الألم دون التهاب.. العلماء يكشفون عن صلة فيروسية مفاجئة
منوعات
الألم دون التهاب.. العلماء يكشفون عن صلة فيروسية مفاجئة
21 تشرين الأول 2024 , 11:32 ص

كشفت دراسة حديثة عن ارتباط غير متوقع بين الألم والعدوى الفيروسية، حيث اكتشف العلماء أن الألم يمكن أن يحدث دون وجود التهاب، هذا الاكتشاف قد يساهم في تطوير علاجات جديدة للألم، خاصة في حالات العدوى الفيروسية مثل "كوفيد-19"، دون التأثير على الجهاز المناعي.

الآلية المناعية لـ STING وعلاقتها بالألم

أظهرت الدراسة أن جهاز استشعار مناعي يُعرف باسم STING (المنبه للجينات المفرزة للإنترفيرون) يمكنه تنشيط الأعصاب المسؤولة عن الشعور بالألم بشكل مستقل عن الالتهاب. يعمل STING عندما يكتشف شظايا من الحمض النووي الفيروسي، مما يؤدي إلى تفعيل الخلايا العصبية المتعلقة بالألم دون الحاجة إلى تحفيز استجابة التهابية.

تجربة على الفئران المصابة بفيروس الهربس

أجرى الباحثون تجارب على فئران مصابة بفيروس الهربس البسيط (HSV-1)، وهو فيروس قريب من فيروس الحماق النطاقي (VZV) المسبب لجدري الماء والقوباء المنطقية. أثبتت النتائج أن إزالة STING من النهايات العصبية الحسية قللت بشكل كبير من الألم دون التأثير على الالتهاب أو الحمل الفيروسي.

اكتشاف آلية جديدة للألم الفيروسي

يرى العلماء أن ارتباط مسار إشارات STING بالألم بشكل مستقل عن الالتهاب قد ينطبق على أنواع أخرى من العدوى الفيروسية والبكتيرية، بما في ذلك فيروس كورونا المستجد (SARS-CoV-2). وتشير الدراسات الحديثة إلى وجود تفاعل مؤلم بين STING وفيروس SARS-CoV-2.

آليات تحفيز الألم

يعد الألم من الأعراض المبكرة للعدوى، لكن الآليات التي تحفزه ما زالت غير مفهومة بشكل كامل. فعادة ما تتعرف الخلايا المناعية على الأحماض النووية الفيروسية، مما يؤدي إلى تنشيط المستقبلات التي تثير استجابة مناعية. ومع ذلك، تُظهر هذه الدراسة أن جزءًا من عملية الشعور بالألم مرتبط بشكل مباشر بتفعيل الخلايا العصبية وليس الالتهاب.

تأثير اكتشافات الدراسة على تطوير علاجات جديدة

صرح تياغو ماتار كونا، أحد مؤلفي الدراسة، أن التركيز الحالي للمجموعة البحثية ينصب على استخدام هذه الآلية في تطوير استراتيجيات علاجية تمنع الألم دون التأثير على الجهاز المناعي.

وأضاف كونا: "ارتبط الألم تاريخيا بالعملية الالتهابية، ولكن خلال العقد الماضي، ظهر مفهوم جديد في الأدبيات العلمية يشير إلى أن الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والفطريات يمكنها تفعيل الألم من خلال منتجاتها". وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن الفيروسات أيضا يمكنها تفعيل الخلايا العصبية المؤلمة عبر مستقبلات مثل STING.

فيروس الحماق النطاقي

في عام 2017، نشر كونا وزملاؤه بحثا يوضح أن آليات مناعية ناتجة عن إعادة تنشيط فيروس الحماق النطاقي (VZV) يمكن أن تؤدي إلى تغيير في وظيفة الخلايا العصبية الحسية، مما يسبب الألم العصبي الهربسي، وتستند الدراسة الحالية إلى نفس النموذج الحيواني الذي استخدم في دراسة 2017، باستخدام فيروس HSV-1، الذي يسبب آفات جلدية فموية وتناسلية عند البشر، بدلاً من فيروس الحماق النطاقي.

يعد جدري الماء مرضا فيروسيا معديا بشدة، يسبب طفحا جلديا مملوءا بالبثور. وبينما يكون المرض حميدا في معظم الحالات، إلا أن فيروس الحماق النطاقي يظل كامنا في الجسم، ويمكن أن يُعاد تنشيطه لاحقا مسببا القوباء المنطقية، خاصة عند الأشخاص المصابين بنقص المناعة مثل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).

آلية تفعيل STING وتخفيف الألم

تقليديا، يرتبط تفعيل STING بالبروتين TBK1 الذي يحفز إنتاج الإنترفيرونات، وهي جزيئات ضرورية للاستجابة المناعية. ومع ذلك، أظهرت الدراسة أن تثبيط TBK1 قلل من الألم، بينما لم يكن لحجب الإنترفيرونات أي تأثير، مما يشير إلى أن STING يمكن أن يحفز الألم عبر مسارات مستقلة.

اكتشاف تفعيل قناة TRPV1

كشفت الدراسة أيضا أن تفعيل STING يؤدي إلى تفعيل قناة TRPV1 الأيونية، مما يتسبب في إزالة استقطاب الخلايا العصبية الحسية. ويعد هذا الاكتشاف آلية جديدة لتفسير كيفية تفاعل STING مع الشعور بالألم بعيدا عن المسارات المعروفة سابقا.

يمثل هذا البحث خطوة مهمة نحو فهم كيفية تسبب العدوى الفيروسية في الألم دون الحاجة إلى التهاب. ومن المتوقع أن يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام تطوير علاجات جديدة لتخفيف الألم خلال العدوى الفيروسية، دون التأثير على الوظائف الحيوية للجهاز المناعي.