لغز دفن النساء في مقبرة عمرها 5600 عام بإسبانيا يكشف أسرارا المجتمع القديم
منوعات
لغز دفن النساء في مقبرة عمرها 5600 عام بإسبانيا يكشف أسرارا المجتمع القديم
1 تشرين الأول 2024 , 14:44 م

كشفت أبحاث متعددة التخصصات عن انحياز جنسي في مقبرة "بانوريا" الميغاليثية في إسبانيا، حيث تم دفن النساء بمعدل ضعف عدد الرجال، مع تفاقم التفاوت بشكل أكبر بين الأطفال حيث كانت النسبة 10 إناث مقابل كل ذكر واحد.

اكتشاف مذهل في مقبرة "بانوريا"

قاد فريق بحثي متعدد التخصصات من جامعتي توبنغن وغرناطة اكتشافا لافتا في مقبرة "بانوريا" (غرناطة، إسبانيا). أظهرت الحفريات أن عدد النساء المدفونات كان ضعف عدد الرجال، وكان هذا الانحياز أكثر وضوحا بين الشباب، حيث وصلت النسبة إلى 10 إناث لكل ذكر واحد.

تقع مقبرة "بانوريا" في أقصى الطرف الشرقي من "سييرا هارانا" في بلدة "دارو" (غرناطة). تتألف المقبرة من 19 قبرًا على الأقل، وتم حفر 9 منها بين عامي 2015 و2019. وهي قبور جماعية استخرج منها أكثر من 55,000 من البقايا البشرية. تشير تواريخ هذه البقايا إلى أن الدفن بدأ قبل 5600 عام واستمر بشكل متقطع حتى 4100 عام.

التقدم في دراسة البقايا البشرية

نُشرت دراسة حديثة في مجلة Scientific Reports المرموقة، استخدمت فيها أساليب جديدة في علم الآثار البيولوجية لتحديد الجنس الكروموسومي من خلال دراسة الحمض النووي وتحليل بروتين "الأميلوجينين" الموجود في مينا الأسنان.

بفضل هذه الطرق، تمكن العلماء لأول مرة من تحديد الملف الديموغرافي الدقيق لجنس الأشخاص المدفونين في هذه المقابر. وكانت النتائج مفاجئة، حيث أظهرت انحيازا واضحا لصالح دفن الإناث بمعدل ضعف الذكور، مع انحياز أكبر بين الأطفال بنسبة 10 إناث لكل ذكر.

تفسير انحياز دفن الإناث

ما هي الظروف التي أدت إلى هذا الانحياز الواضح لصالح دفن الإناث في "بانوريا"؟ يظهر هذا الانحياز في جميع القبور المدروسة وفي جميع الفئات العمرية وعلى مدار فترة استخدام المقبرة، مما يدل على أنه كان قرارا اجتماعيا متأصلا استمر على مدار الأجيال.

إذا كان هذا الانحياز قرارًا اجتماعيًا، فما هي الأسباب التي قد تفسر هذه الهيمنة للنساء في الطقوس الجنائزية؟ بالنظر إلى أن العلاقات البيولوجية كانت العامل الرئيسي للدفن في هذه المقابر، فإن التمثيل الزائد للإناث قد يشير إلى وجود ممارسات جنائزية تستند أساسا إلى النسب الأمومي.

يشير هذا إلى أن الروابط الأسرية والانتماء الاجتماعي كانت تُحدد من خلال الخط الأمومي. هذا قد يفسر غياب الذكور الصغار الذين ربما انتقلوا للانضمام إلى مجموعات أسرية أخرى، وهي ممارسة شائعة في الأنثروبولوجيا تُعرف باسم الزواج الخارجي للذكور. في كل الأحوال، يُظهر هذا الانحياز هيكلا اجتماعيا يتمركز حول النساء، حيث كان للجنس دور مؤثر في الطقوس الجنائزية والتقاليد الثقافية.