كتب الأستاذ سامح عسكر حول العلاقة بين اللاجئين والمواطنين في مصر
مقالات
كتب الأستاذ سامح عسكر حول العلاقة بين اللاجئين والمواطنين في مصر
سامح عسكر
10 كانون الثاني 2024 , 07:20 ص

الخلاف في موضوع اللاجئين والمقيمين في مصر هو (شئ صحي) وليس ضارا كما يعتقد البعض..

إنه يُعلمنا كيف نتعامل مع الآخر وكيف نقبل الغُرباء والأجانب، ويفتح الباب للنقاش حول تصوراتنا الذهنية عن شعوب مختلفة..

توجد فئات من المجتمع تبحث دائما عن التحسين الذاتي في حياتها، ويدفعها ذلك لرصد معوقات هذا التحسين وإلقاء الضوء عليه كسبب من أسباب الفشل، وأي مجتمع يضم لاجئين ومقيمين يصعد فيه أناس يفكرون بهذه الطريقة، فيحملون مسؤولية مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية على الغرباء لا على بنية مجتمعهم نفسه وثقافته وطريقة تفكيره ونظام تعليمه..

أنا غير متشدد لرأي واحد في هذا الملف، وبرغم أن رأيي معروف لكنني منفتح على وجهات النظر الأخرى وأبدي استعدادي لمناقشتهم وفهم وجهات نظرهم ، لكن الذي يعيق ذلك أحيانا حضور المتعصبين ودعاة العنف أو الذين يُسارعون في تصنيف الآخرين بمجرد الخلاف..

مشكلة اللاجئين والمقيمين في مصر هي نفسها في السعودية والكويت، هي نفسها في السودان وشمال أفريقيا، حيث يخطئ المهاجر في عدم التأقلم مع ثقافة وسلوك الشعب الجديد، والبعض منهم يريد فرض ثقافته ووجهات نظره وطريقة رؤيته للأمور في مجتمعه الجديد..وهذه مشكلة يعاني منها كثير من المهاجرين المسلمين والعرب حاليا في أوروبا..

الشئ المشترك والمختلف في الحالة المصرية أن الغالبية العظمى من المهاجرين والمقيمين يشتركون مع الشعب المصري في جوانب كثيرة (كالدين واللغة والتاريخ المشترك) لكن يختلفون في جزئيات (العُرف والسلوك) وهنا تخضع الجزئيات للمشتركات فلا يشعر المصري بأنه يتعامل مع غريب..بل مع شخص يشبهه إلى حد كبير..

الشئ المهم الذي أريد لفت الأنظار إليه بحكم تخصصي في الفلسفة..

أن الذين يخوضون في هذا الملف (مع وضد) يجب أن يكونوا على دراية بثنائية (الوجود والصيرورة) بمعنى أن وجودك كمواطن ليس أبديا واحدا بل خاضع لمتغيرات دائمة في الثقافة والسياسة والاجتماع والاقتصاد...إلخ، والذين يناهضون اللاجئين والمقيمين ليسوا نوعا واحدا منهم فئة عانت من هذا المتغير قديما بالحط من المصريين في الخارج وظلمهم أو عدم معاملتهم بشكل جيد..فسلوكهم مجرد رد فعل وانتقام لما حدث لأشقائهم في التاريخ القديم والحديث..

أما الذين يدافعون عن الأجانب ويرون المقيمين كضيوف يجب إكرامهم فليسوا أشرارا، هم ينطلقون من أحد أهم تجارب التاريخ وهو (ضرورة التسامح وقبول الآخر) كنتيجة فورية لتجارب الحروب والفتن والكراهية ، ولمتطلبات الدين والعُرف والأخلاق بإكرام الغريب، فهم إذن ينظرون بمنظار إنساني حكيم ينظر لما أبعد من تحت قدميه، ولديه حجة قوية للغاية وهي (الصيرورة) حيث ما يقدمه للأجانب والمقيمين اليوم سوف يلقاه غدا إذا وقع مكانه، فلو حكمت متغيرات العالم الدائمة أن الضيف يصبح مضيفا والعكس تصبح له الحجة الأخلاقية والعُرفية على كارهيه بما يسهم في إضعافهم وتقوية أحباءه..

المصدر: موقع إضاءات الإخباري