هل حزب الله عاجز عن توجيه الضربة الأولى؟
مقالات
هل حزب الله عاجز عن توجيه الضربة الأولى؟
حليم خاتون
1 تموز 2024 , 06:55 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون

عندما كانت أميركا ومعها الغرب يحشدون الجيوش لمهاجمة العراق بعد احتلال صدام حسين للكويت بخدعة أميركية صارت معلومة للجميع، نصح الفريق الشاذلي، بطل العبور في أكتوبر ٧٣؛ نصح صدام حسين بتوجيه ضربة للقوات المقابلة قبل أن تكمل الحشد، مستندا على وجوب تجنب الضربة الأولى كما حدث مع الجيش المصري في الخامس من حزيران ٦٧...

اعتبر الفريق الشاذلي ان من يقوم بما قام به صدام لا يمكن أن يكون فعل ذلك دون حسابات دقيقة جدا، وان الرجل لا بد يخبئ مفاجآت، ولا يبلف في لعبة بوكر كما تبين لاحقا؛ خاصة بعد الضجيج الإعلامي الكبير الذي تحدث عن الجيش العراقي كرابع أقوى جيش في العالم...

لا الفريق الشاذلي كان على حق بسبب غياب الكثير من المعطيات لديه، ولا صدام كان على مستوى الأحداث...

نفس الأسئلة، ونفس الطلب يمكن أن يوجه إلى جبهة الإسناد في محور المقاومة من إيران إلى جنوب لبنان...

ما يحصل في غزة يفوق كل وصف...

ما يحصل في غزة ليس مجرد إبادة تهدف إلى التطهير العرقي...

وفقا للمؤرخ إيلان بابيه، ما يحدث في غزة هو قطعا أكبر بكثير من تطهير عرقي...

ما يتم تنفيذه من قبل الصهاينة في الضفة الغربية هو خطوة ما قبل الإبادة تهدف أيضا إلى التطهير العرقي عبر القضاء على كل مقومات الحياة هناك...

في فلسطين، هناك من يلوم حركة حماس كما فعل أبو مازن رغم انه أحد مهندسي أوسلو والمسؤول الأول عن المآسي المضاعفة التي لحقت بالقضية الفلسطينية خلال العقود الثلاث السابقة...

كذلك الأمر في العالم العربي الذي وصل بكل أنظمته التي انجرفت إلى حملات التطبيع المجاني ومواقف خيانة لو مهما ألبست تلك الخيانة من زينة تظل تدعو إلى القرف والإشمئزاز...

هل كان هؤلاء يريدون من المقاومة الفلسطينية خارج منظمة التحرير أن تمشي كما فعلت المنظمة التي تحولت شرطيا لحماية الاحتلال والاستيطان في أحسن الأحوال، والتجسس والعمالة لهذا الاحتلال دون رتوش في الحالة الموصوفة...

لقد قامت الفصائل الفلسطينية المقاومة في غزة بأقل ما يمليه الواجب حيث كان العالم العربي إما نائما غافلا كما معظم الشعوب، وإما متآمرا كما هو النظام الرسمي العربي وكل ما يسمى زورا بعرب الاعتدال...

اعترف القائد المناضل الذي يفوق كل الأوصاف التي يمكن أن تقال؛ اعترف الأخ يحي السنوار بأن كل الهدف كان عملية أسر لتبييض السجون ومحاولة إخراج القضية الفلسطينية من القمقم الذي يحاول الغرب والنظام الرسمي العربي حبسها فيه...

نفس الأمر كان حصل في تموز ٢٠٠٦ مع المقاومة اللبنانية...

لكن أميركا، كما هي عادتها دائما، بسبب وبدون سبب؛ بعذر وبدون عذر، تلجأ دائما إلى القتل والتدمير والمجازر وحرب الابادة لإكمال تنفيذ مشروع استعمار فلسطين عبر تشريد أصحاب الأرض الأصليين...

يقول بعض عرب الردة بالمناسبة أن الفلسطينيين باعوا أرضهم قبل النكبة...

هذه إحدى حجج المتخاذلين المتآمرين التي رد عليها المؤرخ (الاسرائيلي) إيلان بابيه عبر تبيان أن كل ما استطاع الصهاينة شراءه في تلك المرحلة، لم يزد على أقل من ٦% تم بيعها من قبل عائلات عربية لبنانية وسورية كانت عندها أملاك في فلسطين بينما كان معظم الفلسطينيين يرفضون البيع رغم كل الإغراءات من قبل أثرياء الصهيونية، والضغوط من قبل الانتداب البريطاني...

عودة ال موضوعنا...

هل كانت حماس على كامل الاستعداد لحرب شاملة؟

هل كانت جبهات الإسناد على كامل الاستعداد هي ايضا لحرب التحرير؟

لو مهما فعلت حماس، لن تستطيع أن تكون على استعداد كامل...

حماس محاصرة بدائرة ٣٦٠ درجة؛ من العرب، قبل الغرب وإسرائيل...

لو مهما فعل محور إسناد غزة، لن يستطيع الوصول إلى اكثر مما يفعل اذا ما نظرنا إلى معسكر الخصم الذي يضم أميركا والغرب والكثير من الأعراب وبعض الفلسطينيين من اهل أوسلو وما ادراك ما أوسلو وما فعله دايتون عندما نجح في تحويل جنود منظمة التحرير إلى مرتزقة ضد أهلهم...

نعم يستطيع حزب الله توجيه ٤٠٠٠ او ٥٠٠٠ صاروخ في ضربة أولى...

حزب الله وبيئة حزب الله يتحملون حتى اليوم خسائر زادت وفق آخر الاحصاءات على اكثر من عشرة آلاف بيت وأكثر من أربعمائة شهيد وهم "مش مخلصين" لا مع البطرك، ولا مع ما يسمى في لبنان جماعة بدنا نعيش ولو تحت "صرماية" أميركا...

طبعا سوف يخرج من بين هؤلاء من ينعق قائلا إنه طالما لا نستطيع مواجهة أميركا وأتباعها، فالأولى عدم "نكش جب الدبابير"...

يتمنى الكثيرون أن يبادر حزب الله بتوجيه الضربة الأولى من الصواريخ، ودفع الجميع إلى الحرب العالمية مع كل ما سوف ينتج عن ذلك من مئات الآلاف وربما ملايين الضحايا من الناس داخل منطقة المحور...

العدد مخيف فعلا...

قد لا يتحمله إنسان حتى لو كان قائدا بمستوى السيد نصرالله او السيد الحوثي...

قد يصل تطور الميدان إلى هذا الأمر عاجلا أم آجلا... في هذه الحالة يكون ما قدر الله...

إذا وصلنا إلى هذا الأمر يعتقد المحور إنه يكون حاول إنقاذ الناس وتحقيق النصر بكلفة أقل ولكن لم يتيسر الأمر...

محور المقاومة يعرف جيدا إنه يقف وحيدا ضد وحوش كاسرة أيديها وأسنانها ملطخة بدماء الشعوب...

من المؤكد ان في تكتيك واستراتيجيا محور الإسناد الكثير من المعطيات...

المحور ينظر من الأعلى إلى الموقف العام...

كيف سوف يتقبل الشارع الغربي مبادرة حزب الله إلى الضربة الأولى، وهو الذي بدأ يميل إلى السردية الفلسطينية...

هل يعود هذا الشارع ويلتف خلف حول القيادة الامبريالية؟

ربما لا يريد المحور ضرب حاملات الطائرات حتى لا يعطي الامبريالية الحجة لتجاوز الرأي العام المعادي لهذه الامبريالية في الداخل وشن حرب الابادة ضد الشعب الفلسطيني...

يحاول الكثير من المحللين اللجوء الى نظرية الحرب المركبة التي لا تقوم فقط على هجوم عسكري مباغت من اجل استبعاد إمكانية اندلاع حرب شاملة؛ رغم ان موقف إسرائيل ومعها أميركا ليس بعيدا جدا عن تهيئة كل ظروف للحرب الشاملة...

هل يمكن الوثوق بأمريكا وإسرائيل؟

بالتأكيد لا...

يجب أن يظل الإصبع على الزناد...

حتى إذا ما شن العدو اي حرب؛ يكون رد حزب الله شاملا بلا هوادة...

رغم التفوق التكنولوجي الغربي، تظل مساحة الاستهداف أمام محور المقاومة لا تزيد عن مساحة فلسطين، ومساحات ضيقة أخرى للقواعد الغربية في المنطقة...

أما الأساطيل في البحار، فقد أثبت شعب اليمن انها مجرد نمر من ورق...

بينما يحتاج الغرب إلى تغطية مساحة تفوق ثلاث ملايين كلم٢ سوف يعجز حتما عن تغطيتها، ناهيك أن كل التحاليل تتحدث عن نقل المحور للحرب إلى داخل فلسطين التاريخية...

هذه المرة، لن ينسحب المقاومون بعد الاختراق كما فعلت المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر...

هذا المرة يجب نقل مقاتلين من اللاجئين الفلسطينيين من المخيمات إلى قراهم في الجليل حيث يجب أن يخوضوا حرب تحرير بلداتهم التي سقطت منذ ال٤٨...

رغم كل البروباغاندا التي تهول على محور المقاومة، يؤكد البروفيسور جون مارشايمر أن الحرب الشاملة آذا ما اندلعت هذه المرة، فإن إسرائيل واميركا سوف يتلقون ضربات لن تنتهي بأقل من تدمير في الكيان لن يستطيع الخروج منه بسهولة...

لكن، في كل الأحوال، يجب عدم السماح لإسرائيل واميركا بتوجيه الضربة الأولى دون رد متزامن يخرج كل المنظومات من موقع الأمان ومن ثم الدخول إلى ما خلف خطوط العدو حتى يمنع عليه التفرد بالسيطرة الجوية...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري