كتب الأستاذ سامح عسكر, ‏نحو فهم صحيح للدين...
مقالات
كتب الأستاذ سامح عسكر, ‏نحو فهم صحيح للدين...
سامح عسكر
22 نيسان 2024 , 18:16 م


قال أحد المتشددين: أن الدليل على كفر تارك الصلاة من القرآن قوله تعالى "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين "[التوبة : 11]

قلت: على هذا يكون قوله تعالى "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا " [النور : 33] دليلا على جواز إكراه الفتيات على البغاء إذا لم يردن التحصن أو لم يتكلموا فيه..!!

الصلاة عمل قلبي غائي، أي هو مختص بالمشاعر لتحقيق الصلة باللة، لذلك سميت (صلاة من الصلة) وغايته استقامة السلوك وتهذيب القلب من أدران الحقد والكراهية والحسد، وحمل العقل على التفكير والتدبر واستشعار عظمة الله في كل صلاة..

لذا فالقول بأن تارك الصلاة كافر أو حتى فاسق لا يستقيم، لأن الضد يلزمه أن من يقيم الصلاة هو مؤمن صالح وهذا لم يقل به القرآن وحذر من الحكم على الناس بالمظاهر بقوله تعالى " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد " [البقرة205 : 204]

فكثيرا من المصلين هم مفسدون ونموذج داعش والقاعدة ماثل للعيان..

ورأيي الشخصي أنه لا يجوز الحكم على إيمان الناس بالنظر إلى شعائرهم ، بل لا يجوز الحكم مطلقا تحت أي ظرف، فالله لن يسألك يوم القيامة لماذا لم تقل على فلان كافر أو فاسق، بل سيسألك عن عملك أنت " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" [المائدة : 105]

ولن يحاسبك سوى على عملك أنت " يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه" [عبس 36: 34]

الصلاة هي منظومة عمل متكاملة وليست مجرد آداء ركعات، وهذا يتضح من قوله تعالى " وهم على صلاتهم يحافظون " [الأنعام : 92] " الذين هم على صلاتهم دائمون" [المعارج : 23] " والذين هم على صلاتهم يحافظون" [المعارج : 34]

والمقصد من "صلاتهم" أي الذين يحفظون صلتهم بالله باستقامة السلوك وتهذيب القلب من الفساد والكراهية والحقد الموجبين للشر، وهذا سوف يتحصل بعدة عوامل من ضمنها (الركعات المفروضة) إضافة للأمر السُداسي (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ) [النحل : 90]

هذه الأوامر والنواهي الستة هي أركان مفروضة في الدين أهملها المسلمون من جراء علوّ وسيادة الحديث خصوصا رواية "بني الإسلام على خمس" وقد سبق القول باضطراب هذه الرواية وأنها تعددت بين أربعة إلى ثمانية أركان في روايات صحيحة السند، وما استقر عليه جمهور الفقهاء على هذه الخمسة ليس دليلا فوق النص القرآني كونه استقرارا مبنيا على خبر الواحد..

الخلاصة: تكفير تارك الصلاة جريمة متعمدة والقول بقتله ثلاثة جرائم، فيكون قد استحل دين وعِرض هذا الشخص ثم استحل دمه ويكون بذلك قد انتهك ثلاثة من مقاصد الدين الخمسة وهم (الدين والعِرض والنفس)

وليس للمسلم أن يحكم على إيمان أخيه أو أي شخص مطلقا فهذا عمل موكول إلى الله عز وجل والتعدي على هذا العلم الإلهي نوع من البغي المنهي عنه في سورة النحل، والحكم على الناس بالظنون والأوهام والاحتمالات مما ينتفي مع أوامر الله في القرآن، وتقوّل على الله بغير الحق، قال تعالى " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم" [النور : 15]

المصدر: موقع إضاءات الإخباري