شهوة التحريم.. اعلم أن للتحريم شهوة في النفس تُضاهي في قوتها شهوة المال والجنس..
مقالات
شهوة التحريم.. اعلم أن للتحريم شهوة في النفس تُضاهي في قوتها شهوة المال والجنس..
سامح عسكر
4 أيلول 2024 , 15:17 م


الإنسان يميل غرائزيا للمنع والحرمان وهو يظن أنه بذلك يرضي ربه، يتذوق التحريم كما يتذوق الطعام، يدعي أنه محروم وممنوع وهو يعيش لذة بداخله لا يشعرها سواه..

قديما ظهرت الرهبانية من هذا الباب، وهو المنع والتحريم الغرائزي، فيدعون الحرمان وهم بداخلهم بتمتعون بشهوة التحريم التي صورت لهم القاعدة النفسية المشهورة ، كلما حرمت أشياء كلما كنت عند الله أقرب..

وهي الطريقة التي ضل بها بعض اليهود قديما في زمن النبي، فنزل القرآن يعاتبهم بأنهم لما يحرمون ما أحل الله لهم...

أما العلم فهو يسير في طريق آخر..

العلم يقول أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن التحريم دليله النص فقط لا الذوق والميول..قد يتدخل العقل كأداة تحريم بالقياس على ظهور الضرر..فإذا غلب على الشئ ضرره عن نفعه حكم بتحريمه..مثل المخدرات التي ثبت ضررها أكثر من نفعها..

شهوة التحريم تخاطب الميول والذوق الشخصي، فهي لا تستند على نص أو عقل، وهي مقدمة الرهبنة والعزلة الاجتماعية..وأصحابها أكثر الناس جهلا بالدين والعلم..

المتشددون المعاصرون أكثر الناس تحريما، وفي ذات الوقت يُحرمون الرهبنة، فظهروا منافقين مضطربين يعيشون بأكثر من وجه..

المتشدد عمليا كائن مادي مستسلم لرغباته وشهواته، والتحريم لديه ثقافة وميول يستمتع ويستعرض بها على الناس فقط، لكنه في خلواته ليس هكذا، فهو مخير بين كمال العزلة والرهبنة التي هي ترتبط شرطيا مع شهوة التحريم، وبين تقبيح الرهبنة في الفكر الإسلامي..

فتكون النتيجة كائن مضطرب عقليا ونفسيا، يستعرض شهوة التحريم والمنع أمام الناس، لعلمه أن الجمهور يرى التحريم عبادة وفقا لغرائزه، لكنه في ذات الوقت يتمتع بكل سبل ومتع الحياة المختلفة الأخرى بدعوى قبح الرهبنة..

ونظرة واحدة لحياة كبار هؤلاء المتشددين تكفي..

يسكن أفخم القصور، ويركب أغلى السيارات، ويحصل على أجور ومنح خرافية، مع ذلك يظهر أمام الناس بصورة الفقير الزاهد (اللهم أنت تعلم كيف حالي، فهل ياسيدي فرج قريب)..

المصدر: موقع إإضاءات الإخباري