المنطقة على فوهة بركان
مقالات
المنطقة على فوهة بركان
حليم خاتون
20 تشرين الثاني 2024 , 06:44 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

هوكشتاين "جايي"...
هوكشتاين أجّل المجيء إلى بيروت...
وصل هوكشتاين إلى بيروت...
اجتمع هوكشتاين بالرئيس بري قبل أن ينتقل للاجتماع مع مندوب "طوال العمر" من عرب حرف الضاد الذي تحول إلى حرف داد منقوص...

هوكشتاين متفائل!!..
أسطوانة تتكرر في لبنان...

في كل مرة يأتي وجه "البوم" ذاك، تحصل مصيبة من هذا الصهيوني الاسرائيلي الذي يأتي إلينا بصفة وسيط أميركي نتشاطر بنزع صفة النزيه عنه وكأننا "شلنا الزير من البير"...

المشكلة ليست على الإطلاق في سذاجة الكثير من اللبنانيين الذين لم يفهموا بعد أن هوكشتاين يأتي في حالتين فقط:

إما بسبب شعور بالتفوق الاميركي الاسرائيلي في الميدان، ومحاولة فرض اتفاق استسلام يفوق ما في ١٧٠١ من مذلة تم قبولها رغم تحفظ حزب الله عليها سنة ٢٠٠٦ بسبب وجود فؤاد السنيورة ومروان حمادة وباقي كلاب عوكر من العملاء؛ هم أنفسهم العملاء الذين عاد حزب الله وكرر غلطة التهاون مع عملاء التحرير سنة ٢٠٠٠؛
لم يقدم لهم حزب الله النصر هدية فحسب، بل ذهب أبعد من ذلك بكثير حين سمح لهم في الدوحة بالركوب على اكتاف أشرف الناس و" دندلة" أرجلهم أيضا؛ 

كل ذلك، إكراما لعيون الجنرال الذي أورثنا جبران باسيل مع كتيبة ناجي حايك ووديع عقل الذي ينادي علنا بوجوب عقد معاهدة سلام مع إسرائيل دون أن يقول لنا ماذا سوف يفعل باللاجئين الفلسطينيين، أو النازحين السوريين...

أما الحالة الثانية التي تفرض مجيء "الوسيط" الأميركي، فهي حين توجيه ضربات مؤلمة للكيان تفرض هرولة الاميركيين للوصول إلى وقف لاطلاق النار وإنقاذ إسرائيل من الهلاك...

في الحقيقة؛ هوكشتاين يفعل ما فعله قبله "الوسيط النزيه!" الآخر، اليهودي الصهيوني دوما، هنري كيسنجر...

أثناء التفاوض بين الاميركيين والفيتناميين، كان كيسنجر يطلب دوما من هؤلاء تكثيف الغارات الوحشية ضد المدنيين في عاصمة فيتنام الشمالية هانوي، لكي يستطيع فرض الاستسلام اللامشروط على الفيتناميين...

عندما رفض لبنان إضافة اسمي بريطانيا وألمانيا إلى لجنة هي في الأساس يجب رفضها لأن وجودها يعطي إسرائيل ميزات اضافية على الميزات التي كان ال ١٧٠١ أعطاها لها سنة ٢٠٠٦ رغم هزيمة الكيان في الميدان بعد عجزه عن تحقيق أهداف الحرب التي كان رئيس الوزراء حينها أولمرت قد أعلنها؛

عندما رفض لبنان إضافة إسمي الشؤم، بريطانيا وألمانيا، أجّل هوكشتاين مجيئه وقامت إسرائيل بقصف زقاق البلاط ومار الياس علّ هذا يزيد الضغط على المقاومة الإسلامية؛ 
لكن حزب الله قرر أخيرا، وبعد طول صبر يعود الى وجود كمية كبيرة من الحثالة المتربصين في الداخل لطعن الحزب في الظهر؛ 
قرر الحزب هذه المرة العودة إلى معادلة الردع الشهيرة:

تل أبيب مقابل بيروت...
هنا هرع هوكشتاين لأن استمرار التصعيد كفيل بعودة معادلة تدمير "الفيراري" الإسرائيلية مقابل "الرينو سانك" اللبنانية...

جاء هوكشتاين، لكن المفاوض اللبناني لم يتلقف نتائج الميدان ويطلب إلغاء اللجنة المقترحة بكاملها من الأساس...

بدل ذلك، اكتفى المفاوض اللبناني على ما يبدو برفض إضافة بريطانيا وألمانيا إلى لجنة هي في الأساس لا لزوم لها لانها تذكرنا برباعية التفاوض بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل إلى أن توصلت إسرائيل إلى إغتيال ياسر عرفات وتنصيب محمود أبو كرش بدلا عنه...

الإعلامي ابراهيم ريحان يذهب اكثر من ذلك حين يرسم صورة سوداوية  تفرض على لبنان قبول ما لا يجب قبوله...
ليس ابراهيم ريحان الإعلامي الوحيد الذي استشعر هول ما حققته الضربات الإسرائيلية ضد الحزب...
هناك حتى إعلاميون قريبون إلى المقاومة يذهبون إلى هذا الموقف الحرام...

بعضهم، مثل الاستاذ رفيق نصرالله، الغاضب من الشعوب العربية الخانعة والطوائف المحيطة المتربصة بحزب الله وكمية هائلة من العملاء من كل الطوائف بما في ذلك نسبة لا بأس بها من النازحين السوريين؛ وبعضهم الآخر ممن استشعروا خطرا على مستقبل بيئة هذه المقاومة من العدو الداخلي قبل العدو الخارجي...
هؤلاء يريدون وقفا لاطلاق النار دون توضيح كيف يمكن ذلك دون فرض شروط المقاومة...
الا اذا كانوا تعبوا من النضال!!!

ما ذكره الدكتور أسعد ابي خليل عن مدى الخرق الذي حصل لهذه المقاومة رهيب فعلا...
لكن هذا لا يشكل حجة كافية لأي تنازل...
وبصريح العبارة، هناك من يتجه إلى تنازل ما باسم عباءة السيد نصرالله بعد غيابه، مثل التخلي عن غزة...

اكثر من ينادي من هذه الزاوية هو الإعلامي جان عزيز الذي لا يخفي مواقفا هي أقرب الى جوزيف عون وتثبيت الهيمنة الأميركية على لبنان بشكل كامل...

الذين يبررون لجوزيف عون ما حدث في مطار بيروت حول فرض السيادة، لا يخبرونا ماذا يحصل في القواعد الأميركية السرية والعلنية المنتشرة على أرض لبنان والتي تتلقى كميات كبيرة من السلاح الأميركي الذي لا يبغي بالتأكيد حماية لبنان من العدو الإسرائيلي...
بالنسبة لأمريكا، هذا السلاح هو من اجل ضرب المقاومة من الداخل اللبناني...

الأخطار المحدقة بحزب الله ليست سهلة على الإطلاق...
المتربصون بهذا الحزب وهذه المقاومة كثر، وهم مدعومون من الغرب وإسرائيل؛ في الوقت الذي ينام فيه الشيوعيون والناصريون وتتآمر على الحزب اكثرية من الاخوان المسلمين بشكل سري وبالتعاون مع اكثر من جهة عربية للانتقام من دور الحزب في إجهاض "الربيع العربي" المزيف...

إيران تقف في موقف لا تُحسد عليه...
الحرب على حزب الله يقوم بها تحالف دولي واجهته إسرائيل؛ لكن قاعدته تضم أميركا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والسعودية والإمارات والى حد بعيد مصر والأردن...
إيران لا تستطيع فرض إعادة التوازن إلى هذه المجابهة لأنها تأخرت ثمان سنوات قضتها في سياسة حياكة السجاد والصبر الاستراتيجي...
تنظر إيران وترى ليس فقط جحافل تلك الدول وقد كشرت عن انيابها؛ بل ترى أيضا طائرات B22 الاستراتيجية التي جاءت لمنع "الوعد الصادق٣"...
لأن إيران عاشت السذاجة الاستراتجية في عدم بناء القنبلة النووية، هي لن تستطيع فعل اكثر مما فعلت إلا في حالة واحدة:

أن تقرر الذهاب إلى الصدام الكامل عبر القيام ب"الوعد الصادق٣"، وتملك المبادرة عبر جعل هذا الوعد كبيرا مزلزلا ونشر القوة الإيرانية على كامل الثلاثة ملايين كلم٢ من دول المحور ومواجهة أميركا وحلفائها في نفس الوقت الذي تقوم فيها المقاومتان الفلسطينية واللبنانية باستعمال كل القوة النارية للإجهاز على العدو بالضربة القاضية لأن لا اميركا ولا إسرائيل ولا الغرب سوف يسمحون باي نصر ياتي بالنقاط...

إما عمل فعال اليوم او هزيمة مؤجلة إلى حين...

الغريب ان إيران تتكل على الميدانين اللبناني والفلسطيني بدل البناء عليهما والإنطلاق منهما لرسم خريطة صراع جديدة تعرف إيران جيدا انها قادرة من خلاله على تدمير أسس الإقتصاد العالمي...

مشكلة محور المقاومة هي إنه لم يستفد مما حصل لعبد الناصر سنة ٦٧، ولصدام حسين الذي لم يستمع إلى نصيحة الفريق الشاذلي بمهاجمة القوات الأميركية قبل التمركز...

الذي يبادر في الحرب، هو الذي يكتب الأحرف الأولى من النصر...

هل تخاف إيران أن تكون أميركا اخترقتها كما فعلت بحزب الله...
الاحتمال وارد جدا...

لكن الإجابة عليه لا تكون بالتريث بل بتملك المبادرة أولا وإعادة توزيع القوات بشكل فرق كثيرة متفرقة تعرف سلفا المهمات الملقاة عليها وتتصرف بغض النظر عما يحصل في الجبهات الأخرى...
طالما أن إيران اهملت بناء القوة النووية، لا يبقى أمامها سوى المبادرة وإعادة بناء خطط لامركزية للحرس الثوري يستطيع بموجبه القتال حتى بدون قيادة عليا في حال تم اغتيال القيادات كما حصل مع حزب الله...

هل يذكر محور المقاومة خطبة الجهاد:
كفى هربا من النزال...
اعقلوها وتوكلوا...
إن الله لا يحب المترددين...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري