كتب الأستاذ نضال بركات:
لم تعد إسرائيل في ذلك الحصن التي اعتادت عليه منذ قيامها وحتى الآن, ولم تعد أكذوبة معاداة السامية تجدي نفعا بعد أن كشف الرأي العام العالمي الجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن رغم أن وسائل الإعلام الغربية لا تتحدث عن هذه الجرائم ولا تنقل المشاهد المرعبة لجرائم الاحتلال, إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي كشفت حقيقة هذا الكيان الغاصب , وهذا ما حرك الرأي العالمي بمظاهرات في كافة أنحاء العالم حتى الولايات المتحدة الداعم الأساسي لإسرائيل شهدت مظاهرات كبرى في أكثر من أربعين جامعة لتنتقل بعدها إلى الجامعات الأوربية ليشكل ضغطا كبيرا ليس على إسرائيل وحسب وإنما على الولايات المتحدة التي زار رئيسها بايدن إسرئيل بعد بدء طوفان الأقصى ليظهر دعمه القوي لهذا الكيان ويؤكد أنه صهيوني وأن من يتحرك ضد إسرائيل فهو معادي للسامية, أما نتنياهو الذي شعر بهشاشة كيانة فقد زاد من استخدام أكذوبة معاداة السامية ليحرك الرأي العام لدعم كيانه لدرجة أنه حاول قلب الحقائق في تصريحاته من أن المقاومة الفلسطينية هي التي ترتكب أبشع المجازر بحق الأطفال والنساء في إسرائيل , ولكن هذه الأكذوبة انكشفت للرأي العام ولم تعد تنطلي على أحد وبات هذا الكيان بين نارين الأولى هي ضربات المقاومة وصمودها منذ السابع من أكتوبر وإلى الآن بمساندة حلف المقاومة والنار الثانية الضغط الكبير للرأي العام العالمي والتظاهرات الداعمة للفلسطينيين .
إن أكذوبة معاداة السامية حاولت بها إسرائيل إتهام المتظاهرين في الجامعات الأمريكية الذين كان من بينهم أعداد كبيرة من اليهود أكدوا وقوفهم إلى جانب الفلسطينيين , وهذا ما يشير الى أن اليهود الذين لا يُعتبرون مواطنين إسرائيليين لا يتعاطفون مع وجود دولة إسرائيل وامام هذه الحقائق فإن الولايات المتحدة التي تدعي الحرية لا تعير اهتماما لهذه الآراء بل سمحت لآخرين مدسوسين حصل الشخص الواحد على خمسة آلاف دولار لمهاجمة المتظاهرين وبمراقبة الشرطة الأمريكية واتهام المشاركين بالتظاهرات الضخمة بمعادة السامية ، وهذا هو ما يريده نتنياهو من خلال مغازلته القوى الغربية لتحويل تأييد الرأي العام كأداةً لضرب مصداقية التضامن مع الفلسطينيين.
وسائل الإعلام الغربية لم تنقل حقيقة هذه التظاهرات بل على العكس من ذلك حاولت اتهام المتظاهرين بمعاداة السامية ، وهو ما اعتبرها فيليب جيرالدي، المسؤول السابق في وكالة المخابرات الأمريكية المركزية "سي. أي. إيه"، محاولة مكشوفة لإلهاء العالم عما يرتكبه الاحتلال من مجازر بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي مقال نقله موقع "جلوبال ريسيرش" الأمريكي قال جيرالدي: "إن الهدف من إثـارة قضية "معاداة السامية" إبعاد القارئ عن أي تصور بأن إسرائيل العنصرية تعرضت للهجوم بسبب إجرامها بحق الفلسطينيين، بل كانت بدلًا من ذلك ضحية لإرهابيين أشـرار يكرهون اليهود", أما قناة فوكس نيوز فقد كانت رائدة في نشر مقابلات وتقارير تشير إلى رعب الطلاب اليهود من التهديدات الضمنية والصريحة من خـلال الغضب المعادي للسامية بالجامعات وأماكن أخرى، ورغم هذا الدعم في وسائل الإعلام الغربية لإسرائيل إلا أنهم فشلوا في حصد التأييد المطلوب وانتشرت التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين لتثير القلق لدى الإدارة التي صدمها طوفان هذه التظاهرات الداعمة للفلسطينيين ، وهو ما تخشاه إدارة بايدن لأن «ربيع الجامعات» يعني انتقال القضية الفلسطينية إلى عقر دارها ، وهذا ما يثير قلقها لما يمكن أن تصل إليه الأمور سوءا في المستقبل
وأمام هذا الدعم اللا محدود لإسرائيل من قبل الغرب لا بد من توضيح من هم الساميون وهل يحق لإسرائيل إستخدام عبارة معاداة السامية؟ وما هي الغاية من استخدامها بكثرة هذه الفترة؟
إن مصطلح معاداة السامية هو سلاح تستخدمه إسرائيل لكل من يعارض سياستها أو ينتقدها , والسامية تعني الإنتساب العرقي لسام إبن نوح عليه السلام , حيث أن سيدنا نوح عليه السلام له ثلاث أبناء ممن نجو من الفيضان , وهم "سام ، حام ، يافث" وكل واحد من هؤلاء له ذرية ونسل لا زالوا يعيشون على هذه الأرض , بمعنى أن البشر كلهم الآن من نسل الثلاث أبناء لسيدنا نوح ، وتم تقسيم هذه النسل بحسب المؤرخين وعلماء البشر الى ثلاث أقسام ،وهم ، الحاميون نسل حام إبن نوح ، أصحاب البشرة السوداء شعوب أفريقيا ، أما اليافثيون نسل يافث بن نوح ، أصحاب البشرة البيضاء والصفراء الأوروبيون وبلاد فارس ، أما الساميون نسل سام بن نوح ، أصحاب البشرة المتوسطة بين اللون الأبيض والأصفر ، العرب واليهود ، وهذا التقسيم بالطبع يعني ويؤكد أننا كعرب من نسل سام إبن نوح عليه السلام ،وبالتالي لا يمكن اعتبار اليهود في فلسطين من الشعوب السامية، فهم مجرد أوروبيون جاؤوا الى فلسطين لسرقتها واحتلالها، وإحلال وجودهم على حساب شعب آخر تواجد على الأرض منذ آلاف السنين فكيف تتهم إسرائيل الساميون أنفسهم العرب بمعاداة السامية وهذا ما لا يحق لها...
وأمام أكذوبة معاداة السامية وحقيقة من هم الساميون فإن جرائم إسرائيل كشفت للرأي العام هوية الوحش القاتل لهذا الكيان وداعميه , فكما هو ملاحظ الآن، فإن طوفان التظاهرات على المستوى العالمي، أدى بشكل ملموس إلى تفسخ أكذوبة «معاداة السامية» ولم تعد تجدي نفعا....
نضال بركات