كتب الأستاذ نضال بركات:
مع ازدياد الوضع تأزماً في المنطقة بأسرها بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة واحتمال شن الكيان الإسرائيلي الحرب على لبنان, أثار القلق لدى الأمريكيين بشأن طبيعة هذه الحرب ونتائجها بعد أن أظهرت المقاومة اللبنانية قدراتها الضخمة بإمكانية إلحاق الهزيمة بـ”إسرائيل” .
وتخوفاً من نتائج هذه الحرب كشفت CNN أن مسؤولين أمريكيين طمأنوا “إسرائيل” وأكدوا استعداد إدارة بايدن التام لدعم تل أبيب إذا نشبت الحرب مع لبنان، ولكن “دون نشر قوات على الأرض”, وذكرت المصادر ل CNN أن مسؤولين اسرائيليين كبار بمن فيهم وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي، تساحي هانيغبي، شاركوا في سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين في إدارة بايدن مثل مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ومنسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بريت ماكغورك ناقشوا خلالها مجموعة واسعة من المواضيع بما في ذلك احتمال الحرب مع المقاومة اللبنانية ومفاوضات وقف إطلاق النار والأسرى الإسرائيليين بيد المقاومة في غزة.
إن هذه الاجتماعات وإعلان الدعم الأمريكي اللا محدود لـ “إسرائيل” جاءت في الوقت الذي ازداد الوضع تأزما مع ضربات المقاومة اللبنانية لمواقع الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة , وسط مخاوف من احتمال اندلاع صراع شامل آخر في الشرق الأوسط “لأن النتائج لن تكون لصالح تل أبيب التي تحاول الهروب من مأزقها في غزة وعدم تحقيقها النصر الموعود بالقضاء على المقاومة الفلسطينية والإفراج عن الأسرى, ولهذا لم يكن مستغرباً إسراع واشنطن وإعلان دعمها لـ “إسرائيل” لأنها تعلم حقيقة الأزمة لدى “إسرائيل” التي هي من مأزق إلى آخر أكبر منذ السابع من أكتوبر الماضي, وطوفان الأقصى الذي كشف حقيقتها الإجرامية أمام الرأي العام العالم, ولهذا فإن واشنطن معنية بهذه الحرب لأن الخسارة ستصيبها أيضاً ولهذا تواصل تزويد جيش الاحتلال يوميا بكافة صنوف الأسلحة إضافة إلى الدعم المتواصل سياسيا في كافة المؤسسات الدولية وضغوطها على الكثير من الدول في المنطقة والعالم من أجل الوقوف إلى جانب الكيان, ورغم ذلك فإنهم لم يستطيعوا تحقيق الاختراق المطلوب, إلا أن الخشية الأكبر لدى واشنطن هي مرحلة السبات السياسي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والمرشح فيها الرئيس بايدن , ولهذا تتخوف الإدارة الأمريكية من نتائج هذه الانتخابات إذا لم تظهر الدعم الكامل لتل أبيب, وهذا ما يعلمه جيدا نتنياهو الذي يلعب على هذه الحبال من أجل خسارة بايدن وفوز صديقه ترامب الذي يمكن أن يوفر له الدعم وإيجاد حل لمشكلته للخروج من مأزقه في الحكومة لأنه يعلم إن خرج منها بدون ضمانات فسيكون مصيره السجن.
بكل الأحوال ومهما كانت محاولات نتنياهو استغلال هذا الوقت من أجل مصالحه الشخصية , إلا أن إدارة بايدن قدمت مساعدات ضخمة لـ “إسرائيل” عسكرياً وسياسياً واقتصادياً كأي إدارة أمريكية كانت في البيت الأبيض , رغم أن الرئيس بايدن زار “إسرائيل” وأعلن دعمه المطلق لها وأعلن صهيونيته وكذلك وزير خارجيته بلينكن الذي يزور “إسرائيل” باستمرار أعلن أنه يهودي وسيستمر في حبه ودعمه لها حتى إن القوات الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط تقدم الدعم المطلوب لـ “إسرائيل” في حربها المجنونة على غزة وعلى لبنان , والمخاوف التي أعلنتها واشنطن بشأن أي حرب قد تندلع مع المقاومة اللبنانية حقيقية لأنها تعلم قدرات المقاومة العسكرية , وهذا ما أكده مسؤولون أمريكيون لشبكة سي ان ان من أن لديهم مخاوف جدية من أنه في حالة اندلاع حرب شاملة في الشمال , يمكن لحزب الله أن يهاجم الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي (القبة الحديدية)، وأن هذا الواقع من شأنه أن يجعل الدعم الأميركي الكامل لـ”إسرائيل” أكثر أهمية.
فهل بالفعل يمكن أن يحقق هذا الدعم النتائج التي يريدونها؟
من الواضح بأن المقاومة تمتلك قوة كبيرة في الميدان براً وجواً وبحراً , وهذا ما أشار إليه السيد حسن نصر الله في خطابه الأربعاء الماضي وأقلق العدو, وأكد أنه لن يكون هناك مكان آمن في “إسرائيل” في حالة اندلاع حرب أوسع مع “الاحتلال”، وإذا كانت المقاومة عرضت ما قامت به مسيرة الهدهد فوق الأراضي المحتلة, فهذا يؤكد حقيقة القوة التكنولوجية التي وصلت إليها المقاومة وفق ما قاله السيد نصر الله, وبالتالي فإن الشريط المصور لمسيرة الهدهد رسائل عدة في مقدمتها رسالة إلى نتنياهو في حال أراد توسيع الحرب وأن كل المناطق المصورة هي أهداف عسكرية إضافة إلى إظهار الضعف التقني لـ “إسرائيل” وإظهار القدرات الاستطلاعية للمقاومة وامتلاك المقاومة بنكاً من الأهداف الحيوية والاستراتيجية .
إن قدرات المقاومة كبيرة جداً, ومهما كان الدعم الأمريكي لـ “إسرائيل” لن يغير شيئا ,فالأوضاع تغيرت ولم تعد كما كانت , وهذا ما تتخوف منه ليس “إسرائيل” وإنما الولايات المتحدة أيضا خاصة بعد ثمانية أشهر ونصف الشهر من المأزق في غزة فما بالكم إذا اندلعت المعركة مع جبهة الإسناد القوية مع المقاومة اللبنانية.. بالتأكيد المرحلة المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت.