مصير النظام الرسمي العربي
مقالات
مصير النظام الرسمي العربي
حليم خاتون
19 حزيران 2024 , 04:54 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

١٨/٦/٢٤

يسأل البعض هل يسقط النظام الرسمي العربي؟

يصحح البعض الآخر السؤال؛

المسألة ليست اذا ما كان النظام الرسمي العربي سوف يسقط؛

السؤال هو متى سوف يسقط هذا النظام؟

عندما تساءل المناضل أنيس النقاش متنبئا أن معركة تحرير فلسطين سوف تدور ضد الكيان مدعوما بجيوش عربية، ظن البعض ان هذه إحدى شطحات اليسار العربي الذي دخل الحرب الأهلية في لبنان مسلحا بكل شيء ربما، بإستثناء المعرفة والتجربة...

كان كل من يقرأ كلمتين لكارل ماركس أو الرفيق لينين أو الرفيق ماو أو حتى كيم إيل سونغ، يحمل السلّم بالعرض دون اي دراسات عميقة حول تجارب الشعوب وحول البنية الاجتماعية والسياسية والعقائدية لهذا المجتمع اللبناني الذي لا يزال عصيا على الكثير من المنطق ناهيك عن الجاهلية التي تحمل شهادات جامعية...

يكفي متابعة بعض ضيوف التوك شو السياسي حتى يعرف المرء المأساة الفكرية التي يعيش فيها هذا المجتمع...

المهم...

لم يعد المرء يستغرب عندما يصل على الواتس آب خبر عن عرب من البدو أو الدروز يُقتلون في سبيل دولة الكيان...

لكن المثير هي بعض الأخبار غير المؤكدة حتى اليوم عن وجود جنود مغاربة يقاتلون بشكل رسمي وبمعرفة سلطات مملكة محمد السادس...

لم يصل الأمر بعد إلى أي من الجيوش العربية الأخرى رغم ان دور الإمارات أو البحرين السيء الذكر في ما خص القضية الفلسطينية يندى له الجبين...

لكن الإشاعات حول تدخل بطاريات الباتريوت في أكثر من دولة خليجية، بالإضافة إلى دول أخرى تقيم علاقات دبلوماسية مع الكيان في التصدي لصواريخ ومسيرات الحوثيين المتجهة إلى الكيان دفاعا عن غزة والشعب الفلسطيني تأكدت حين قامت الجمهورية الإسلامية في إيران بالرد على قصف قنصليتها في دمشق عبر استهداف الكيان بمئات الصواريخ والمسيرات...

اجمعت كل وسائل الإعلام الغربية والكثير من المواقع الإلكترونية على تسمية دول عربية بعينها شاركت حلف شمال الأطلسي في التصدي لهذا الهجوم الإيراني دفاعا عن الكيان...

قيل في ذلك أعذار كثيرة؛ أعذار أشد قبحا من وجوه قبحها الله في الدنيا قبل الآخرة...

يُكثر الإعلامي رفيق نصرالله من النقد الموجه إلى روسيا والصين، وهو محق في ذلك...

لكن باي وجه ممكن انتقاد النظام الصيني الذي ورث اسم ماو تسي تونغ لكنه مشى على خطى دينغ هسياو بينغ في تفضيل نظرية مراكمة الثروة على كل نظريات الثورة الشعبية...

عندما سأل احد الدبلوماسيين العرب مسؤولا يابانيا حول انحياز اليابان إلى المعسكر الغربي في تأييد "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"...

اكتفى المسؤول الياباني بنظرة ازدراء إلى هذا الديبلوماسي الذي لا يجرؤ على توجيه سؤال أقل من ذلك بكثير لكل النظام الرسمي العربي أو للجامعة العربية، بل حتى إلى رئيس السلطة الفلسطينية وزبانيته من الزاحفين العرب على بطونهم استجداء لرضى الكيان وراعي الكيان من اهل الغرب...

منذ السابع من أكتوبر، سقط في الضفة الغربية مئات الشهداء؛ جُرفت الطرقات ودمرت المؤسسات...

هل تحرك النظام الرسمي العربي الذي لا يكف عن توجيه اللوم الى حماس في التسبب بهذه المآسي للشعب الفلسطيني...

في إحدى مقابلاته على المواقع الإلكترونية، تحدث المؤرخ الدكتور إيلان بابيه عن الغرب الذي كان يسكت طيلة الوقت قبل السابع من أكتوبر رغم ان معدل الشهداء كل شهر كان لا يقل عن مئة إلى مئة وخمسين شهيدا بسبب، وبدون سبب...

أين كان النظام الرسمي العربي؟

ألم يكن ينام في فراش الصهيونية؟

آمناستي إنترناشيونال، وهيومان رايتس واتش وحتى منظمة بيتسيليم الإسرائيلية الانسانية تقول ان ما يحدث في الضفة يفوق كل اوصاف الوحشية الاستعمارية...

كل هذا والنظام الرسمي العربي لا يدفن رأسه في الرمل فحسب؛ بل يذهب إلى مزيد من التعامل مع الكيان بصيغة أو بأخرى...

النظام الرسمي العربي مرتاح جدا إلى وضعه...

تماما كما اهل السلطة الفلسطينية في رام الله...

أذكر اني سألت منذ سنوات طويلة مسؤولة الحضانة بعد حوالي الشهرين اذا ما كانت ابنتي الصغيرة بدأت التعاطي مع الباقين والتحدث باللغة الألمانية...

كان الجواب ان لا؛ لكن، لا تقلق؛ هناك أولاد يصمتون فترة قبل أن تنفجر عندهم ملكة الكلام...

ابنتي كبرت وهي في السنوات الأخيرة في تعلم الحقوق باللغة الألمانية طبعا...

هكذا هي الشعوب العربية...

هي صامتة اليوم...

لكن التفاعل مع محور المقاومة يزداد باضطراد...

لم يأت الوحي إلى أشرف ريفي أو خالد الضاهر رغم كل صور الورع الكاذب في السابق...

لكن هؤلاء لم يعودوا يجرؤون على مهاجمة حزب الله أو إيران أو الحوثيين أو الحديث عن المد الشيعي أو الهلال الشيعي...

هؤلاء خرست ألسنتهم رغم كل التمويل الخليجي الذي تدفق عليهم يوما من اجل الفتنة السنية الشيعية...

لا، لم يهبط عليهم الوحي ولا زارهم جبرائيل...

الجميع يعرف ان عائدات إيران من تصدير النفط هذه الأيام رغم غض النظر الأميركي بسبب حرب أوكرانيا لا يزيد على ٣٥ مليار دولار...

هذا لا يساوي عشرة في المئة من عائدات مملكة نفط بني سعود ناهيك عن بقية دول الخليج...

رغم ذلك، استطاعت إيران بناء قوة لايستهان بها حتى عادت قوة اقليمية عظمى، بينما لا يزال إبن سلمان يلعب في حضانة أميركا...

استطاعت إيران مساندة حزب الله في النجاح في حرب التحرير الأولى سنة ٢٠٠٠، وتمكنت من جعل قوة هذا الحزب تفوق قوة جيوش عربية بأكملها وتمكنه من الصمود والانتصار في سنة ٢٠٠٦...

بقليل من الموارد، حولت إيران حركات المقاومة الفلسطينية من الضعف الكامل إلى قوة ضاربة ذات عقيدة في حين كان المال الرسمي العربي يذهب إلى سلطة رام الله بتوجيهات أميركية لتطبيق مخطط دايتون في تحويل الفلسطينيين الى قوة حرس للمستوطنين وقوة قمع وقتل للمناضلين كما حصل مع الشهيد نزار بنات، او كما حصل مع مئات وآلاف الأسرى الذين اعتقلتهم أو وشت بهم السلطة تحت تهديد قطع التمويل الذي لا يأتي الا بأمر أميركي لخدمة الكيان...

عندما بدأت الحرب، قدرت إسرائيل عدد مقاتلي حركة حماس بحوالي ٣٥ الف مقاتل...

كان الكثير من الشباب يمشي جنب الحيط ويقول يا ربي السترة...

جاءت إسرائيل و"نعفت" كل ستر مغطى...

في آخر تقارير المخابرات الغربية ان الذين انخرطوا في المقاومة منذ اندلاع الحرب في غزة بات يزيد على مئة وخمسين ألفا...

رغم قلة هذا العدد نسبة إلى حرب الإبادة الجارية...

ينظر الفلسطيني كيف يقتل اهله فيذهب لاخذ بندقية...

الذين لا يزالون ينتقدون إيران في غزة او الضفة قل عددهم إلى درجة الفضيحة...

ينشر بعض المواقع كليبات لدق إسفين بين الفلسطينيين والشعوب (السنية!!!) بحجة محاربة التشيع، فيزداد إعجاب تلك الشعوب بما قامت به إيران، ويزداد الكره لاميركا والغرب ومعهم النظام الرسميالعربي...

ينظر هؤلاء الناس، فيجدون ان النظام الرسمي العربي إما خائن أو في احسن الأحوال ساكت عن الحق...

هل سوف تنفجر هذه الشعوب؟

نشر احد المواقع مقابلة كانت جرت مع أسامة بن لادن الذي كان يحارب السوفيات في أفغانستان إلى جانب الاميركيين وعملائهم...

كانت إجابته إنه قرر ضرب أميركا بعد أن رأى بأم العين ما فعلته إسرائيل في بيروت سنة ٨٢ بدعم كامل من أميركا والناتو...

اذا كان بن لادن ذو الرأس المتحجر تغير...

هل من شك أن كل تلك الشعوب سوف تنتفض؟


المصدر: موقع إضاءات الإخباري