عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
ألف نتنياهو حكومته من اليمين المتشدد بالرغم من ابتزازهم له؛ وبعد عدة أيام من أخذ الحكومة الثقة طرح نتنياهو مشروع قانون الإصلاحات الإدارية للسيطرة على صلاحيات القضاء وتعيين القضاة ليضمن عدم محاكمته. فبدأ بذلك بنخر أساسات الكيان المؤقت، وسبب ولأول مرة في تاريخ الكيان شرخَا كبيرًا عاموديَا وأفقيًا بين كافة مكونات هذا الكيان لا يمكن رأبه. وزاد من حدة هذا الشرخ مظاهرات المعارضة الحاشدة المستمرة منذ طرح هذا المشروع. فالمظاهرات ضد تعديلات القضاء لا تزل مستمرة للأسبوع الـ39. وتصف المعارضة خطة نتنياهو لإصلاح القضاء بالانقلاب حسب ما اوردته وكالة رويترز.
وقد تظاهر عشرات آلاف الأشخاص أمس، السبت 30 أيلول/سبتمبر 2023، ضد خطة التعديلات القضائية المثيرة للجدل، وذلك للأسبوع الـ39 على التتالي وفق وسائل إعلام عبرية.
وقالت هيئة البث الرسمية، إن آلالاف شاركوا في التظاهرة المركزية التي انطلقت من شارع ديزنغوف باتجاه شارع كابلان وسط مدينة تل أبيب حيث تجمع عشرات الآلاف للاحتجاج ضد خطة التعديلات القضائية لحكومة نتنياهو.
"ويهدف قانون الحد من المعقولية إلى تقليص سلطات المحكمة العليا في تعطيل قرارات حكومية على ضوء احتمال تضاربها مع المعقولية.
وتهدف الخطة التي تريد حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة تطبيقها إلى الحد من سلطة المحكمة العليا، وتعطي البرلمان سلطات كبرى باختيار القضاة.
كما يهدف هذا المشروع إلى زيادة سلطة المسؤولين المنتخبين على القضاء. ويرى منتقدوه أنه يهدد ما يعتبرونه "الطابع الديمقراطي لإسرائيل" ويمكن أن يساعد في إلغاء إدانة محتملة لنتنياهو الملاحق بِتُهم فساد في عدة قضايا."
وقد سبقتني إلى نفس العنوان صحيفة الغارديان بتاريخ 04 شباط/فبراير 2023: "نتنياهو تهديد وجودي لإسرائيل، يمكن مقاومته لكن فقط بدعم فلسطيني" - في الغارديان
وقد أولت الصحف البريطانية الصادرة السبت بتاريخ 04 شباط/فبراير 2023 إهتماما واسعا بما أسماه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بخطة الإصلاح القضائي في إسرائيل، حيث تناولته في صفحاتها للرأي وفي صفحاتها للشرق الأوسط.
نبدأ من صفحة الرأي في صحيفة الغارديان، ومقال لجوناثان فريدمان بعنوان "نتنياهو تهديد وجودي لإسرائيل، يمكن مقاومته لكن فقط بدعم فلسطيني".
يقول الكاتب إن دانيال كانيمان، المفكر الإسرائيلي وعالم الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، تحدث إليه قائلا "إنه محض رعب، وهذا هو أسوأ تهديد لإسرائيل منذ عام 1948"، عام تأسيس الدولة .
ويضيف أن كانيمان، كان يتحدث عما يسميه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خطته "للإصلاح القضائي" ، لكن ما يصفه الآخرون “بأنه نزع أحشاء المحاكم الإسرائيلية، وتسليم السلطة غير المقيدة إلى الحكومة".
وبدأ نتنياهو مجددًا بنخر آخر مدماك في أساس الكيان المؤقت؛ فهو سيتقدم بمشروع قانون إلى الحكومة يقضي بإعفاء طلبة العلوم الدينية من التجنيد الإجباري. وهذا المشروع سيؤدي حتمًا إلى الصراع بين المتدينين والعلمانيين الأمر الذي سينجم عنه تصدع كامل أسس الكيان المؤقت وتآكله من الداخل وعودتهم من حيث أتوا.
وقد أشار أمس نائب رئيس الأركان الأسبق اللواء إحتياط دان هرئِل إلي هذا الخطر الداهم فقال: "لم يسبق أن رأيت "الأمن القومي لإسرائيل" في وضع أسوأ من هذا" . مؤكداً أنّ "إقرار قانون منح طلبة المدارس الدينية إعفاء كاملاً من التجنيد سيسبب انخفاضًا في حافزية المتجندين وإلى تفكك حثيث للجهاز النظامي للجيش الإسرائيلي"، كما شدّد على أنّ "هذه نهاية جيش الشعب والمعجزة التي صنعناها هنا".
وبحسب صحيفة "هآرتس"، ألقى هرئل كلمة في التظاهرة أمس ضد التعديلات القضائية في تقاطع كابلان في "تل أبيب"، قال فيها إنه "لم يسبق أن رأيت أمننا القومي في وضع أسوأ. الحكومة الخبيثة تؤدي إلى تفكك الجيش الإسرائيلي وإلى خطر وجودي حقيقي".
ولفت اللواء هرئِل إلى أنّ "الخطوات التي قامت بها الحكومة لإضعاف المحكمة العليا سبق أن أدّت إلى ضررٍ عريض في جهاز الاحتياط للوحدات الأكثر أهمية في الجيش الإسرائيلي، وإلى فقدان كفاءة وقدرة عملياتية مهمة"، مشيراً إلى أنّ الضرر "يسري رويداً رويداً أيضاً إلى الجهاز الدائم النوعي الذي هو الهيكل الذي يقوم عليه الجيش الإسرائيلي، وهذه ليست النهاية".
فتآكل الكيان المؤقت الحتمي أصبح قاب قوسين أو أدنى، ولن يحتاج المقاومون إلى إطلاق أية رصاصة لزواله. فنتنياهو قد تعهد بذلك.
وإن غدًا لناظره قريب
01 تشرين الأول/اكتوبر 2023