إسرائيل الغارقة في مستنقع غزة.. هل تتورط بحرب مع المقاومة اللبنانية
مقالات
إسرائيل الغارقة في مستنقع غزة.. هل تتورط بحرب مع المقاومة اللبنانية
نضال بركات
5 حزيران 2024 , 17:09 م


كتب الأستاذ نضال بركات

إن “إسرائيل” الغارقة في وحول غزة لم تستطع تحقيق أهدافها من خلال حربها التدميرية منذ السابع من أكتوبر الماضي رغم الدعم الكبير من الولايات المتحدة ولم تستطع القضاء على المقاومة ولا تحرير الأسرى الإسرائيليين من قبضة المقاومة, بينما الجبهة الشمالية مشتعلة وبقوة مع المقاومة اللبنانية التي تخوض حرباً قوية أربكت الاحتلال ومستوطنيه الذين هربوا من مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلة.

من الواضح بأن واشنطن شعرت بمدى الخسارة التي لحقت بـ “إسرائيل” وتريد إنهاء الحرب في غزة رغم التناقض فيما بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية المتطرفين وخوف نتنياهو من إيقافها دون القضاء على المقاومة وتحرير الأسرى, وهذا ما يشدد عليه وزير الأمن القومي الصهيوني الـمـتـطـرف إيـتـمـار بـن غـفـيـر بأن الحكومة ستسقط إذا وافق نتنياهو على صفقة غير مسؤولة وسيئة, أما المفاوضات مع المقاومة لن تكون إلا بعد أن تركع على ركبتيها, وعن محاولات بن غفير المتكرّرة للحصول على نسخة من مسودة الصفقة التي يقول نتنياهو إنها مختلفة عما أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن باءت بالفشل, وهذا يعني بأنه يوجد في المسودة ما لا ينسجم مع مزاعم نتنياهو خصوصاً لجهة التعهّد بأن الاتفاق هو خطوة نحو إنهاء الحرب، ولا يريد أن يطلع عليه بن غفير فتسقط الحكومة قبل أن يكون المسار التفاوضي قد تجاوز كل المطبات, وبالتالي فإن مصيره السجن ليزداد الضغط مع طوفان التأييد العالمي للقضية الفلسطينية التي عادت إلى الواجهة بقوة.

لقد بات معروفاً بأن واشنطن وتل أبيب يريدان إيقاف الحرب وهما يعولان على رفض المقاومة لإلقاء اللوم عليها واتهامها بالإرهاب وأنها المسؤولة عما يجري في غزة, أما وزير الحرب يواف غالانت فقد طلب عدم إعطاء أي دور للمقاومة في غزة, بينما نتنياهو يريد القضاء عليها رغم أنه يفاوضها, وهذا ما يؤكد أن الأمريكيين والإسرائيليين في متاهة بينما المقاومة تعرف ما تريد، فهي تريد إيقاف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال وعودة النازحين وتبادل للأسرى وإدخال المواد الغذائية وإعادة الإعمار, أما الاحتلال فإنه يريد الحصول بالمفاوضات على ما عجز عنه بالحرب وهذا هو المستحيل, لهذا رفضت المقاومة توجه وفد من “حماس” إلى القاهرة وفق ما أكد قيادي في الحركة لقناة الميادين من أنه لا نقاشات من الصفر لأن “إسرائيل” تقدمت بملاحظات على الورقة التي قدمتها المقاومة في السادس من أيار الماضي وهي تصر على رفض إطلاق سراح نحو 200 من الأسرى من ذوي الأحكام المؤبدة إلا بشروطها كما أن “إسرائيل”ترفض أي ضمانات للاتفاق.

من الواضح بأن الحكومة الإسرائيلية باتت في مأزق كبير بعد فشلها العسكري في القطاع وباتت الأوضاع كارثية ولم تعد تحتمل يضاف إليه تحدي رعب الشمال مع المقاومة اللبنانية, فهل تهرب حكومة نتنياهو إلى الأمام بحرب مع المقاومة اللبنانية؟

من المعروف بأن أي مأزق لأي جهة كانت إن لم تستطع إيجاد الحل المناسب فإن البعض قد يزيد المشكلة إلى مشكلة أكبر, وهذا هو واقع الحال بالنسبة لحكومة نتنياهو المتطرفة الغارقة في وحول غزة وهي من خسارة إلى خسارة أكبر وإذا أقدم على حرب مع المقاومة اللبنانية فإن الوضع مختلف تماماً لأن ما تملكه المقاومة في الجنوب اللبناني من قوة ستلحق هزيمة بالعدو أكبر من الهزائم التي ألحقتها به خلال الحروب الماضية.

