السقوط الحر في الهاوية
مقالات
السقوط الحر في الهاوية
حليم الشيخ
29 أيار 2024 , 07:12 ص

كتب الأستاذ حليم الشيخ:

لم تكن رفح أول مجزرة في تاريخ فلسطين...

لن تكون رفح آخر مجزرة على طريق الجلجلة الفلسطيني...

من فوجئ بتلك الصور الفظيعة هو واحد من إثنين:

إما جاهل بتاريخ النكبات التي تتعرض لها الأمة، وهذه مصيبة...

وإما عبد من عبيد هذا النظام العالمي القائم على جماجم فقراء الشعوب وان كان يظن أنه جزء من هذا النظام...

عندما يعيد التيك توك نشر أقاويل ضاحي خلفان في نظرية الاستعمار الإيراني، والإستثمار الاسرائيلي، لا يستطيع المرء سوى رؤية الأيام السوداء التي تنتظر ضاحي هذا ومن على شاكلته...

من المؤكد أن الحكمة الإلهية التي ألهمت قادة المقاومة الإسلامية بكل فروعها على امتداد جبهة المحور هي المحرك الفعلي، "وما رميت اذ رميت إنما الله رمى"...

كما كانت عملية الأسر في تموز ٢٠٠٦ نقطة إنطلاق المقاومة الإسلامية في لبنان من الساحة المحلية إلى الساحة العالمية، كذلك كانت عملية السابع من أكتوبر نقطة تحول المقاومة الفلسطينية بكل الفصائل المقاتلة إلى العامل الذاتي الذي لا يكتفي بقيادة الشعب الفلسطيني إلى إعادة كتابة تاريخ فلسطين، بل يتخطى هذه الأرض الجريحة لكي يعيد كتابة تاريخ الشرق الأوسط بأكمله، وربما حتى إعادة كتابة تاريخ العالم...

يسقط الشهداء على مذبح الوطن، فيرى العالم كم هم عظماء أهل هذه الأرض المقدسة...

من حكمة الرب أنه جعل أفق هذه الحرب في أيدي أكثر زعماء الكيان غباء...

من حق حركات المقاومة أن تحاول الوصول إلى طريق السلامة لشعب فلسطين من تلك العذابات والمذابح؛ لكن هذه السلامة لن تكون حقيقية وثابتة ونهائية، إلا بعد القضاء المبرم على هذا الكيان...

حتى متى يمكن أن تستمر المجازر والقتل والافلات من العقاب، لا يعرف احد على الاطلاق...

لكن المؤكد هو أن نتنياهو وبن غفير وسموتريتش يساهمون من حيث لا يدرون ليس فقط بسقوط الكيان المدوي، بل يجرون معهم كل النظام الرسمي العربي، ومعظم دول ما يسمى زورا بمنظمة التعاون الإسلامي...

من مكارم الله علينا أنه يطيل هذه المعركة لكي تكبر النتائج على الصعيدين الإقليمي والعالمي...

صحيح أن حجم الكوارث كبير؛ لكن هذا ما سوف يجعل النتائج اكبر حجما وأكثر أثرا...

ما حدث من "اشتباك" على الحدود المصرية الفلسطينية ليس سوى الشعرة التي سوف تقصم ظهر البعير...

كل الأقاويل عما جرى ومن بدأ بإطلاق النار وغيرها ليس سوى دوران حول الحدث دون رؤية أن جوهر ما حدث هو جرس إنذار للأعظم الآتي حتماً...

حتى لو تمادى أمراء ورؤساء وملوك عرب؛ هؤلاء إنما يتمادون في غيهم، و يستجلبون على أنفسهم سوء العاقبة...

إذا نظرنا إلى ما قالهم البروفيسور مارشايمر فإن الخاسر الأكبر على ضوء تطور المعركة والمجازر التي ينفذها جنود عنصريون، سوف تكون أميركا حتماً...

ربما من المصلحة فعلا أن يتمادى الكيان ومن ورائه الغرب والكثير من العرب، حتى تدور الدائرة على الجميع...

الطلاب الذين خرجوا ضد وول ستريت قبل بضعة سنين وباءت حركتهم بالفشل...

ها هم يخرجون مرة أخرى؛ لكن هذه المرة بتصميم أكبر بكثير...

يتحدون الدولة العميقة في كل بلد من هذا الغرب...

حتى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أراضي ال ٦٧ الذي قد يخترق أوروبا... لن يهدأ نظام التبعية الأوروبي قبل أن يتحطم صنم الصورة النمطية...

الشعوب التي ثارت في الغرب لا بد أن تفرض نوعا جديداً من رؤية الحقوق في القتال ومن يستطيع الصمود أكثر...

إن ايقاف الحرب في هذه المنطقة لن يتم إلا بعد أن تنهار منظومة القيم الغربية التي تلقت صفعات كثيرة...

القول إن الانتصار سوف يأتي بالنقاط وليس بالضربة القاضية ينطلق من ميزان عالمي مختل لن يلبث أن ينفجر بفعل التراكم الكمي الذي سوف يولد انفجارا نوعياً ينهي دولة التهجير والنظام العنصري...

الثابت فعلا أن اسرائيل سقطت...

لكن السقوط المدوي يصر على جر كل تركيبة النظام إلى عصر نهاية الأكذوبة الغربية...

يحاول البعض إنقاذ الكيان عبر حل الدولتين...

لكن ما يظهر حتى اليوم هو قمة جبل الجليد...

النصر آت حتماً...

الدم الذي يسقط إنما يفرش سجادا احمرار للتحرير القادم...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري