شركة
مقالات
شركة "ساوث برايم" كشفت نقطة في بحر فساد المؤسسات الرسمية
عدنان علامه
21 آب 2023 , 01:36 ص


عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

أعلنت الشركة المشغّلة لمعملي دير عمار والزهراني "برايم ساوث" PRIMESOUTH يوم الأربعاء الماضي التوقف عن العمل وتسليم المعملين لمؤسسة كهرباء لبنان، ما يعني انقطاع الكهرباء عن كافة المناطق اللبنانية، فإنتاج الكهرباء في لبنان 580 ميغاوواط يوميًا، 90 % منها من مجموعتين في معمل دير عمار، ومجموعة واحدة من معمل الزهراني.

وفي تفاصيل المشكلة، فقد تراكمت مستحقات شركة "برايم ساوث" لدى شركة كهرباء لبنان حتى بلغت 83 مليون دولار لم تتقاضَ منها سوى نحو مليوني دولار، لكنها بقيت ملتزمةً العمل إلى أن اكتشفت أنّ الشركة المشغّلة للمحركات العكسيّة في الزوق والجية المتوقفة أصلًا عن العمل منذ سنتين تسلّمت قسمًا من مستحقاتها وهي لا تعمل.

وكشفت الشركة في إيقاف محطتي دير عمار والزهراني عن فضيحة أخرى في معملي الزوق والجية.

فبحسب القانون اللبناني، فإن تشغيل محطات الطاقة محصور فقط بشركة كهرباء لبنان لا غير، ولا يحق لها بالتنازل عن هذا الحق ؛ فكيف تم التعاقد مع شركة "برايم ساوث"؟

ففي القانون "مؤسسة كهرباء لبنان هي مؤسسة عامة ذات طابع صناعي وتجاري".

   أنشئت مؤسسة كهرباء لبنان بموجب المرسوم 16878 بتاريخ 10 تموز 1964 لتتولى أمور إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية على كافة الأراضي اللبنانية ."

وجاء في المادة 4 من المرسوم رقم 16878 قانون إنشاء مصلحة كهرباء لبنان التي نصت على أنه لا يجوز بعد صدور هذا القانون أي كان، أي امتياز أو رخصة أو إذن لإنتاج أو نقل أو توزيع الطاقة الكهربائية أو تجديد ذلك أو تمديده لأي سبب من الأسباب.

هذا الخرق الفاضح لصلاحيات مؤسسة كهرباء لبنان لم يكن الأول من نوعه؛ فقد تم سابقََا استئجار بواخر لإنتاج الطاقة وتم عقد صيانة لمعامل الإنتاج مع عدة شركات.

ولم تصغِ الحكومات المتعاقبة لوعود الصين وروسيا وإيران ببناء محطات توليد طاقة مجانية ومحطات لتكرير النفط وأية مشاريع اخرى يحتاجها لبنان؛ ولكنها ونتيجة للضغط الأمريكي تم رفض كل تلك العروض؛ وذلك لتمرير الصفقات المشبوهة والتي تخالف كل القوانين.

وللأسف فإن الفساد ينخر في كافة مؤسسات الدولة؛ فالدولة العميقة والنفوذ السياسي قد عطلوا مؤسسات الرقابة والمحاسبة في الدولة؛ الأمر الذي زاد من نسبة الفساد وتفشيه. فالرشوة باتت تعتبر هدية أو إكرامية أو بدل إتعاب إجراء معاملة ما. وترتفع قيمتها حسب أهمية المعاملة.

وقد اقتطفت بعض ما جاء في بحث للزميل محمد علي جعفر نشر في موقع العهد الإخباري بعنوان "أجهزة الرقابة في لبنان: قراءة في الدور والفعالية"، بتاريخ 19 آب/أغسطس2019 التالي :-

"تتعدَّد مؤسسات الرقابة في لبنان وهي مجلس الخدمة المدنية، ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي. يعمل مجلس الخدمة المدنية على تأمين كل ما يتعلق بشؤون موظفي القطاع العام من التعيين الى الترقية والنقل والتعويض ... الخ. يتولى ديوان المحاسبة مهمة القضاء المالي عبر مراقبة استعمال الأموال العامة وفق الأنظمة والقوانين ومحاكمة المخالفين. يتولى التفتيش المركزي مراقبة العمل الإداري للمؤسسات العامة وتنسيق الأعمال فيما بينها".