لقد استطاعت المقاومة من خلال جبهة الإسناد لغزة إصابة أهدافها ضد مواقع الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة وفي الجولان المحتل حتى أنها أشعلت الحرائق بمساحات واسعة من الجليل والتهمت النيران كل ما يعترض طريقها حتى إن جهاز الإطفاء الإسرائيلي لم يستطع السيطرة على هذه الحرائق وعلق مراسل صحيفة “هآرتس” العبرية “جوش براينر”على الحرائق بالقول: كريات شمونه ومستوطنات الجليل الأعلى تشتعل، فكيف لا أحد في هذه الحكومة مهتم بذلك؟ كل شيء هناك مشتعل، والمستوطنات مهجورة، والسكان يكافحون النار بمفردهم، ما الذي يجري هنا؟ هل اعتدنا بالفعل على هذا الرعب؟ أما وزير الحرب الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان فقد أختصر مشهد الجبهة الشمالية بالقول: «كل ما نراه الآن من حزب الله هو مجرد تجربة، إنهم ببساطة يحاولون معرفة نظامنا الدفاعي، وردود دفاعاتنا الجوية، وطبيعة الرد، وسرعته».

أيضاً تحدث زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد عن هذا الرعب فقال: إن الشمال يشتعل ويحترق معه الردع الإسرائيلي, وهذا ما أشار إليه موقع «حدشوت بزمان» العبري بقوله: «في العموم، لا توجد نقطة في الشمال لا يستطيع حزب الله أن يضربها بدقة بالمُسيّرات، كما يستطيع أن يضرب بسهولة مصانع الدفاع، والقواعد العسكرية، ومخازن الوقود وحتى مجموعات رافائيل المحمية بمجموعة متنوّعة من الدفاعات», حتى إن نظام الاتصال في الشمال أصابه الخلل بعد تضرر البنية التحتية للاتصالات, وهذا ما علق المحلل في صحيفة «معاريف» بن كاسبيت بـ «إنه أمر مفجع، كريات شمونة تحترق، ومن السيئ جداً أننا وصلنا إلى هذه الحالة».

واعتبرت القناة 12 العبرية أن «الوضع لا يُطاق في الشمال، حيث يوسّع حزب الله نطاق إطلاق النار باتجاه “إسرائيل”، ووصلت الصواريخ إلى جنوب الجولان , وفي الجليل الغربي كذلك، زاد حزب الله مدى إطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات التي لم تخلها الحكومة الإسرائيلية، ووجد مئات الآلاف أنفسهم يركضون بشكل متكرر إلى المناطق المحمية», ليحذر المسؤول السابق في جهاز الشاباك يوسي عمروسي من أن “لدى حزب الله القدرة على ضرب حيفا وأبعد من ذلك”.

من الملاحظ بأن النار المشتعلة في شمال فلسطين المحتلة مع المقاومة اللبنانية كجبهة إسناد للمقاومة في غزة بهذا الشكل المرعب للاحتلال ومستوطنيه, فكيف سيكون عليه الحال إن تحولت إلى لهيب أكبر فهل يستطيع الاحتلال تحمل قوة المقاومة في المعركة التي لم يتبين من خفاياها إلا القليل لأن ما تخفيه المقاومة سيرعب الاحتلال مثلما كان في الحروب السابقة, وهذا ما أكدته صحيفة معاريف العبرية وتحدثت عن الفشل الذي ينتظر “إسرائيل” في حربها على قطاع غزة، ولاسيما في ظل الحكومة الحالية، في مقابل مواجهتها 6 جبهات أخرى للمقاومة، وهي جبهات ستشكّل تحدياً يرافقها على مدى سنوات. 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري