ماذا سوف تقولون لله يوم القيامة!
مقالات
ماذا سوف تقولون لله يوم القيامة!
حليم الشيخ
19 أيار 2024 , 05:56 ص

كتب الأستاذ حليم الشيخ:

بهذه الكلمات البسيطة سألت إحدى حرائر فلسطين زعماء العرب عن خيبتهم...

انتهت "قمة المنامة" وهي تفتش عن يوم تال لا تدعمه لا جيوش، ولا دبابات ولا مواقف حازمة...

مجرد أماني أن تلتفت اميركا صوبهم ولو بأقل ما يمكن...

لذلك سوف يحصد هؤلاء الخيبة...

الدكتور ليلى نقولا كانت واضحة جدا على شاشة ال OTV حين قالت إن زعماء العرب لا يستطيعون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك...

فقد صرح مسؤول حماس خليل الحية أن الحركة مستعدة لقبول حل الدولتين على أراضي ال ٦٧، وان الحركة سوف تحل جهازها العسكري وتنضم إلى منظمة التحرير دون تحديد أي من شروط لهذا الإنضمام...

بمعنى آخر، يمكن القول إن ما تطلبه حماس سوف يكون تحت مظلة السلطة الفلسطينية...

هنا يتوجب سؤال الإخوة في حماس أنفسهم ماذا سوف يجيبون الرب يوم القيامة...

يقال، في معرض النكتة، أن الشيطان سوف يقف في حضرة الخالق يوم القيامة يقرأ مرافعة يثبت فيها أنه أشد المؤمنين واكثرهم طاعة لله لأنه ضحى بنفسه من أجل إثبات وجود الله...

سوف يقول الشيطان أن الشيء لا يعرف إلا بنقيضه...

لذلك كان لا بد من وجود الشر لإثبات وجود الخير كما أن اللون الابيض لا يعرف إلا عبر رؤية اللون الأسود...

ينطلق منطق الشيطان من أن الله ما كان ليعرف لولا وجود الشيطان وفق نظرية النقيض هذه، وبذلك يكون الشيطان أكثر عباد الله طاعة لأنه ضحى بنفسه وتلقى اللعنات طيلة الحياة فقط لجعل الناس يصلون الى الذات الالهية في نهاية المطاف...

بنفس المنطق قد يبرر الأخ خليل الحية ما قاله...

فهو قد يعتبر أن الوصول إلى دولة ال ٦٧، هو خطوة جبارة يحققها الجيل الحالي الذي تمثله حركة حماس على أن يقوم الجيل التالي بنقض هذا للوصول إلى كامل تراب فلسطين التاريخية...

بمعنى آخر، سوف يشبه موقف حماس من دولة ال ٦٧ موقف الشيطان في خدمة الذات الإلهية...

لكن السؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن هو أن هذا المنطق لا يبتعد كثيراً عن منطق محمود عباس، أو منطق أوسلو الذي أوصل القضية الفلسطينية إلى حالة شبه إفلاس لو لم يجر السابع من أكتوبر...

أنه نفس المنطق الذي نسمعه كثيرا من قبل الرجعية العربية حتى لو لبست بدلة رسمية أو ثوب مثقف كما حدث على شاشة ال MTV، حيث ظهر "استاذ جامعي من كاليفورنيا" تحت اسم هشام ناصيف على ما اعتقد ينظر علينا بأن السابع من أكتوبر لن يجلب سوى الخراب للشعب الفلسطيني ليصل في النهاية إلى شيطنة كل الفكر المقاوم الذي لا يفهم الاستراتيجية الفذة التي يفهمها حضرته ومن يماثله في تلك الأفكار غير البعيدة عن حثالة ما يحمله النظام الرسمي العربي...

طيلة أكثر من ساعة استحق فيها الاستاذ قاسم قصير "طول البال" والصبر العظيم في تحمل مناقشة جاهل كل همه الدفاع عن الفكر الصهيوني المتحكم في أميركا إلى درجة أن كل ما رآه هذا "الدكتور العبقري" هو أن ثورة الطلاب في الجامعات الأميركية سوف تؤدي إلى فوز اليمين العنصري المتمثل بدونالد ترامب وكأن بايدن ومجموعته ليسوا يميناً، وليسوا عنصريين، وليسوا الأداة المثلى في فكر الإمبريالية والاستعمار...

هدوء وصبر الاستاذ قاسم قصير لم يستطع الإعلامي فادي ابو دية امتلاكه على نفس تلك الشاشة لكن مع ضيفة أخرى من حزب الكتائب التابعة لعبقري آخر من عباقرة التوارث السياسي في لبنان، إلا وهو سامي افندي الجميل...

جويل بو عبود جاءت تقرأ علينا مزامير الشرعية الدولية وعدم أحقية المقاومة في القتال من أجل حقوق لبنان...

تريد ربما السيدة بو عبود الاعتماد على زرع نواضير سامي الجميل على الحدود لردع الاسرائيلي عن التهام لبنان...

لا يعرف المرء من اي كوكب يأتي هؤلاء...

كل همهم وكل الحنق الذي يتملك هؤلاء هو بسبب مساندة غزة...

لو يقول لنا هؤلاء كيف يريدون استعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا...

كيف يستطيعون فرض إعادة أكثر من ٥٠٠ ألف لاجئ فلسطيني الى الأرض المحتلة وإقفال ملف مخيمات اللجوء مرة واحدة والى الأبد...

لا يقول لنا هؤلاء العباقرة كيف يمكن الحفاظ على مصلحة لبنان الذي يشكل مع سوريا جزءا من طريق الحرير الصيني بينما يجهد الأميركي بإقفال هذا الخط وخلق خط مواز من الهند إلى الإمارات والسعودية يصل إلى حيفا ويجعل من الكيان الصهيوني مركز المال والتجارة في الشرق الأوسط؛ وهذا ما حذر منه أهم منظري قيام الكيان اللبناني من أمثال ميشال شيحا وسعيد مالك الذين حذروا من أن اسرائيل هي الخطر الوجودي الوحيد على لبنان...

بل لم تقل لنا السيدة بو عبود كيف سوف يواجه الجيش اللبناني جيش الكيان وهو ممنوع من تملك أكثر من خردة تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية في احسن الأحوال...

أما الجواب على كل هؤلاء المخنثين سياسياً فربما يأتي على لسان البروفيسور مارشايمر من جامعة شيكاغو الذي يقول إن السابع من أكتوبر وضع الكيان الصهيوني في موقف لا يحسد عليه إطلاقا ويؤسس لصفعة على وجه اميركا في الشرق الأوسط، طبعاً بشرط أن تكمل كل حركات المقاومة القتال حتى الهزيمة الفعلية لمحور الشر الأميركي العزيز جدا على قلوب أهل النظام الرسمي العربي والناطقين باسمه في فلسطين ولبنان...

يفصل البروفيسور مارشايمر أن حل الحرب الدائرة الان في غزة افترض أربعة مخارج:

١- المخرج الأول استمرار وضع ما قبل السابع من أكتوبر في تصفية القضية الفلسطينية بالكامل وهو ما وصل إلى حائط مسدود...

٢- مخرج حل الدولتين الذي ترفضه كل الأحزاب في داخل الكيان إلى درجة أن يائير ليبيد تكلم أن إمكانية قيام هذه الدولة الفلسطينية توجد فقط في المريخ...

حتى الدولة التي قبل بها رابين في أوسلو لم تكن أكثر من غيتو بلدي فلسطيني مطوق بالكامل ليموت بهدوء مع الوقت تماما كما كان حال قطاع غزة...

المخرج الثالث هو استمرار نظام الابارتايد داخل دولة الكيان وهو ما لم يعد ممكنا بعد الثورة العالمية المناصرة لحقوق الفلسطينيين...

المخرج الرابع هو عملية ترانسفير تقوم بنفس ما كانت تقوم به عصابات الهاجانه وشتيرن في ال ٤٨؛ أي قتل ما أمكن من الفلسطينيين ودون تمييز حتى يقتنعوا بأن الحل الوحيد أمامهم هو ترك فلسطين والهجرة إلى مصر والأردن ولبنان وبلاد أخرى، وهذا ما فشل تماما لرفض هذه البلدان الثلاث هذا التهجير من جهة، ورفض الفلسطينيين أنفسهم هذا لحل من جهة أخرى لو مهما ارتكبت اسرائيل من مجازر...

يصل البروفيسور مارشايمر في النهاية إلى أن الكيان وأميركا وقعا في مأزق لا يبدو أن له أي حل؛ وهذا ما تسميه حركات المقاومة حرب الاستنزاف اللا متناهية...

كل ما ذكر أعلاه صعب على الفهم عند السيدة بو عبود والسيد ناصيف وطبعاً لأسيادهم المحليين والدوليين...

إذا أراد هؤلاء الاستمرار في الحرتقة على إيران فهذا شأنهم...

لكن النباح لن يؤدي إلا إلى مزيد من انقطاع الحبال الصوتية، ليس أكثر...

لذلك ربما يجدر بهؤلاء تناول بعض حبات الفاليوم والذهاب إلى النوم بانتظار انتصار آخر سوف تحققه المقاومة ولكن هذه المرة لن يهديهم أحد شيئا من هذا النصر..


المصدر: موقع إضاءات الإخباري