حزب الله :
مقالات
حزب الله : "لا أمر لمن لا يطاع"
6 آب 2023 , 20:14 م

كتب الأستاذ حليم خاتون :

حوالي عقدين من الزمن، وحزب الله يعيش مع الفاسدين داخل نفس السلطة، وداخل نفس هذا النظام العفن...

من عاشر قوما أربعين يوماً إما أن يصير منهم أو يرحل عنهم؛ فما البال، وقد تجاوز عمر الحزب في هذا النظام الفاسد أربعين سنة وليس فقط أربعين يوماً، قضى قرابة نصفها يشارك هؤلاء الفاسدين في سلطة دون أن يقوم بفعل إصلاحي واحد يعطي هذا النظام شبهة أخلاقية ولو ثانوية...

الحقيقة تقال، 

حصل حزب الله على جملة وعنوان في الشكل، "شعب وجيش ومقاومة"، 

في مقابل بقاء كل مضامين السلطة الفعلية في أيدي زمرة أقل ما يقال فيها إنها باعت البلد وجعلتنا مجرد قطعان من الماشية يديرها الكاوبوي الأميركي كما يشاء...

قانون الانتخاب الذي جرى التطبيل والتزمير له... 

لم يُعطى من صفات النسبية إلا الإسم حتى جاءنا برلمان على شاكلة هذه السلطة المعاقة...

حتى من جاء باسم التغيير كان أكثر إعاقة من أهل السلطة أنفسهم...

بعد المقالة الأخيرة حول تفجير مرفأ بيروت، تباينت الردود بين من يقف مع النقد الموجه إلى حزب الله في لعبه دور حامي شياطين النظام، وبين من يلوم لأن الحزب لا يستطيع أكثر مما فعل حتى اليوم بسبب الانقسام الطائفي والمذهبي الحاد في المجتمع اللبناني خاصة، والعربي عموما...

إلى أن انتهى الأمر بمقالة من الاستاذ نسيب حطيط "يجرًم" فيها كل من يوجه نقدا إلى المقاومة أو حتى لحلفائها هذه الايام باسم وجوب الحفاظ على "الوحدة الشيعية لمواجهة المؤامرة الأميركية الاسرائيلية الخليجية القادمة على البلد في الأيام القليلة القادمة، بالتنسيق مع قوى العمالة في الداخل. 

هل يستحق حزب الله اللوم الذي يوجه إليه؟

يقول المدافعون عن خطايا حزب الله في السلطة إنه مضطر إلى أن يكون بهذه السلبية المطلقة حفاظا على السلم الأهلي...

هل كان المسيحي سوف يرفض إقامة معامل كهرباء أيام كان الوزير محمد فنيش على رأس وزارة الطاقة، لو ضرب حزب الله يومها على الطاولة وأجرى مناقصة شفافة أمام الملأ لبناء هذه المعامل؟

بدلا عن ذلك جرى تخصيص الكهرباء عبر مولدات الزواريب، فصار عندنا كهرباء أمل، وكهرباء القوات، وكهرباء الإشتراكي وهكذا دواليك في كل زاروب من زواريب هذا البلد...

هل كان فقراء السُنّة سوف يرفضون البطاقة الصحية التي أراد الوزير شربل نحاس وضعها قبل أن تحاربه مافيا الاحتكارات من زعماء الطوائف؟

بدلا من ذلك بقي المواطن رهينة في أيدي هؤلاء عبر ضمان اجتماعي يدفع أضعاف المطلوب عبر نفخ فواتير الاستشفاء، أو عبر وزارة الصحة التي كانت تتكلف سنويا أكثر من خمسمائة مليون دولار مقابل مزيد من ربط الرعية بحبل الزعيم... 

ماذا استفاد الدروز من مليارات احتكار النفط؟

بقيت صوفر بيوتها تصفّر، وبحمدون جرداء، تطل على وادي لامارتين مع مطاعم أو مقاهي شبه فارغة وبنية تحتية تعتمد على ما يسخره الله من هذه الطبيعة لكي تستمر الحياة من قلة الموت...

كل ما استطاع حزب الله فعله هو المزايدة الشعبوية على بقية المزايدين حتى انهار ما بقي من اقتصاد قاوم إجراءات الشراكة المتوسطية وقوانين تنظيمية تعود إلى القرن التاسع عشر وتقوم على فرض الخوات من قبل الأحزاب الطائفية المهيمنة أو زعران العشائر أو زوجات وعوائل الزعامة، حتى صار كلب البيك، بيكا. 

هل كان حزب الله جاهلا بما يجري وكيف تدار أمور العباد في غابة "القوادين"؟

ربما كبر حجم حزب الله بسبب شيء من الزبائنية، أو بسبب قدرته على القيام ببعض المهام التي تعجز السلطة عن القيام بها مثل انشاء بعض المستشفيات المتخصصة، أو المدارس أو حتى الدخول الى عالم الإقراض خارج نظام الربا...

لا يكذب سامي الجميل أو مي شدياق أو شارل جبور حين يتحدثون عن قيام حزب الله بمهام السلطة، ويصفونه بالدويلة...

هم منزعجون لأن حزب الله أخذ جزءا من عمل شركات الاحتكار في الدواء والغذاء والمال...

لكن هل نجح حزب الله في إنقاذ الفئات الشعبية؟ 

انتهت قصة بواخر المازوت على فاشوش...

لم تستطع بطاقات السجاد أو الدواء الإيراني لعب أكثر من دور تخدير الناس حتى لا يخرج الفقير على الناس شاهرا سيفه...

تصرف حزب الله تصرف رجال الإحسان والصدقة...

غطى عجزه عن إقامة سلطة شعبية حقيقية ببعض الخدمات الشعبوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع...

لا تستطيع مقاومة أن تقول أن دورها هو فقط في الدفاع عن الوطن على الحدود، وتترك الذئاب الداشرة تعيث في الداخل خراباً...

لا يكتمل مشروع أي مقاومة إذا لم يحو في الرؤية مشروع إقامة سلطة شعبية تضع مصالح الناس البسطاء قبل مصالح الأحزاب النفعية...

لا ينفع اختباء حزب الله وراء بعض الرثوش مثل باخرتين أو ثلاثة من المازوت، أو محاولة تعميم تجربة القرض الحسن في المناطق...

لا يستطيع حزب الله الاستقالة من دوره بحجة أن قدرته في البرلمان محدودة...

ما قدمه نجاح واكيم داخل السلط التشريعية يفوق في الجوهر والمضمون كل مسرحيات نواب حزب الله التي إن دلت على شيء فإنما تدل على عقم اقتصادي تشريعي عند هذا الحزب...

المرأة لكي تحمل مولودا تحتاج إلى رجل، والسلطة لكي تعطي تحتاج أيضاً إلى رجل دولة...

هل استطاع حزب الله أن يكون أو يساهم في إيجاد رجل الدولة؟

عندما أراد، استطاع حزب الله فرض مجيء ميشال عون الى السلطة...

لكن على اي أساس؟
ما هو البرنامج الذي على أساسه جاء ميشال عون الى السلطة؟

حزب الله يقول "ما خلونا"...

ميشال عون يقول أيضاً، "ما خلونا"...

حتى حركة أمل والمستقبل والاشتراكي والقوات، الكل يقول "ما خلونا"...

"يلعن عرض هالسلطة اللي الكل فيها كان بدو يعمل شي،بس في حدا، ما حدا بيعرفو، ما خلاهن"...

بناء دولة ليس بالأمر السهل...

بناء دولة يحتاج إلى رجال "عندهم ركاب" على قول السيد نصرالله...

هل وقف حزب الله يوما مع رجل نظيف عنده ركاب؟

هل وقف حزب الله يوما مع رجل نظيف وسانده لكي "يصير عنده ركاب"؟

ما الذي منع جبران باسيل من أن يكون "عندو ركاب"، وهو كان مثل ام أربعة وأربعين في السلطة؟

أليس ذلك بسبب عقل جبران باسيل الطائفي المذهبي الذي حبس نفسه بين أربعة جدران مع "شوية معترين" من حراس أحراش أو موظفين فازوا بالخدمة المدنية أو "ناس ما قدروا يروحوا عالجيش لانو جبران ما خلاهن"...

ما الذي منع الرئيس بري والرئيس رفيق الحريري والوزير وليد جنبلاط من تطبيق كل بنود اتفاق الطائف؟

هل تريد السعودية فعلا تطبيق كل بنود الطائف؟

مشكلتنا في لبنان هي أن الكل يعمل من خارج السلطة ومن داخلها، على تعطيل أي شيء مما يجب على اي سلطة وطنية القيام به...

في احد مهرجانات سلطة حزب البعث في سوريا، وقف مطران شجاع ذات يوم في سبعينيات القرن الماضي على المنبر وتوجه إلى الجمع الغفير من المدعين قائلا،

فليسقط الله، وليسقط الحزب، وليحيا الوطن...

هذا ما تلفظ به رجل دين شجاع يمثل الله ذات يوم في سوريا...

ألم يحن الوقت لنصرخ جميعا، 

فليسقط النظام، ولتسقط الأحزاب، وليبقى الوطن؟...

                    

المصدر: موقع إضاءات الإخباري