كتب الأستاذ حليم خاتون:
سنة ٦٧، طلب الغرب والسوفيات على حد سواء من جمال عبدالناصر عدم البدء بالحرب وسط تأييد غربي عارم للكيان الصهيوني...
صدّق عبدالناصر ظاهر الأمور تماما كما يطالب اليوم اتباع أميركا في لبنان والعالم العربي ان يجري على الحدود اللبنانية الفلسطينية...
في الخامس من حزيران ٦٧، فاجأت اسرائيل مصر وسوريا والأردن، رغم أن الأخير كان ولا يزال حليفاً تابعا للأميركيين بالمطلق، وتم ضرب الطائرات على الأرض وسحق الجيوش العربية الثلاثة عبر صيد القوات من الجو دون أية حماية...
صدر القرار ٢٤٢ الذي تعمد الغرب اللعب فيه بين النسخة الانكليزية والنسخة العربية ووافق العرب على وقف إطلاق النار بانتظار تنفيذ القرار وانسحاب الصهاينة؛
لا تزال الجامعة العربية حتى اليوم تنادي بانسحاب لن يتم إلا وفق الشروط الإسرائيلية في خضوع العرب وانشاء اسرائيل الكبرى من النيل لى الفرات...
عندما لام عبد الناصر الجنرال ديغول الذي كان بين الذين تعهدوا لعبد الناصر بعدم الهجوم على مصر؛ سأله الرئيس الفرنسي سائلا:
لماذا وافقتم على وقف إطلاق النار؟
حتى لو دخل الجيش الاسرائيلي إلى القاهرة ودمشق وعمان، ما كان يجب القبول بالقرار...
ليس المهم أن يدخلوا. المهم أن يستطيعوا البقاء."
برأ ديغول نفسه... وطلع الحق على الذي يصدق دول الإستعمار...
يهدد نتنياهو...
ساعة باجتياح غزة، وساعة أخرى بإعادة لبنان إلى العصر الحجري...
هناك في جبهتنا الداخلية من ينظّر لعدم ضرب اسرائيل بحجة أن هذا ما يريده نتنياهو تحت غطاء دعم الأساطيل الأميركية والتعجرف البريطاني / الغربي...
لا الدعم الأميركي، ولا التعجرف الغربي سوف يختفيان؛ لا اليوم، ولا غداً...
اسرائيل ليست دولة يهودية...
اسرائيل قاعدة متقدمة للغرب لإخضاعنا إلى الابد تحت نير الاستعمار الذي ينهب ثرواتنا، ويمنعنا من التطور...
لذلك، أي قول بعدم ضرب اسرائيل لهذه الأسباب المذكورة أعلاه، هو محض خضوع لأكاذيب الغرب وإن أتت على ألسنة عربية...
في المقابل، لا احد يطلب من حزب الله الذهاب إلى حرب انتحارية على طريقة الهنود الحمر...
ما يفعله حزب الله حتى اليوم هو التفاعل مع ما يحدث في غزة دون رفع الاصبع عن الزناد...
لكن هذا لا يعني أن يقف حزب الله حارساً لحدود الكيان كما تطلب أميركا واتباعها في لبنان...
عندنا أكثر من خمسمائة ألف لاجيء فلسطيني لا يحق لأي كان منعهم من القتال للعودة إلى بيوتهم...
من يريد منعهم، ليتفضل ويفعل ذلك بنفسه سواء كان من التيار أو من القوات أو من الكتائب...
أساسا، لو كان هؤلاء وطنيين فعلاً، فما يجب فعله هو فتح كل الطرق لهؤلاء الفلسطينيين للذهاب إلى فلسطين بالطريقة المتوفرة ومساعدتهم على المرابطة على تلك الحدود إلى ما شاء الله مع توفير كل الدعم المادي والمعنوي لهم لتحقيق حق العودة...
لا حزب الله سوف يمانع، ولا الفلسطينيون ولا أهل الجنوب والبقاع الغربي...
هذا أقل ما يمكن فعله لأن من يراهن من اللبنانيين على حشر حزب الله بين مطرقة إسرائيل وسندان عملائها في الداخل، واهم فعلا...
حزب الله الذي قاتل كل حلف الأطلسي وعملائه التكفيريين في سوريا لن يقع في المصيدة...
هو يقول لأهل السنة في لبنان إنه لن يقف في وجه أهل السنة في فلسطين، بل سوف يدعمهم بكل ما أوتي من قوة ومن يريد منهم خذلان الإسلام والمسلمين فليقل هذا جهاراً وليتفضل لمنع الفلسطينيين من القتال من اي موقع يستطيعون فيه ضرب عدو الله وعدو الوطن...
أما من ينتظر اجتياح غزة برا... حلم ابليس بالجنة أسهل...
قد تدمر غزة، كما كان يقول ميشال عون، لكن أحداً لم يستطع، واحداً لن يستطيع إخضاع الشعب الفلسطيني، لا اليوم، ولا غداً...
أوسلو سقطت...
التطبيع سقط...
خط الهند الخليج اسرائيل، سقط...
اسرائيل سقطت ولن تقوم لها قائمة بعد اليوم، جاء الاميركيون أم لم يأتوا...
غزة ليست بيروت...
لن يجرؤ أحد على منع غزة من أن تكون ستالينغراد فلسطين، وأن يبدأ من هناك تحرير العالم العربي من الخونة والمطبعين...
أما نحن، أهل الجنوب...
نحن أهل الثغور منذ الحمدانيين وحتى اليوم...
نضع أيدينا بايدي إخواننا المظلومين والمستضعفين في هذا العالم ونمشي معهم على درب التحرير...
إن نجحت قطر بالوصول إلى تسوية لإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة وغزة، لأن الأحداث تجاوزت فعلاً تبييض السجون؛
يكون هذا أبغض الحلال بشرط عدم ارتكاب أية مجازر ضد أهل ال ٤٨، أو القيام بأي تطهير عرقي مع تأمين حماية دولية لهم...
وإلا، الميدان موجود...
هو الفيصل، أراد محمد السادس ومحمد بن زايد أم لم يريدا...
هي أيام قليلة علينا القتال فيها بالحد الأدنى المطلوب...
مطالب الفلسطينيين يجب أن يكون سقفها الأدنى دولة على أراضي ال٦٧...
ومطالب اللبنانيين يجب أن تكون كفرشوبا ومزارع شبعا وفك جميع المخيمات وارجاع جميع اللاجئين والنازحين من كل الجنسيات إلى بلادهم ورفع اليد عن لبنان والتوقف عن عمليات التخريب مباشرة من قبل العرب أو عبر أدواته في السلطة التي قامت منذ إعلان لبنان الكبير وحتى اليوم، بما في ذلك قانون قيصر وغيره...
إما هذا، وإما الحرب...
لنرى من يستطيع هزيمة شعوب حرة تريد امتلاك قرارها...