تشير دراسة حديثة إلى أن النشاط البدني المعتدل قد يكون له تأثير أكبر مما نعتقد في محاربة "كآبة ما بعد الولادة"، وهو شكل من أشكال الاكتئاب الذي تعاني منه الأمهات الجدد. ووجدت الدراسة أن ممارسة التمارين الرياضية المتوسطة لأكثر من ساعة أسبوعيا يمكن أن تقلل من شدة هذه الحالة، وتقلل بنسبة تصل إلى 50% من خطر الإصابة بالاكتئاب السريري الحاد لدى الأمهات الجدد.
تحديات الوقت للأمهات الجدد
ورغم الفوائد الكبيرة التي أظهرتها الدراسة، أقر الباحثون بأن إيجاد الوقت لممارسة الرياضة وسط مسؤوليات الأمومة والتحديات الجديدة قد يكون صعبا، لهذا السبب شددوا على أهمية إعطاء الأولوية للتعافي من الولادة أولا، واقترحوا على الأمهات الجدد بدء النشاط البدني بالمشي "الخفيف" الذي يمكنهن القيام به مع أطفالهن، ثم زيادة كثافة النشاط إلى "معتدل" عندما يشعرن بالاستعداد.
أمثلة على النشاط البدني المعتدل
النشاط البدني المعتدل الذي أشار إليه فريق الباحثين الكندي يشمل المشي السريع، التمارين المائية، ركوب الدراجات الثابتة، أو تمارين المقاومة. هذا النوع من النشاط قد يكون له دور في تحسين الصحة النفسية والتخفيف من القلق والاكتئاب.
التأثير على صحة الطفل
أشار الفريق إلى أن اكتئاب وقلق الأمهات بعد الولادة يعدان من الحالات الشائعة، وقد يؤثران على التطور المعرفي، العاطفي، والاجتماعي للطفل. لهذا، فإن معالجة هذه الحالات النفسية تعود بالنفع على الأم والطفل معًا.
العلاجات التقليدية والتحديات
تتضمن العلاجات التقليدية للاكتئاب والقلق بعد الولادة الأدوية والاستشارات النفسية، ورغم فعاليتها إلا أنها غالبًا ما ترتبط بآثار جانبية، وضعف في الالتزام، وتحديات في الوصول إلى العلاجات في الوقت المناسب، بالإضافة إلى تكاليفها الباهظة.
فعالية التمارين البدنية
أظهرت أبحاث سابقة أن النشاط البدني هو علاج فعال للاكتئاب والقلق بشكل عام. ولكن حتى وقت قريب، لم يكن واضحا ما إذا كان يمكن أن يقلل من شدة اكتئاب ما بعد الولادة في الأسابيع الأولى أو من خطر الاكتئاب الشديد لاحقا.
قام الباحثون بتحليل بيانات من 35 دراسة شملت أكثر من 4 آلاف امرأة من 14 دولة مختلفة، وأظهرت النتائج أن التمارين الرياضية يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب الحاد بنسبة 45% وتخفف من أعراض الاكتئاب والقلق بعد الولادة. كما وجدوا أن بدء التمارين قبل 12 أسبوعا من الولادة يعزز الفوائد بشكل أكبر مقارنة ببدايتها لاحقًا، وأن زيادة حجم التمارين يساهم في تقليل شدة الأعراض.
توصيات الباحثين
للحصول على فوائد التمارين، أوصى الباحثون بمحاولة ممارسة ما لا يقل عن 80 دقيقة من التمارين المتوسطة أسبوعيًا. وأوضحت البروفيسورة مارغي دافنبورت من جامعة ألبرتا أن النشاط البدني الخفيف مثل المشي يمكن أن يكون مفيدا جدا في الأسابيع الأولى بعد الولادة. وشجعت الأمهات على الخروج في نزهات قصيرة بعد التعافي من الولادة، معتبرة أن المشي هو وسيلة رائعة للحصول على النشاط البدني، خاصةً عندما يتم مع الطفل.