"ويُشكل هذا المثلث الرقابي دورة منظومة الرقابة في لبنان والتي تغطي موارد الدولة البشرية والمالية والإدارية. فهل تُمارس هذه الأجهزة دورها بشكل فعَّال؟"

وقد تم تعطيل عمل اجهزة الرقابة نتيجة النفوذ السياسي. فقد أقر المجلس النيابي إنشاء شركة سوليدير بضغط من الرئيس الشهيد الحريري، مخالفًا الدستور اللبناني. فشركة سوليدير قضت على الملكية الخاصة التي كفلها الدستور اللبناني؛ وإضافة إلى ذلك فقد تم إعفاء سوليدير وهي شركة ربحية من الضرائب.

وللعلم فإن هذه الشركة هي السبب الرئيسي في أزمة لبنان الإقتصادية التي نعيشها اليوم. فقد سحبت من السوق 1.65 مليار دولار؛ فوضعتها في المصارف اللبنانية واخذت فوائدها وبذلك جففت السوق من السيولة، وصادرت الأملاك الخاصة. وفي فضيحة كبيرة، تنازلت الدولة لصالح سوليدير عن سيادتها على المنطقة الخاصة بسوليدير في وسط بيروت وهذا خرق فاضح إضافي للدستور الذي لا يُجَوِّز التنازل عن أي جزء من الأراضي اللبنانية.

ووجه الرئيس الشهيد الحريري الضربة القاضية للإقتصاد اللبناني؛ فاستغل جشع أصحاب المصارف من الذين تهافتوا على دفع أموال المودعين إلى الدولة اللبنانية بشخص رئيس الحكومة مقابل فائدة تزيد عن 45% واخذت المصارف بالمقابل سندات خزينة لا قيمة لها بسبب عدم قدرة الدولة على السداد. وهكذا تمت ضياع حقوق المودعين نتيجة جشع وطمع أصحاب المصارف.

وقد امتنعت المصارف عن إعادة الودائع إلى أصحابها ونتيجة لضغط الدولة العميقة وأصحاب النفوذ؛ رفضت المحاكم إستقبال أي شكوى ضد المصارف وهذا مخالف للدستور.

ومن المفارقات العجيبة هي الأحكام والإجتهادات القضائية التي سببت كوارث إجتماعية لمعظم اللبنانيين. فقد اصدر المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم قراره الشهير بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للمصارف في لبنان لحفظ أموال المودعين.

وفي اليوم التالي أبطل المدعي العام عويدات قرار القاضي علي إبراهيم نتيجة. إجتهاد خاص بناء اَلمعلومات من حاكم مصرف لبنان ورئيس الحكومة وجمعية المصارف "بأن سمعة لبنان المالية ستهتز" ، ولن يتم التعمل دوليًا مع المصارف اللبنانية". ولكن من يقرأ الخبر الذي وزعته جمعية المصارف وضعت المدعي العام موضع الشك والريبة. حيث جاء في نص الخبر" أن القرار جاء بعد زيارة للمدعي العام مساءً وتناولوا العشاء معه" .

وفي جانب آخر جاء قرار القاضي بالحجز على الباخرة روسوس مع حمولتها بالرغم من خطورتها. ولم يتم تسليمها للجيش اللبناني بحسب القوانين اللبنانية لأنها مصنفة مواد متفجرة. وقد تم تعيبن حارس قضائي عليها.

وتقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي أكد في تقريره في 07 تشرين الأول/أكتوبر 2020 أن 552 طنًا فقط من نترات الأمونيوم هي التي إنفجرت.

وهذا التقرير يكشف حجم الفساد المستشري في مرفأ بيروت الذي سمح بسرقة 2200 طن من نترات الأمونيا من مرفأ بيروت بالرغم من وضعها تحت الحجز القضائي.

إن الحديث عن قضايا الفساد في لبنان يحتاج إلى عدة مجلدات لتدوبنها: ومن أغربها صدور عدة مذكرات توقيف بحق حاكم مصرف لبنان ويبقى الحاكم مجهول الإقامة بالرغم من عقدة عدة لقاءات صحفية، وإجراء عملية التسلم والتسليم مؤخرًا مع نائبه الأول. ومع هذا فبناء لبنان ممكن؛ ولكن يجب القضاء على الفساد والمفسدين مهما علا شأن المفسد وتفعيل اجهزة الرقابة والمحاسبة.

وإن غدًا لناظره قريب

21 آب/أغسطس 2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري