كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "لبنان يمتلكُ مُقَوِّماتِ النهوضِ، مَن يَمنَعَهُ منهُ"؟
د. إسماعيل النجار
17 أيلول 2023 , 00:14 ص


لبنانُ ليسَ بلداً فقيراً معدومَ الإمكانيات.

هذا البَلَدُ الصغيرُ بمِساحتِه، أغنى العالمِ وأثراهُ بالعقولِ النَيّرَة، حتى وصلَ صَدىَ إنجازاتهِ كلَّ المعمورة.

وعلى الصعيد الِاقتِصاديّ، لبنانُ يُعتَبَر مركزاً مهماً بالنسبةِ للتجارةِ العالمية، ونقطةَ وَصْل ً بين الشرقِ والغرب، كَونَ مَوْقِعِهِ مُطِلٌّ على سواحلِ أوروپا.

ولبنانُ يمتلكُ ثروةً ضخمةً من النفطِ والغازِ، في باطنِ البرِّ والبحر، وإلِاكتشافاتُ التي حصلت في خمسينياتِ القرن ِالماضي، في منطقةِالبقاع ِالشمالي سهل البقاع والبقاع الأوسط، تؤكدُ وجودَ الغازِ والنفطِ في بلادِنا، لكن مُنِعَ هذا البلدُ من اِستِخراجِ هذه الثروةِ، لِضَعْفِه، ولوجودِ حقولٍ مشتركةٍ مع سورية الأقوىَ منه.

أيضاً لبنانُ لَدَيْهِ مصادِرُ مياهٍ معدنيةٍ كثيرة، منها نهرُ العاصي، ونبعُ اليمونة ونبعُ سباط، وروافد الليطاني في البقاع، ونبع الوزاني والحاصباني ونهر القاسمية والأولي جنوباً، والنهر الكبير شمالاً ناهيكَ عن مئاتِ الينابيعِ والروافدِ في كل أرجاءِ البلاد.

يتوزعُ مايزيد عن العشرينَ مليونَ لبنانيٍّ مغتربٍ خارجَ البلاد، لَدَيْهِمُ الإمكانياتُ والثروات، منذُ أكثرَ من مئَةِ عامٍ،شكلوا نهراً مُتدفِّقاً منَ السيولةِ طيلةَ هذِهِ السنينَ إلى مَوْطِنِهم الأصليّ.

وكانت حركةُ المصارفِ اللبنانيةِهيَ الأنشطَ عالمياً، ونالتْ ثِقةَ المُودِعينَ المحليينَ والعربِ والدوليين.

لبنانُ ليسَ بلداًفقيراً،ولَدَيْهِ فائضٌ من الثروةِ، ولكن يُقابِلُهُ فائضٌ في مستوى اللصوص.

واللِّصُّ اللبنانيُّ يتميّزُ عن غيرِه؟

من مميزاتِ اللصِّ اللبنانيِّ أولاً هوَ مسؤولٌ في الدولة، وصاحبُ منصبٍ وكاريزما، "حكوجي"من الطراز الرفيع، وشاعرٌ وَوَقِحٌ وابنُ حرام.

ثانياً، لديهِ القدرةُ على الوقوفِ على المنبر وإلقاءِ خطابٍ بِالعِفّةِ والشفافيةِ ومحاسبةِ اللصوص، من دونِ ان يَرِفَّ لَهُ جَفن.

لكن، أيَّ لُصوصٍ يعني في خطابِهِ، اللهُ أعلم؟

ربّمايعني الشعبَ المظلوم!

تنتمي فئةُ اللصوصِ الرسميينَ الكبارِ في لبنان إلى جميع ِ طوائفِهِ وفئاتِ مجتمعهِ، منهم البيكُ ومنهم الميرُ ومنهم الشيخ ومنهم مَنْ يَدَّعِي محاربَةَ الإقطاع، ومنهم السيادِيُ، ومنهمُ الِانعِزالِيُّ ومنهم رجالُ دين ٍ عملاءُ مُنقادونَ للخارج.

كما يتميَّزُ اللِّصُّ اللبنانيُّ، عن غيرهِ من لصوصِ العالم، بأنّهُ أنيقٌ ومُعَطَّرٌ دائماً،يلبَسُ ساعةً فاخرة، ويمتلك شققاً فخمةً وسياراتٍ فارهةً، ولسانُهُ "بسبعِ فراشات"، يرفعُ دائماً شعارَ مُكافحةِ الفساد.

هؤلاء النُخَبُ الرفيعةُ من اللصوصِ اللبنانيينَ نهبوا أموالَ المُودِعين وأموال الخزينة وسرقوا الأملاك البحرية والمشاعات والسلطة،

واحدة من أهم ميِّزاتهم أنهم ينامون وعيونهم مفتوحة على كل قرش يأتي إلى الخزينة، وآذانهم تسمع فقط أخبار الصفقات وغير مبرمجة لسماع أنين المرضىَ المتألمين أو الفقراء الجائعين،

أبناؤهم لا يشبهون أبناءَنا فهم يسكنون القصور ذاتَ القبابِ العالية، فيما نحن الفقراءَ بعضُ أبنائنا، في قبورٍ شواهدُ أسمائهم عليها أيضاً عالية، والبعضُ الآخرُ يسكن قريباً من قبرِ أخيه او ولدِه أو أبيه.

لصوصُ لبنانَ جميعُهم ينتمون إلى أحزابٍ ترفعُ شعاراتٍ ذهبيةً، وفي كلِّ موسم ِاِنتخاباتٍ تكون وُعودُهم ماسيةً، يختفون بعدها لِأربَع ِ سنواتٍ أُخرى،

لديهم، أعني اللصوصَ اللبنانيينَ، حاسةَ شَمٍّ قويةً تُرشِدُهم إلى وجودِ مالِ هنا أو هناك، وصفقه هنا أو هناك، تتفوَّقُ حاسًتُهُم على حاسَّةٍ شَمِّ الكلابِ لرائحةِ اللحوم في أي مكان.

إذاً لبنانُ ليسَ فقيراً،وليس بحاجةٍ إلى قروضٍ دولية، لكنَّهُ بحاجةٍ إلى إبادة تلك القرودِ البشريةِ التي، إذا اتفقت فيما بينها، أكلتِ المحصولَ، وإذا اختلفت أتْلَفَتْهُ عن بِكرَةِ أبيه.

أليسَ هذا ما هو حاصلٌ، ويحصُلُ في لبنان؟

بيروت في...

16/9/2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري