كتب الأستاذ حليم خاتون:
تجري اليوم انتخابات رئاسة الجمهورية في إيران بعد ليلة دارت فيها في الناحية الأخرى من الكوكب مناظرة بين جو بايدن ودونالد ترامب...
الحدث يجب أن يكون عظيما...
تعبر كل من إيران وأمريكا عن مركزي قوة الحرب الدائرة اليوم في الشرق الأوسط...
لم يعد هناك *بلا أي أسف* حليف للمقاومة كان يمثله سابقا الإتحاد السوفياتي؛ (لمن لا يعرف، كان الاتحاد السوفياتي يضم هو أيضا "لوبي صهيوني" كان لا يزال قويا داخل روسيا الاتحادية حتى اندلاع حرب أوكرانيا)...
قامت الثورة في إيران...
بعد أقل من بضعة من السنين، اثبتت إيران إنها اكثر من مجرد حليف...
اثبتت في غياب حلف وارسو والنظام الرسمي العربي إنها خير من يمد مقاومة الشعب الفلسطيني بما يحتاج لكي يقاوم وينتصر...
اما الطرف الآخر، أميركا...
هي مركز الامبريالية العالمية بعد أن ورثت الاستعمار الأوروبي القديم...
إذا كانت أميركا قد حاولت في البدء إيجاد وسيلة لعدم استفزاز الامة العربية ومحاولة الحديث مع رأس هذه الامة في ذلك الزمان عبر مراسلات عبد الناصر وجون ف. كينيدي؛ فإن اغتيال الرئيس كينيدي الذي ينسبه البعض إلى اللوبي الصهيوني أدى إلى استلام ليندون جونسون الرئاسة...
مذ ذلك الوقت، أحكم اللوبي الصهيوني السيطرة على كامل الإدارة الأميركية بناء على تعليمات الرئيس الجديد الذي كان متزوجا من يهودية صهيونية، له منها أولاد هم بحكم الديانة اليهودية يتبعون دين الأم، وبكل أسف عقيدتها الصهيونية أيضا...
في الشكل،
لكل ما يجري، وكيف يجري، ومع من، وبين من، تجري الأمور؛ لكل ذلك دلالات تُظهر أن القضية الفلسطينية يقف وراءها مركز حيوي شاب نشيط بغض النظر عن الأعمار، بينما من يقف وراء اسرائيل هما عجوزان خَرِفان واحدها يتبول في حفاض والثاني يملأ القاعات بالروائح النتنة...
في المضمون، لا يهم المقاومة الفلسطينية ولا الشعوب المقاومة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان من ينتصر بين المرشحين الأربعة في إيران؛ ثلاث مرشحين من التيار المحافظ، ومرشح من التيار الإصلاحي...
في إيران لا فرق بين محافظ واصلاحي عندما يتعلق الامر بقضية فلسطين...
المرشحون المحافظون يتبعون بالحرف، او على الأقل هذا ما يقولونه؛ يتبعون المبادئ الأساسية التي قامت عليها الجمهورية الإسلامية...
تحتل فلسطين في وجدان الإسلام الإيراني الذي رسم خطوطه العريضة الإمام الراحل آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني؛ تحتل فلسطين حيزا كبيرا في قلب هذا الوجدان...
فالإمام الخميني هو من طرد السفارة الإسرائيلية من طهران ودعى ياسر عرفات لافتتاح سفارة فلسطين مكانها...
لا يقل المرشح الإصلاحي الذي يتمتع بتأييد قوي من الرئيس الأسبق السيد محمد خاتمي عن منافسيه المحافظين في النظر الى أهمية فلسطين وأهمية حركات المقاومة في سلسلة الجبهة المقاومة للامبريالية في منطقتنا...
لذلك يكمل محور المقاومة طريقه في النضال وهو مطمئن إلى الجبهة الخلفية التي لا يمكن ولا بأية صورة من الصور أن تتخلى عن قضية الأمة الإسلامية الأولى، فلسطين...
في الجهة المقابلة نرى عجوزين يقفان قرب المقبرة؛
دونالد ترامب ذو الوجه الأميركي القبيح يصرخ بأعلى الصوت إنه يجب ترك اسرائيل تكمل ارتكاب المزيد من المجازر من اجل تركيع الشعب الفلسطيني...
دونالد ترامب يحمل راية المسيحية الصهيونية والمحافظين الجدد التي تريد تدمير الأقصى واعادة بناء الهيكل المزعوم دون اية مراعاة لا للإنسانية ولو للحقوق ولا لأي مواقف نبيلة...
هو قبيح إلى درجة إنه يدوس النظام العالمي برجله العارية دون اي وخز ضمير؛ كما يبصق في وجه كل الزعماء العرب دون اي اهتمام بما سوف يؤول اليه هذا النظام الرسمي العربي...
مقابل هذا العجوز الأرعن، يقف جو بايدن الذي لا يقل كرها للعرب والمسلمين وكل ما يمثله العالم الثالث من قيم إنسانية وحضارية...
الفرق الوحيد بين دونالد ترامب وجو بايدن هو أن هذا الأخير يلبس قناعا يبتسم لإخفاء وجهه الأميركي القبيح، كما يلبس القفازات حين يذبحنا...
يظن البعض أن ليس مهما على الإطلاق مَن مِن الاثنين سوف ينجح طالما أن النتيجة واحدة:
مزيد من الدعم للكيان الصهيوني...
مزيد من مجازر الإبادة...
مزيد من الأطفال والنساء والشيوخ الشهداء...
لكن لا...
طالما أن لا فرق بين الإثنين، يجب معاقبة بايدن بعدم التصويت له...
إذا عاد ونجح بايدن لن تكون ايدينا ملطخة بالدماء التي تسبب بسقوطها، او تلك التي سوف يتسبب بسقوطها لاحقا...
أما اذا نجح ترامب، والدلائل تشير إلى هذا... نكون عندها أمام وجه أميركا بكل القبح الذي تحمله؛ ولتتحمل أميركا وزر هذه المواقف في الداخل والخارج...
لقد تسببت ال ٤٨ باغتيال ملك، ونفي ملكين آخرين وسلطان وقيام ثورات شعبية وانقلابات...
اما ترامب، فسوف يولد من حيث لا يدري قوة كره عربية إسلامية ثلاث عالمية بلا حدود...
سوف يؤدي إلى سقوط كل الأنظمة التي مشت معه...
اما في قضية استمرار الحرب والمجازر...
فمع ترامب، وبدون ترامب، يذبح شعب فلسطين ليلا نهارا...
ما تخسره القضية الفلسطينية في زمن الخنوع أكبر بكثير من خسائرها في زمن الحروب...
كما قال الدكتور ابو غزالة:
كل من سقط شهيدا؛ كل من سوف يسقط؛
هم افضل "مني" ألف ألف مرة...
لكن تضحياتنا لا تزال بعيدة عن الارقام التي قدمتها الشعوب الأخرى في طريق الحرية...
الاتحاد السوفياتي، ٢٧ مليون...
فيتنام حوالي خمسة ملايين...
الجزائر مليون ونصف المليون...
يقول زياد الرحباني أن الشعوب التي لا يحوي تاريخها على دماء تظل قلقة لا هدفا محددا لها...
لقد قدر الله لارض فلسطين أن تكون كربلاء العصر، وقدر للمجاهدين أن يكونوا حماة اصلاح الأمر في أمة رسول الله...
لا لن نكون اؤلئك الذين يتخذون الظلام جملا يحملهم بعيدا عن أرض الجهاد...
في محور المقاومة، يسعون لوقف النار تخفيفا من آلام شعب فلسطين...
هم أدرى بحالهم...
لا يحق لأي كان المزايدة على من يقاتل...
من المؤكد ان لهم تكتيك واستراتيجيا يهدفالى التحرير الناجز لفلسطين...
لكن إنسانيتهم تفرض عليهم طلب وقف النار رغم خطأ هذا الطلب في الجوهر...
المقاومة تعيش بالقتال...
وصلح الحديبية، يجعل من ابن سفيان حاكما على مكة...
حال الأمة تحتاج الى مزيد من الدماء حتى تطهر الأرض من رجس عمره عشرات ومئات السنين...
الشعب الفلسطيني يخسر اكثر بكثير مع وقف النار...
مرة اخرى، نعود إلى نظرية حكيم الثورة الفلسطينية جورج حبش الذي قال،
إن أمل القضية الفلسطينية الوحيد هو في تعنت الصهاينة والامبريالية...
العرب يبيعون ويشترون...
تعنت الصهاينة هو ما سوف يفسد أي بيع أو شراء...
هم لن يعطوا الفلسطيني أي شيء...
لذلك سوف يستمر النضال حتى النصر...
مجيء ترامب لن يزيد الصهاينة إلا تعنتا، وهذا سوف يكون بركة من بركات السماء تزيد جذوة النضال وتجعل الحالمين بامكانيات تسوية مع الوحوش من مصاصي الدماء يستيقظون ويذهبون إلى مزيد من المقاومة تحت شعار:
إن الداعية إبن الداعية يضعنا بين السلة والذلة...
وهيهات منا الذلة!