كتب المستشار المحامي قاسم حدرج:
مقالات
كتب المستشار المحامي قاسم حدرج: "ساكن السرداب ويوم الحساب".
5 تشرين الثاني 2023 , 20:17 م


قالوا: إنّّ سيِّدَكم مختبىءٌ في سرداب، ولا يملك سلاحاً،إلّا حُسْنَ الخطاب،

فأيُّ قائدٍ هذا الذي يخاف أن يخطوَ الأعتاب، وها هو اليومَ صامِتٌ وعن الساحة قد غاب.

فما بالُكُم به فرحون، هلَّا أطلعتمونا على الأسباب؟

صمَتْنا قليلاً فأطميأنّوا، وسخِروا، وقد ظنّوا أنّنا عاجزونَ عن الجواب.

قُلْنا لهُم: مهلا أيُّها الجهلةُ سؤالُكم لايستحقُّ الجواب، فسيِّدُنا خُطّتْ سيرتُهُ ومسيرَتُهُ آياتٌ في محكم الكتاب، لكنّ أبصارَكُم قد عَمِيَتْ عنها، لأنّكم إمّا كافرٌ جاحد، وإمّا مُدعِي إيمان كذاب.

لذا، سنتلو عليكُم البرهان،

معَ عِلْمِنا أنّ حُجّّتَنا لنْ تجاب.

فإن اختبأ سيدُنا فمِنْ قَبْلِهِ أوى فِتْيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِم إلى الكهفِ، وكانوا آيةً من آياتِ اللهِ العِجاب.

وإن يَخَفْ فقد خافَ مِنْ قَبْلِه ِ موسى، وعندما ناداهُ ربُّهُ: لاتَخَفْ، كانت لهُ النبوَّةُ أجراًوثواب،وعادإلى فرعونَ مُؤَيَّداً، وأبطلَ سحرَهُ،وحق على الكافرِ العذاب.

ومحمدٌ (ص) اختبأ في مغارةٍ، ولم يَكِنْ معَهُ فيها سوى صاحبٍ من الأصحاب والقومُ في أثَرِهِ فَاقِدو الصواب، فأنجاهُ اللهُ بعنكبوتٍ وحمامة، ونَصَرَهُ، والكافرُ ظَنُّهُ قد خاب ..وإذ حاصرَهُ القَومُ في واقعةِ الأحزابِ، أوْمَأَ بأصبَعِه، فالنبرى لهم أسَدُ الغاب، وجندَلَ بَطَلَهُم بضربةٍ، بيدِ السماء، فانْهزَمَ حِلْفُ صهيونَ معَ الأعراب.

أمّا صَمْتُهُ،فهوَ أسمى أنواعِ العبادةِ التي تَسْبِقُ المُعْجِزات.

فمِنْ قَبْلِهِ صامَ زكرِيّا عنِ الكلام، فرُزِقَ بغلامٍ، وكان الشَّعرُ مِنهُ شاب، وأمرأتُهُ عاقرٌ عاجزةٌ عنِ الإنجاب.

ومريمُ نَذرَتْ للرحمٰن ِ صَمْتَها صوما، فتكلَّمَ وليدُها في المَهْدِ، لِيُسْقِطَ عنها كلَّ لَوْمٍ وعِتاب.

وهكذاهوسيِّدُنا مِنْ سُلالَةِ الأنبياءِوالأولِيَاء،فكيف لكم أنْ تَفْقَهوا أنّ مَنْ أُغْلِقَ عليهِ بابٌ مِنْ صُنْع ِ بشر، فَتَحَ اللهُ لهُ في السماءِ ألفَ ألفِ باب.

وما أدخلَنا يوماً في بابٍ إلّا وكان النصرُ مُنْتَهاه، وكأنّهُ يحملُ عصا موسى بِيُمْناهُ، والسيفُ ذوالفقار بيسراه، والجبالُ تَخِرُّ سُجّدا متى تراه.

وأسألوا جبالَ سُجُد، والريحان، وصافي، يأتِكُمُ الجواب، من تلّةِ موسى وجبلِ الشيخ، كيف أنّنا بنداءِ: لَبَّيْكَ نصر الله، نُلْقِي الرُّعْبَ في قلوبِ الذين كفروا، وكيف كنا نعقُد جبينَنابالنصرِّ قَبْلَ المعركة، لِشِدَّةِ يَقينِنابأنَّ اللهَ ناصرُنا، وكيف لا، ونحنُ فِتْيَةُ نصرِ الله؟

و بنداء حي على الجهاد، في سبيل الله، تُصبِحُ الجبالُ أمامنا وِهاد.

سيدُ السِّرْدابِ هذا قد حَيَّرَ بِبَأْسِهِ العُقولَ، وأَسَر َبِحُبِّهِ الألباب.

إذا تكلَّمَ وقفَ العالمُ لِيَحْسِبَ لِكلماتِهِ ألفَ ألفِ حساب، وإذا صمتَ أدخلَ العالمَ في دُوّامَةِالغموضِ، بحثاً عن الأسباب.

كلامُهُ يُرعِبُ الأعداء، صَمْتُه يُخيفُ هؤلاء،بِحضورِه يملأُُ الأرضَ حضورا، و غيابُهُ حضورٌ يَطغى على حضورِ الحاضرين، ويصبحُ مدارَ تساؤلِ الباحثينَ،وتحليلِ

المحللين،وحتى المنجمون يشتغلون بالتّنْظير.

هذا هو سيدنا، فهل تعلمون له من نظير .

هو الأسدُ في الميدان، هو سيدُ النصرِفي الحروب، هو مالئُ الدنيا وشاغِلُ الناسِ مُنذُالشروق وحتّى الغروب، هو "نصرُ اللهِ"على الاعداء، هو وليُّ اللهِ في المِحراب، ومتى مادعا، ربُّهُ استجاب.

*ذاكَ هو َسَيِّدُ السِّردابِ الذي لا يملِكُ منْ حُطامِ الدُّنيا، إلّا عِمَّةً سوداءَ وجلباب.

لا تراهُ العيونُ، فهو يسيرُ فَوْقَ السَّحاب، يَعْبُرُالأوديةَ والجبالَ والهضاب، يَرْقُبُ مساراتِ العَدُوِّ، بعينٍ ثاقبةٍ وقلبٍ لا يهاب، حتى إذا ما دقّتْ ساعةُ الحِساب أشار بإصْبَعِهِ، فانهمرت من فوقِ السحابِ زخّاتُ الصّواريخ: رَعْدٌ وزِلزالٌ وشهاب، ثُمّ لا تَنفعُ لِوَقْفِها قِبَبٌ حديديةٌ ولامقالعُ داوودية، ولاتلاوةٌ تَلمودِيَّةٌ من كتاب.

إنَّ وعدَاللهِ حَقٌّ: "لَتَسُومونَهُم سوءَالعذاب، ولتجوسون خلالَ الدِّيار، فإن أعادوا الكرَّةَ، فقد حانَ مَوْعِدُ العقاب.

ونحن نراهُ قريبا ونستعدُّ لهُ رِجالاً ونِساءً، شيبا والشّباب.

وصارَ حَتْماً مَقْضِيا: أن يرحلَ عن أرضِ فلسطينَ الحبيبةِ كُلُّ الأغراب، وإنْ تكالَبَ علينا الصهاينةُ معَ الأعراب،وحاولوا،بالإرهاب، أنْ يَسُدُّوا بِوَجْهِنا الأبواب.

سنأتيهم من فوق ِالأرضِ، ومن تحتِها، وسنَدْخُلُ المسجدَ، كما يدخلُ معَ الفجرِ الضباب.

لَن تستطيعَ الصمودَبِوَجِهِ الأُسُودِ قطعانُ الذئِّاب.

*أيُّها الصعاليكُ إنّهُ السيدُ المُحمديُّ الذي إنْ وَطأَتْ قدماهُ الترابَ تطهّرَالتراب. *أعِدُّوا العُدّةَ، فقدْ قَصُرَتِ المُدّة، فإذا أتاكُم صَوْتُهُ،

فَأَيْقِنوا بأنَّهُ أتاكُم يومُ الحِساب.*

المصدر: موقع إضاءات الإخباري