كتب الأستاذ حليم الشيخ:
الجيش والحرس الثوري يأمران بفتح تحقيق بما حدث...
هل كان سبب سقوط مروحية الرئيس الإيراني في سوء الأحوال الجوية فعلاً؟
ما مدى نسبة صحة الصدفة في أن طائرة الرئيس وحدها هي من لم يستطع تخطي الظروف الجوية هذه؟
كيف يمكن جمع الرئيس مع رأس الديبلوماسية في طائرة واحدة؟
بل كيف يمكن أن تطير هليكوبتر الرئيس في موكب من ثلاث مروحيات فقط، وأين مروحيات الحرس ومروحيات الصيانة في حال حصول حادث، وأهم شيء، أين مروحية الهلال الأحمر التي يجب أن ترافق الرئيس؟
أسئلة كثيرة سوف تدور؛ لكن المؤكد أن هناك فوضى ما أو عدم احترافية يظهر للمرة الثانية في زمن الأزمات في ايران بعد إسقاط الطائرة المدنية خطأ غداة استشهاد القائد قاسم سليماني...
بغض النظر عما يمكن أن تصل إليه التحقيقات، لن يتم توجيه الاتهام إلى المرتكب الفعلي لهذا الفعل لسبب واحد بسيط:
إيران لا تريد الدخول في الحرب... حتى اليوم على الأقل...
هذا ما ثبت بالملموس غداة قصف القنصلية في دمشق...
رغم كل الكلام العالي النبرة، إيران ليست على استعداد للدخول في حرب تعرف سلفا أنها سوف تتعرض فيها لكل انواع القصف من قبل أميركا...
المشكلة ليست في أميركا...
المشكلة هي في إيران نفسها، وفي محور المقاومة الذي لا يثق بما يكفي بقدرته على هزيمة أميركا...
أو على الأقل، هو يبحث في كيفية هزيمة اميركا، وزوال إسرائيل دون دفع الأثمان الباهظة المطلوبة...
السيد حسن يقول إن اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت وهو محق في ذلك...
لقد أثبتت المعارك منذ ٢٠٠٠ حتى اليوم، مرورا ب ٢٠٠٦ و٢٠١٤ و٢٠٢١... والأهم من كل ذلك، في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، على صحة هذا التوصيف...
الإمبريالية نمر من ورق...
ثبت هذا في فيتنام، في العراق، في افغانستان... ومؤخرا في غزة، حيث الذي يحارب ليس الجيش الاسرائيلي وحده بل معه الاميركيون والبريطانيون وعلى الأقل أربعة إلى ستة آلاف فرنسي من مزدوجي الجنسية، وكل ما توفره التكنولوجيا في ألمانيا... مع أساطيل تشارك في البحر الأحمر دفاعا عن إسرائيل...
كل ذلك، ويعجز محور الشر الأميركي عن هزيمة المقاومة الفلسطينية في غزة، التي لا يقف معها إلا ثلاث جبهات إسناد ترتفع وتهبط وفق متطلبات الميدان...
عند تفجير مرفأ بيروت كان دونالد ترامب يلقي كلمة حين وصلته اخبار عن ذلك التفجير...
قال ترامب بالحرف:
لقد علمت للتو أن مرفأ بيروت قد تعرض لهجوم...
ترامب الأرعن، ترامب غير الديبلوماسي، ترامب الذي لا يعرف اخفاء الحقائق ولا يعرف "اللوفكة" على الطريقة اللبنانية...
قال الحقيقة...
لقد تعرض مرفأ بيروت للهجوم...
هكذا خاطب حكام الخليج من وراء "الصرماية" دون أي اهتمام...
يومها، تعرض مرفأ بيروت للهجوم فعلاً كما أعلن ترامب،
ومن قبل اسرائيل...
لكن محور المقاومة لم يكن مستعدا للحرب، أو على الأقل هو في اعتقاد دائم أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت، ومزيد من مراكمة القوة... تماما كما أنصار علي في الحرب ضد معاوية...
لا يريدون الحرب لا صيفا ولا شتاء... بانتظار فصل رباني خاص يخلقه الله لهم...
عودة إلى "اغتيال" الشهيد رئيسي ورفاقه...
عندما يقطع بايدن إجازته، ويعود فورا إلى البيت الأبيض، هذا له معنى واحد فقط:
هناك جهة ما قريبة من أميركا قامت بعملية اغتيال وقامت بإبلاغ الأميركيين في اللحظات الأخيرة لضمان الحماية الأميركية في حال الرد...
تماماً كما حصل مع قصف القنصلية في دمشق...
اذربيجان ملىء بالمخابرات الإسرائيلية...
أكثر بكثير من كردستان العراق...
اسرائيل تعرف انها في ورطة في غزة وأن أي حل هناك سوف يحمل اثمانا سياسية سوف تنهي مشروع دولة الإستيطان...
إسرائيل تعتقد أن الحل الوحيد هو في هزيمة محور المقاومة الذي ثبت أن اسرائيل لن تثبت أمامه إذا ما تركت لوحدها...
لذلك تعمل اسرائيل على خلق الأسباب والذرائع لإدخال الأميركيين إلى الحلبة...
اميركا سوف تكون دوما إلى جانب اسرائيل...
هكذا كان الأمر في ٦٧...
وهكذا كان في ٧٣...
وهكذا كان في ٨٢...
وهكذا كان في ٢٠٠٦...
وهكذا منذ السابع من أكتوبر...
وهكذا سوف يكون الأمر دائماً...
من لا يريد محاربة اميركا عليه التوقف عن محاربة إسرائيل...
هذه ليست دعوة للتوقف عن إزالة إسرائيل من الوجود، بقدر ما هي دعوة إلى وجوب وضع محاربة اميركا في الحسبان، لأن المعادلة القائمة اليوم تقول بهذه الحتمية...
إذا كانت العدة لمواجهة أساطيل اميركا قد أعدت... لماذا التأخير...
أما القردة والخنازير الذين يرقصون لسقوط الرئيس رئيسي...
هؤلاء هم كما القردة الذين يرقصون حول النمر أو الفهد في الغابة بعد موته...
هم لا يعادلون أرقاما في عالم البشر...
حدثني أحدهم أنه كان يمشي في حديقة جينيف العامة منذ سنوات بعيدة حين فوجئ ببعض المخمورين من ذوي السحنة الخليجية وهم يرقصون مرددين
، "خميني مات، خميني مات..."
اليوم يوجد مثل هؤلاء كثيرون...
لهؤلاء ولغيرهم نقول ما قاله أبو بكر لمن ساورته الشكوك يوم موت النبي...
من كان يعبد محمداً، فإن محمدا قد مات...
ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت...
من كان يعتقد أن عقيدة المقاومة في إيران ترتبط بشخص الرئيس أو بأي شخص آخر، فإن الرئيس قد سقط شهيداً على طريق القدس، وسوف يسقط آخرون...
ومن كان يعتقد أن عقيدة إيران هي نفسها عقيدة مقاومة، فإن المقاومة حية لن تموت...
المهم أن نعرف أن قتال اميركا واسرائيل حتمية تاريخية إذا أردنا الحرية...
سواء أردنا بالنقاط ام بالضربة القاضية...
المهم أن اميركا وإسرائيل هما محور الشر الذي لا بد من إسقاطه لكي نحيا نحن...