كتب الناشط السياسي محمود موالدي
تتعاظم الأحداث الميدانية منذ السابع من أكتوبر عملية (طوفان الأقصى) لتأخذ مدارا موسعا على صعيد الاشتباك بالتزامن مع دخول جبهات الإسناد والمساندة ورفعها من وتيرة عملياتها بشكل عامودي وأفقي وضمن مسرح عمليات واسع، مسببة استنزاف للعدو في مختلف المجالات، وما حققته العملية النوعية للجمهورية الإسلامية (الوعد الصادق) ردا على العدوان الغادر للقنصلية الإيرانية بدمشق وما حققته من انعكاسات عميقة في مفهوم الردع والسطوة والتفوق التقني للعدو فأبعادها الاستراتيجية التي تكاد أن لا تنتهي باتت مفصلا حيويا في مسار الحرب، فالنظام الصهيوني اليوم بات مكشوفا أمنيا وعسكريا، محاصرا في بيئته الحيوية التي صنعها وتوسع بها من خلال عمليات التطبيع مع بعض الأنظمة الانبطاحية في المنطقة وسيطرته الواسعة على عموم قطاعات السياسة والأعمال والنقد حول العالم، فالنظام الصهيوني أصبح مستنزفا في جبهات متعددة فاقدا للتبصر استراتيجي وتكتيكي ليكون محجوب تماما عن أخذ أي قرار وغارقا في وحل التوحش والقتل والتطهير العرقي المخالف لكل القوانين الدولية الوضعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة.
لتنكشف صورته الحقيقة كونه نظاما مصطنعا كجبهة متقدمة للغرب في هذه النقطة الحيوية من العالم، لتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية المحافل السياسية والتواجد الميداني وحتى ارتباط تواجدها في المنطقة من خلال قواعدها غير شرعية في سورية والعراق والخليج مسخرا للدفاع عن هذا النظام الإرهابي، فصناعة الإرهاب حرفة تتقنها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، فالتورط الأمريكي بات أكثر انكشافا، فالبرغماتية الأمريكية لم تغط وجهها القبيح ونفاقها المقنع، فهي اليوم العدو الحقيقي لكل شعوب العالم الحر وهي بحق أم الإرهاب العالمي، بعيدا عن مشاكلها الداخلية وانقسامات مجتمعها ومخلفات سياساتها الاقتصادية ومنسوب التضخم النقدي التي تعانيه، فهي تعاني من مشاكل استراتيجية تجعل سطوتها تتراجع حد العجز، فسياسة استغلال الفوضى لتحقيق أهدافها باتت من الماضي، فالولايات المتحدة الأمريكية تلك القوة العالمية المسيطرة على كل معالم المال والأعمال والأمن والاقتصاد والتسلح التقليدي والنووي عاجزة أمام جبهات الإسناد الممتدة من اليمن إلى فلسطين مرورا بطهران وبغدادو سورية والبنان، ليتلخص العجز الأمريكي في كل تدخلاتها المباشرة والغير المباشر في الحروب المتنقلة بصورة الضمور الملحوظ كشرطية العالم وصاحبة القرار الأوحد، أننا أمام مرحلة تاريخية دقيقة و مقعدة تتجلى بها عناوين القرن السياسي الجديد وهي تعدد المصالح وتعدد الأقطاب، فالأنحدار الأمريكي الاستراتيجي يزاد يوما بعد يوم وكل مرحلة في الاشتباك تخسرها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وأدواتها تراكم الفشل ويشتد الانحدار أكثر فأكثر، ألم يشعر العالم بعد بأن العصر الأمريكي إلى أفول...؟