تأثير ووزل والمصطلح عليه بالإنجليزية Woozle Effect هو مجموعة أقاويل وادعاءات وقصص واقتباسات يجري تداولها (كدليل) وتأخذ حظها من الانتشار بفعل التقليد والمصلحة، مما يُسهم في تضليل الناس وتداولهم الإشاعات والأكاذيب كحقائق.. هذه الأقاويل بالأساس ليست دليلا..ولكنها مجرد ادعاءات متحيزة..

أوضح نموذج لانطباق تأثير ووزل في الفكر الإسلامي هو ما يسمى (علم الحديث) لذلك ظهرت المطاعن عليه منذ نشوءه، ورفضته عديد من المذاهب العقلية، حتى المذاهب التقليدية (كالأشاعرة والماتوريدية) وضعوا شروطا وضوابط شديدة لقبوله نظرا لتأثير ووزل هذا عليهم، وتسببه في تضليل المجتمع وشيوع الأكاذيب والأقوال الساذجة كأدلة..

واختصار ذلك أن تلك الأقاويل والادعاءات غير المثبتة في تأثير ووزل، هي نفسها روايات القصاصين والحكائين الذين وضعوا الحديث بعد موت الرسول، وانتشروا جدا في العصر العباسي، ووفق تأثير ووزل حصلت هذه الروايات على شعبية كبيرة مما أوهم البعض بتواترها أو قبولها من المسلمين سلفا عن خلف..

أذكر أن الإمام ابن الصلاح (577- 643 هـ) وهو من أكبر علماء الحديث وضع كتابا في ضبط منهجية الحديث سماه (المقدمة) ولاقى رواجا وانتشارا كبيرا بفعل نفوذ ابن الصلاح في العصر الأيوبي كشيخ مدارس الأشرفية والصلاحية التي أسسها صلاح الدين..

ومن شدة قبول ورواج هذا الكتاب تم اعتماده كأمر سلطاني سياسي كمُعلم للشريعة في المدارس الأيوبية والمملوكية والعثمانية بعد ذلك، وإلى الآن هو عمدة "علم الحديث" في الأزهر، ولم يتم تغييره أو تعديله ، رغم أن الإمام بدر الدين الزركشي (745- 794هـ) وهو من علماء الشافعية في العصر المملوكي وضع كتابا لنقد كتاب ابن الصلاح سماه (النُكَت) في موسوعة كبيرة من مئات الصفحات، طعن فيها بكتاب المقدمة بأسلوب علمي موضوعي والنتيجة أن كتاب المقدمة لابن الصلاح صار على يد الزركشي (لا يساوي شيئا)..

طبعا لا أحد يتداول كتاب الزركشي حاليا، لأن هناك مصلحة في تقديم كتاب ابن الصلاح لتعزيز وترسيخ علم الحديث واعتباره بديلا عن القرآن..!

هذا الصراع بين الفقهاء أصله أن (تأثير ووزل) وإن لم يعرفوه في عصرهم لكنهم لمسوه بأنفسهم بمعتقدات شعبية وفكرية وعقائدية مضللة، فعندما تصدوا لهذه الأكاذيب والافتراءات وجدوا مقاومة من المذاهب الأخرى التي تدافع عن رواياتها وتعد اعتبار نقد أو الهجوم على رواياتها المعتمدة (مؤامرة على المذهب)..مما أدى لصراعات طائفية بالقرون الوسطى ملأت كتب المسلمين وجاءت لنا أخبارها بشكل مأساوي..

هذا لا يعني رد الحديث بمُجمَله كما يفعل منكرين السنة، بل قبول ما توافق منه مع صريح القرآن والعقل ورد ما دون ذلك، وتعريف السنة الحقيقي ليس مقصورا على الحديث مثلما يفعل المتأثرين (بووزل) والذين أكثرهم خرافيون قبلوا قصص وحكايات وادعاءات (مجنونة) ومعادية للأديان والعقل على أنها من صريح الدين..

ولكن السنة الحقيقية وفقا للإمام "محمود شلتوت (1892- 1963م)" شيخ الأزهر الأسبق في كتابه "الإسلام عقيدة وشريعة" أن السنة مصدرها (القرآن والحديث والعقل) وهي خاضعة كليا للاجتهاد والفهم النسبي دون تكفير أو إقصاء أو قمع أو أحادية فكرية..