كتب الأستاذ حليم خاتون:
يومان مرا على رد حزب الله بقصف مُركّز على الكيان واختراق الحدود اللبنانية الفلسطينية بعشرات المسيرات...
حزب الله اوجز ما حدث بكلام مباشر من السيد نصرالله شرح فيه ما هو ممكن الإعلان عنه وترك الباقي للمعارك القادمة بإذن الله...
في يومين إثنين فقط ظهرت سردية متماسكة لحزب هز عرش أميركا التي كما تبين نقلت رسالة غير مباشرة إلى الحزب أن أميركا وكلبها قبلا بما حدث وابتلعا الصفعة أملا في أن يكتفي الحزب بما فعل...
في يومين إثنين تخبطت كل دوائر الكيان في نسج عملية استباقية مضحكة تفوق في بلاهتها كل ما يخطر على بال...
في نصف ساعة استطاع الكيان ومعه كل منظومة حلف الأطلسي من القضاء على ستة آلاف صاروخ لحزب الله وفق سردية الاحتلال...
يعني أن أميركا تستطيع تدمير كل منظومة صواريخ حزب الله في أقل من ٤٨ ساعة، لكنها لم تفعل، ولا تفعل!!!...
ربما عدلت أميركا عن ذلك بطلب من نديم الجميل بينما لا يزال سامي الجميل يقف على الحدود يحمل "ناضورا" حربيا لفرض ال ١٥٥٩!!...
يبدو أن الكيان لم يفقد فقط القدرة العسكرية؛ بل فقد فوقها علم الحساب من مستوى الأول ابتدائي...
توقف توم عن ملاحقة جيري في افلام الكارتون؛ استمعا إلى بيان الكيان، ومنذ تلك اللحظة لا يستطيعان التوقف عن الضحك...
بعد الارتياح الكامل إلى أن في لبنان حزب يستحق بكل جدارة أن ينسب نفسه إلى طاعة الله ورسوله ويحمل بركات الولي الفقيه ( هذه نكاية بجعجع، والعربية، وأولاد الكلب من العرب واللبنانيين خاصة)؛ بعد هذا...يستطيع المرء أن يلتفت قليلا إلى أمور أخرى...
قبل ضربة حزب الله، كان يسود شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"...
الآن، تأكد المرء أن بالاستطاعة تناول أمور أخرى، وهو يعرف ان مستقبل القضية في ايد أمينة حتى إذا ما سقط قائد في الميدان برز إلى هذا الميدان قائد أشد بأسا وأكثر عنادا على مواصلة الدرب حتى التحرير الكامل...
على درب هذا التحرير، يطمئن المرء ويبدأ النظر الى ما بعد التحرير...
صدقوني ليس في الأمر اي مبالغة. كل ما في الأمر أن هم إعادة بناء أسس هذه الأمة عادت تشغل البال...
خلال اكثر من ٢٤ ساعة كل يوم، ومنذ السابع من أكتوبر، كانت الشاشات التي تشد العيون هي وحدها من يتحدث عن المعارك الدائرة في حرب لا يمكن أن تنتهي الا بالتحرير...
ينتقل المرء من شاشة إلى أخرى ومن غزة إلى الضفة إلى لبنان إلى اليمن يفتش عن الخطوة المقبلة في حرب التحرير هذه...
لكن صورة أخرى خرجت على الشاشات لموت طبيعي أخذ رجلا وطنيا كبيرا إلى جوار ربه هو الدكتور سليم الحص...
بعض العرب قد لا يعرفون الرجل...
الكثير من عرب أميركا حاربه...
بل جاء إلى بيت العزاء في الرجل كثير من اللصوص الذين حاربهم الدكتور سليم الحص...
يوصي الرسول بالحديث عن حسنات الموتى ونسيان سيئاتهم...
الاعلامية هلا حداد، مثل الكثيرين لم تستطع أن تجد في سيرة الدكتور الحص ولا سيئة واحدة...
حمل الرجل بجدارة لقب ضمير لبنان...
هو من الرجال القلائل جدا إلى درجة الندرة الذين يستحقون رتبة القديسين في زمن تفوق نسبة اللصوص والانتهازيين في الطبقة السياسية اللبنانية ال ٩٩%...
لا ضرورة للاستغراب؛ نحن العرب معتادون على النسب العالية وإن كانت الطبقة الحاكمة في العالم العربي ليست في حاجة إلى أي استفتاء لأنها باتت تعتبر نفسها خليفة الله على الأرض...
حين ذُكِرَت حسنات الدكتور الحص، ظهر على الشاشة من ذكرني بسيئة واحدة على الأقل لهذا الرجل الكبير...
الدكتور سليم الحص هو من جلب إلى إدارة الدولة اللبنانية أكبر لص، وأسوأ عميل لأميركا، فؤاد السنيورة...
سامح الله الدكتور سليم الحص على هذا البلاء العظيم الذي تسبب به لهذا الوطن الصغير...
الدكتور الحص لم يكن فقط رجلا نظيفا إلى أعلى المستويات، بل كان رجلا بسيطا إلى درجة إنه لم ير في فؤاد السنيورة تلك البلاوي التي سوف يجلبها هذا الرجل معه...
بين الحضور في العزاء وقف المجاهد الأستاذ محمد رعد يقول في سليم الحص ما يعرفه الجميع وما أقر به حتى قاتل الرؤساء، سمير جعجع...
لكني لم أجد السيد حسن فضل الله...
السيد فضل الله يحمل ملف ملاحقة الفساد والفاسدين في حزب الله...
كان يجب على السيد فضل الله أن لا يفارق الدكتور الحص حتى يأخذ منه كل النصائح بشأن محاربة الفساد في لبنان...
السيد فضل الله خسر هذه الفرصة للمرة الثانية، لأنه لم يجتمع بالوزير الأسبق، والرجل الآدمي الآخر، الدكتور جورج قرم...
لا تزال هذه الفرصة سانحة...
قبل فقدان الأوان،
على السيد فضل الله عدم مفارقة من لا يزال حيا من الأوادم، أطال الله بأعمارهم...
الجنرال إميل لحود مثلا...
والدكتور جواد عدرا الذي حاربته مافيا الدولة العميقة في لبنان بكل أركانها من جميع الطوائف والمذاهب...
معركة تحرير الوطن من الاستعمار بالغة الأهمية...
لكن تحرير الوطن من الفاسدين الذين يوازون العملاء في الأضرار لا يقل أهمية...
حليم خاتون