كتب جورج حدادين,,
اتخذت الحكومة الأردنية خطوة تجميد التوقيع على مشروع الكهرباء مقابل الماء. رداً على العدوان الصهيوني الوحشي المستمر على قطاع غزة .
إثر هذه الخطوة ظهرت وجهات نظر بعض النقابات المهنية ومقاربات فردية، من نمط البحث عن بدائل بالإستعانة بخبراء ، مما يوحي أن حل أزمة المياه في الأردن مرتبط بهذا المشروع، أنها مقاربة بعيدة عن الفهم الحقيقي لجوهر هذا المشروع، الموضوع وسياقه،
الموضوع متعلق في الأساس بإملاءات المركز الرأسمالي في صياغة السياسة المائية في هذا البلد واخضاعها لشروط السلام الاقتصادي المرحلة الثالثة لتصفية القضية الفلسطينية، وحجز التنمية في هذا البلد.
بعض ملاحظات مسبقة قد تساهم في وضع الأمور في نصابها وفي سياقها الحقيقي:
• كافة المشاريع والإتفاقات مع الكيان الصهيوني، الغاز والماء والكهرباء الخ، تأتي في سياق مشروع المرحلة الثالثة " السلام الاقتصادي " لتصفية القضية الفلسطينية ،
ثلاث عناوين لثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: الأرض مقابل السلام، أي إعادة الأراضي المحتلة عام 67 مقابل السلام مع الكيان
المرحلة الثانية: السلام مقابل السلام، أي التنازل عن كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة مقابل اتفاقات سلام مع النظام الرسمي العربي
المرحلة الثالثة : السلام الاقتصادي ، أي بناء مشاريع إقليمية مشتركة للتنمية مع الموافقة على تصفية حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وبناء دولة ، حيث تم تسويق هذه المرحلة تحت عنوان " التطبيع "
وكاد أن يصبح هذا المشروع أمراً واقعاً، في ظل استسلام عربي رسمي، لولا طوفان الأقصى الذي أحدث مفاعيل هائلة على أرض الواقع، على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، تمثل في صيرورة إجبار النظام الرسمي العربي على التراجع التدريجي عن " التطبيع " أي التراجع عن تطبيق مشروع السلام الاقتصادي المفروض على النظام الرسمي العربي من قبل الطغمة المالية العالمية وأداتها حلف الناتو والكيان الصهيوني، ومن أجل ذلك جاء الرد سريعاً من قبل أساطيل وحاملات طائرات وجنود الناتو على ملحمة طوفان الأقصى، التي باتت تداعياتها تؤثر على مصالح المركز، تلك الملحمة التي أعادة للشعب الفلسطيني والأمة العربية جمعاء الكرامة والثقة بالذات، وفجرت صحوة الشعوب العربية والعالمية ضد همجية المركز الرأسمالي العالمي وصنيعته الكيان الصهيوني، وولد حالة تعاطفت غير مسبوقة لشعوب العالم مع القضية الفلسطينية، لتصبح القضية الأولى على جدول أعمال شعوب الأرض.
• النظام الرسمي العربي التابع ، ومن ضمنه الأردن، يخضع لهيمنة الطغمة المالية العالمية ممثلة بإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين أدوات المركز الرأسمالي، بسبب عدة عوامل،
• على صعيد قطاع المياه فرض على الأردن إملاءات صندوق النقد المتمثلة في
سياسة "خصخصة المياه " على خطوات، أي تحويل المياه الى سلعة تخضع لقانون الربح والخسارة بدلاً من كون المياه عبر التاريخ عنصر تنمية تشاركية في المجتمع،
لماذا يتم الرفع التدريجي لثمن المتر المكعب من المياه ، علماً بأن هذا الرفع لا يساوي شئ بالمقارنه مع مردود متر الماء المكعب كعنصر تنمية في قطاعات الإنتاج، في الزراعة والصناعة والسياحة، أي أن الاقتصاد الوطني يرتكز بشكل رئيس على المياه عنصر تنمية، فرفع الاسعار يؤدي الى دمار قطاعات الإنتاج الوطني ، وهذا بيت القصيد.
في الحلقة القادمة تغيير النهج السائد في قطاع الزراعة هو الرد الحقيقي الفعلي والواقعي وغير ذلك فهو وهم.