كتب الأستاذ سركيس الشَّيخا الدّوَيْهي:
مقالات
كتب الأستاذ سركيس الشَّيخا الدّوَيْهي: "الشّـ.ـيـ.ـعـة في لبنان نقمة النّقمات.. فليرحلوا".
24 تشرين الثاني 2024 , 13:59 م

قبل تسع سنوات، كتبتُ مقالةً عن الشّـ.ـيـ.ـعـة في لبنان بعنوان: "الشّـ.ـيـ.ـعـة نقمة.. فليرحلوا".

الجدليّة لا تزال قائمةً، وقد تدوم وتدوم إلى أجَلٍ غير مسمّى. وحُكمي لا يزالُ ثابتًا، فرأيي لم يتغيّر، ومبادئي لم تتبدّل، وقناعاتي لم تتزعزع، ولم تسقط.

لم أكتب المقالةَ، يومَها، لأنال حظوةً عند الشّـ.ـيـ.ـعـة، أو منصبًا من الثّنائيّ الشّـ.ـيـ.ـعـيّ، بل لأنقل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة. 

حقيقةٌ اكتشفتُها يوم تجرّدتُ من أفكاري الموروثة، ومن التّـعـصّب الأعمى بمختلف أشكاله، وتعرّفتُ إلى الطّائفة الشّـ.ـيـعـ.ـيّـة الكريمة والشّـ.ـيـ.ـعـة في لبنان.

التّجرّد من الأفكار الموروثة عمليّةٌ صعبة تحتاج إلى الكثير من القوّة والجرأة والشّجاعة، إلّا أنّها عمل بطوليّ يحرّر الإنسان من كلّ القيود المفروضةعليه من أهله ومجتمعه.

لم أتربَّ على الكذبِ في بيتِ أبي، بل على الصّدق، وقولِ الحقيقة، والدّفاعِ عن الحقّ، مهما كان ثمنُ هذه الحقيقةِ باهظًا، ومهما كانت التّضحياتُ في سبيل الحقّ جسيمةً. ولا أبالغ إن قلتُ إنّني دفعتُ "غاليًا جدًّا" ثمن المقالةِ الموضوعيّة الّتي كتبتُها بصدقٍ، وجرأةٍ، وشجاعةٍ، إرضاءً لله،وإظهارًا للحقيقة،وانتصارًا للحقّ... 

الشّـ.ـيـ.ـعـةُ في لبنان نقمةٌ.. نقمةُ النّقمات... جدليّةٌ قائمةٌ لدى مَنْ يعتبرهم خطرًا وجوديًّا على لبنان، وعلى شركائهم فيه.

نعم، إنّ الشّـ.ـيـ.ـعـة في لبنان نقمةٌ علينا، لأنّهم لم يرتضوا لأنفسهم الـخـزي، والـعـار، والـذّلّ، والـهـوان... فحـ.ـاربـ.ـوا الجيشَ الإسـ.ـرائـيـ.ـلـيَّ الّذي "لا يُقهَرُ" بالحجارة، والزّيت المغليّ، وبنادق الصّيد، ومن ثمّ بالأسلحة المتطوّرةِ والعقولِ المتوقّدة، فـ.ـقـ.ـهـ.ـروه، وهـزمـوه،ودحـروه، وحـ.ـرّروا جنوبَنا الغالي من براثنه عام ٢٠٠٠، وأثبتوا للعالم أجمع أنّ "إسـ.ـرائـ.ـيـل" أوهنُ من بيت العنكبوت، في حـ.ـرب تـمّـوز عام ٢٠٠٦.

نعم،إنّ الشّـ.ـيـ.ـعـةَ في لبنان نقمةُ النّقمات،لأنّهم قــاتـلــواالجماعات الإرهـ.ـابـ.ـيّـةِ والـتّـ.ـكـفـيـ.ـريّةِ ببأسٍ شديدٍ، وقدّموا أجسادَهم دروعًا واقيةً، عند الحدود الشّرقيّة إلى جانب أبطال الجيش اللّبنانيّ، فانتشلوا لبنان من فم الإرهـ.ـاب الـتّـ.ـكـفـيـ.ـريّ، وحموا شعبَهُ من أبشع المـ.ـجـ.ـازر والعمليّات الدّمـويّـة الّتي لم تكن لتستثنِيَ أحدًا، أو منطقةً، أو طائفةً، وما حصل في سـوريا والعـراق خيرُ دليل على ما أكتب.

إنّ الشّـيـعـةَ في لبنان إرهـ.ـابيّون، لأنّهم قـ.ـاتـ.ـلـ.ـوا الـصّـ.ـهـايـ.ـنـة والـتّـكـفـيـريّـيـن الإرهـ.ـابـ.ـيّـيـن، ذَوْدًا عن لبنان، وجميع اللّبنانيّين؛ ولم يـقــتــلوا الأبرياءَ من الأطفال، والنّساء، والشّباب، والعجائز؛ ولم يرسلوا السّيّاراتِ المـفـ.ـخّـ.ـخـةَ والانـتـحـاريّـيـن؛ ولم يقـ.ـطــعوا الرّؤوس، ويبقروا البطون، ويأكلوا القلوب والأكباد؛ ولم يـغـ.ـتـصِـبوا العذارى، ويـســبــوا النّساء؛ ولم يُـنـَكّـِلـوا بجثثِ الـقـتـلـى الإسـ.ـرائـيـلـ.ـيّـيـن والإرهـابـيّـيـن؛ ولم يَتَفَنَّنُوا بالـقــتـل والـتّـعـذيب، ولم يتباهوا بـجـرائـمَ شَـنـيـعـةٍ أمام آلاتِ التّصوير؛ ولم يرتكبوا المـجـازر في حقّ المدنيّين العُزَّل؛ ولم يـُعـدِمـوا الأسـرى ذبـحًـا، وصَـلـبًـا، وحرقًا، ورميًا بالرّصـاص؛ ولم يـدمّـروا البيوتَ والمباني،فوق رؤوسِ أصحابِها؛ ولَم يـهـدِمـوا المستشفيات،  والمدارس، والجامعات، على من فيها؛ ولم يـ.ـقـ.ـتـ.ـلـوا الجنود في الثُّكنات ولاقتلوارجالَ الدّينِ في دُورالعبادة.

هل الـشّــيــعـةُ هم من أسّسوا "القـ.ـاعـ.ـدةَ"، و"داعـ.ـشَ"، و"جــبـهـةَ النُّـصـرة"، و"الـتّـكـفـيرَ  والهجرة"، وغيرَها من الجماعات الـتّـ.ـكـ.ـفـيـ.ـريّـة؟ 
وهل "أُســامـةُ بـنُ لادِن"، و"أبـو بـَـكــر الـبغـداديّ"، و"أبـو عــمـر الـشّـيـشـانيّ"، وغيرهم من أمراءِ الإرهـ.ـابِ ورموزِهِ هُم من الشّــيــعــة؟
إنّهُم بالتّأكيدِ ليسوا بـمسـلـمـيـن أو بسُنّة، فالإرهـ.ـابــيّـ.ـون لا دينَ لهم ولا طائفة.

إنّ الــشّــيـ.عةَ في لبنانَ كــافـرون، لأنّهم لم يـُـكَـفِّـ.ـروا مسيحيًّا، ولا سُنّيًّا، ولا دُرزيًّا؛ ولم يـخــطــفـوا راهباتٍ، ومطارنةً، ورجالَ دين؛ ولم يــغــتــالـوا مشايخ ومُفتِين؛ ولم يـُفَـجِّروا كنائسَ، وأديرةً، ومساجد؛ ولم يَنْبُشـوا قـبـورَ قِدِّيسينَ وأولياءَ صالحين، ولم يكسّروا الصُّلبانَ، أو يـُحَطِّمواتماثيلَ للعذراءِ أوالمسيح؛ ولم يـَحـرُقـوا أيقوناتٍ وأنـاجـيـلَ؛ ولم يُهَجِّـروا سُنّةً، أو دروزًا، أو مسيحيّين؛ ولم يخـوضـوا حروب إلغاءٍ دمويّةً؛ ولم يذبحوا الأبرياءَ على الهُوِيّة؛ ولم يـقـتـلوا مَنْ ليسوا شـيـعـةً، أو يفرضوا الجزية عليهم، ليسمحوا لهم بالعيش سالمين آمنين...

إنّ الشّـيعـةَ في لبنانَ عُـمـلاءُ،لأنّهم لم يجتمعوا بـشـارون ونـتـنـيـاهو؛ ولم يصافحواالـقـادةالإسـرائيليّين؛ ولم يُخَطِّطوا مع الضُّبّاطِ الصَّهاينة، لاجتيـاح بيروتَ والمناطقِ اللّبنانيّة؛ ولم يَحْظَوْا بـ"رفاهيّةِ" التّجوّلِ على متنِ الـدَّبَّابـات الإسرائيليّـة، أو على "تَرَفِ" الحصولِ على هدايا العَدُوِّ الثّمينةِ،من أسلحةٍ،وخواتِمَ، وبِزّاتٍ عـسـكـريّـة... 
ولم يرسلوا المؤَن، والمال،والسّلاح والحفاضات، والحليب،للإرهابـيّـين في سـوريا وفي جرود عـرسـال.

إنّ الشّـ.ـيـ.ـعـة في لبنان عـ.ـمـ.ـلاء، لأنّهم لم يستسلموا لـ"الشّـيـطان الأكبر"،وربيبِهِ "الكيان الـمـؤقّـت"،ولم يقفواعلى الحـياد، خوفًا على رؤوسهم، أو طمعًا بمكتسبات"دنيويّة"،بل آثرواالموت على مـبـايـعـةِ الـظّـالم، والمحتـلِّ، والمُعتدي، فقاوموا، وقـ.ـاتـ.ـلـوا، وبذلـوا أنفسهم وأموالهم، دفاعًا عن وطنهم وخيراته، ولم يـتـنـازلـوا عن حبّةِ تُرابٍ من أرضهم، أو نقطةِ ماءٍ من بحرِهِم، ولم يُساوموا على ذَرَّةٍ من غازِهِم ونفطِهِم، أو على "ميلّمترٍ" واحدٍ من حدودِ بلادِهم.

إنّ الشّـيعةَ في لبنان إرهـ.ـابـيّـ.ـون حقّاً في عيونِ مَن لم يَشْتَمَّ عِطْرَ الكـرامـةِ والعِزّةِ في ثرى بلاده،ومَن لم يأكلْ من خيراتِ أرضِهِ، فاعتادَ على "اللُّقْمَةِ البَرّانيّة"،وعلى "البترو دولار"الـخـلـيـجـيِّ والأموالِ "الـشِّـيـنـْكَرِيَّة"،وأدمـنَ على الذّلّ، والخضوع، والانـبـطاح، والـخـنـوع.

فَلْيَرْحلوا، لأنّهم ليسوا خونةً، ولا عُملاء، ولا أذِلّاء، ولامُتـآمـريـ.ـن...

فليرحلوا، لِأنَّهُمُ الأكرمُ، والأشرفُ، والأطهرُ، والأجملُ، والأعظمُ، والأنظفُ، والأنقى...

فليرحلوا،لأنّهم يـفـضحون الجبناء، والـمُنْبَطِـحـيـنَ، والمُـتـخـاذلـيـنَ، والـمُــطَــبِّــعــيـن؛ ويكشفون عـوراتِـهِـمُ الأخلاقيّةَ، والوطنيّةَ، والعروبيّةَ، والإنسانيّة...

فليرحلوا إلى دُنيا المسيحِ ومحمّدٍ وآلِه، حيثُ رايةُ "هَيْهاتِ مِنّا الذِّلَّة" تُرَفْرِفُ فوقَ السُّطوحِ والقِمَمِ الشّامخة، ولْيَأْخُذوا معهُم كُلَّ مُقاومٍ حُـرٍّ شَـرِيـفٍ، يَأْبَى الـذُّلَّ والهوانَ، ويُؤثِرُ مصارِعَ الكِرَامِ على طاعةِ اللِّئام.

فليرحلوا،وليأخذوا معهم قادتَـهم، وشـ.هـداءَهـم، وجـرحــاهُم، ومُجـاهـديـهِـم، وأبـطـالـَهـُم، ومـُقـاومــتَـهُـم، وصُـمـودَهـم، وإباءَهُم، وعِـزَّتـَهُـم، وكـرامَـتـَهـم، وعُـنْـفُـوانَـهـم... 

فَلْيَرْحَلوا، ولْيَأخُذوا معهم مجدَ لُبنانَ الَّذِي صَنَعُوهُ بِدِمـائِـهِـم، وسَواعِدِهِم، وتـَضْـحِـيـاتِـهِـم...
فَلْيَرْحَلُوا...

المصدر: موقع إضاءات الإخباري