنانية، التي تُحَضَّر من الخارج لمواجهتها وقتالها، مع بعض الألسُن الطويلة المتفلِّتَةِ من زلاعيمهاوالتي تريدإدارة الحرب بالمنظار!

نحن لا نعلم كيف لها أن تصمُدَ بوجهِ غضبِ رجال الرضوان!

على صعيدٍ آخر، هل فَكَّرَ وليد جنبلاط جيداً قبل اِتخاذه قرار الِاصطفاف إلى جانب جعجع وباسيل وريفي والجمَيِّل، ومحاولة تطويق الشيعة؟

هل يَعي جنبلاط مخاطر محاولة كسر إرادة حزب الله،في موضوع عدم فرض رئيس عليه قد يطعن بهِ؟

هَل تَنَبَّهَ،هوَ وباقي القيادات المسيحية والسُنِّيَة، إلى مخاطر محاصرة طائفةٍ بأُمِّها وأبيها، وما تُمَثِّلُ من ثقل ٍ داخلي ٍوإقليميٍ، ودولي؟!.

ماذا لو رفض الثنائي الشيعي تأمين النِصاب؟ ماذا ستكون النتيجة؟

وماذا لو انفجر الوضع في الشارع، مَن يضمنُ لملمةَ أطرافِ الرِّداء المشتعل؟

في ظِل خطورة ما يَحصُل، فإن الأنكَىَ منه صمتُ بعضِ حلفاءِ المقاومةِ وعدمُ تلفُّظِهِم ببنت شِفَة، كطلال أرسلان ووئام وهاب وغيرهُما مِمَّن ضَمِنت المقاومةُ بقاءهم وعدمَ شطبِهِم؛ والتاريخُ شاهد!

بكل الأحوال حزب الله نَفَسُهُ طويلٌ وهو صبور، وسيمارس اللعبة الديمقراطية، بقدرِ ما يسمحُ بهِ الدُّستور، وسيناقشُ،ويُفاوِضُ، ولكنهُ إذا شعرَ،في أي لحظة بأنّهم مُصَمِّمون على كسرِ إرادتهِ السياسيةِ، فإنَّ حلولاً أُخرَىَ سريعةً متوفِرَةً ستكونُ على الطاولة، وأحلاها أمَرُّ من المُرّ،

اِعقلوا أيها المجانين، وأخرِجوا الشيطانَ مِنْ باطن ثوبِكم،لعلكم تنجون.

بيروت في...

10/6/2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري