بن سلمان يبتز الامريكان ، في لحظة تشابك المصالح واضطراب امن الطاقة والمعلومات
مقالات
بن سلمان يبتز الامريكان ، في لحظة تشابك المصالح واضطراب امن الطاقة والمعلومات
د. محمد صادق الحسيني
22 أيلول 2023 , 12:35 م


كتب د. محمد صادق الحسيني

ثمة امر يطفو على السطح ، في الاونة الاخيرة صعوداً ونزولاً، يتعلق بمدى متانة العلاقة بين مجموعة بن سلمان الحاكمة في الرياض منذ انقلابه على السياسة التقليدية السعودية المعروفة ، وبين ادارة بايدن المتذمرة منه ، لكنها التي لا تريد التفريط به لتتلقفه روسيا او الصين او كليهما …!

الامر الذي يتكرر اخيرا في الانباء القادمة من وراء الكواليس ، بان ثمة برودة في العلاقة بين بن سلمان وادارة بايدن ، لكنهما لا يترددان على ابقاء التخادم المشترك بينهما ، دفاعاً عن مصلحتين مشتركتين:

امن اليهود…

وامن الطاقة…

وفي هذا السياق ، تظهر دوماً وقائع ومعطيات تدفع في هذا الاتجاه مرة ، واخرى في الاتجاه الاخر .

فقد نشر موقع : Middle East Eye  موضوعاً ، منقولاً عن  صحيفة وول ستريت جورنال / WSJ / الاميركيه ، بتاريخ ١٤/٩/٢٠٢٣ ، حول عقد تسلم سعودي ، مع شركة : رايثيون / Raytheon / التي تغير اسمها الى اسم : RTX / Raytheon Technologies Corporation /  ،

واهم ما جاءنا من الموضوع هو التالي : 

١) ان سبب فسخ الشركة الاميركية لعقد التسلح الضخم ، الذي وصلت قيمته الاجمالية الى خمسة وعشرين مليار دولار ( ٢٥ مليار) ، هو  وجود تعاون بين  شركة  :  " سكوبا / Scopa / السعوديه ، الموقعه على العقد ،  وبين شركات روسية وصينية خاضعة للعقوبات . 

٢)  كان من المفترض ، حسب العقد الموقع ، ان يتم انشاء صناعة رادارات وانظمة دفاعيه اخرى ، في السعودية ، قادرة على التصدي للهجمات ، التي قد تتعرض لها السعودية ، بالصواريخ الباليستية والمسيرات .

٣) الا ان قيام صاحب الشركة السعوديه ، محمد  العجلان ، بانشاء شركتين فرعيتين لشركته المذكورة اعلاه ، وهما : 

– شركة تال ميليتاري إندَستريز /  Tal Military Industries وشركة : سيفا ميليتاري إندستريز  / Sepha Military Industries  /  ، وقام بتعيين رئيس روسي للشركه الاولي ورئيس صيني للشركه الثانيه ،ليتبين لاحقاً ان شركة : سيفا السعوديه كانت تجري مباحثات مع شركات روسية ومن روسيا البيضاء لبحث كيفية الالتفاف على العقوبات الاميركية . 

٤) كما تبين ( للجهات الامنية والمالية الاميركية) بان شركتي : تال إندَستريز  وسيڤا إندَستريز ، اللتان تشاركان شركة سكوبا ،  العسكرية السعودية ، خوادم الكمبيوتر  ( الذي يتيح للشركتين الوصول الى المعلومات الموجودة في انظمة الكمبيوتر التابعة للشركة السعودية الام : سكوبا  ، التي كانت تحاول الوصول الى معلومات ( عسكرية / صناعية ) حساسة ، من انظمة شركة رايثيون الاميركية ……. ( الامر الذي يشكل خطرا بانتقال هذه المعلومات ، عبر الشركات السعودية ، الى كل من الصين وروسيا ودولة روسيا البيضاء ) . 

٥) كما يتضح من وثيقة ( لدى الجهات الاميركيه ويبدو ان صحيفة وول ستريت جورنال الاميركية قد اطلعت عليها ) ان شركة  سيفا السعودية قد بحثت ، مع شركة : Russia’s Military & Co  ، تسويق ذخائر روسية ، اضافة الى عربات مدرعة وانظمة استطلاع وتتبع روسية ايضا ( على ما يبدو في السعوديه وغيرها) . 

كما بحثت الشركة السعودية المذكورة  ،. مع شركات روسية ، اقامة مصانع لتجميع مروحيات قتالية وصناعة عربات مدرعة روسية في السعودية …… حسب صحيفة وول ستريت جورنال . 

٦) ان مسؤولاً اميركيا قد ابلغ الصحيفة ( وول ستريت جورنال ) بان السفارة الاميركية ، في الرياض ، كانت تتابع كل هذه التحركات ، التي كانت تقوم بها شركات العجيلان السعودية ، مع الشركات الروسية المقاطعة . 

وهي خطوات ،على ما يبدو  ،  تعبر عن محاولة سعودية للتوفيق بين علاقاتها مع الغرب وتلك العلاقات المتنامية مع الصين وروسيا . 

٧) واضافت الصحيفة ان شركات صناعات عسكرية غربية اخرى قد حذت حذو شركة رايثيون الاميركية ، واقلعت عن التعاون مع السعودية ، وذلك مثل شركة :  بيريتَّا ديفينس تيكنولوجيز /Beretta Defense Technologies الايطاليه وشركة : فين كانتييري شيب بيلدَر ْ /Fincantieri  shipbuilder SpA  الايطالية لصناعة السفن . 

تقييم اولي :

وعليه فان اي متتبع حصيف عارف بطبيعة اتخاذ القرارت وصناعتها في مثل هذه البلدان بان هذه الشركات الغربية ،المرتبطة عادة ، بشكل وثيق جداً  ، بالدولة العميقة في بلدانها ، لا تتخذ قراراتها الا بايحاء من تلك الدولة ، الامر الذي يعني ان السعودية ( وبالتالي بن سلمان ) ليست محل ثقة .

وعليه فاننا نعتقد بان ما تتناقله وسائل الاعلام ، حول اقتراب التطبيع بين السعودية و"اسرائيل" ، قد يكون ليس سوى حملة بروباغاندا  ،  لصالح حملة جو  بايدن الانتخابية ، وانها لن تسفر عن نتائج حقيقية سريعاً ، وذلك لسببين اضافيين هما: 

أ ) ان مطالب السعودية ، الاخرى غير الموضوع الفلسطيني ، مثل اتفاقية الحماية العسكرية الاستراتيجية والقدرة النووية ، لا يمكن ، لا للادارة الاميركية الحالية ولا غيرها ، الموافقة عليها ، ما يجعل كل هذه الحملة ليست اكثر من حملة تسويق اعلامية محدودة المفاعيل .

ب ) ان لا حكومة نتن ياهو الحالية ولا اية حكومة اسرائيلية قادمة ، يمينية ام غير يمينية ، لديها الرغبة في ايجاد حلول مستدامة للقضية الفلسطينية (انهاء الاحتلال ) وانما هم يسعون لحلول ترقيعية ، يحافظون من خلالها على كيانهم وعلى استمرار الاحتلال لكل فلسطين ،  من خلال ما يطلقون عليه :

السلام الاقتصادي ،الذي لن يكون قادراً على كسر ارادة الشعب الفلسطيني وتصميمه على تحقيق النصر الكامل بتحرير كل فلسطين ، من النهر الى البحر . 

بعدنا طيبين قولوا الله

المصدر: موقع إضاءات الإخباري