يُعرف فقر الدم "دايموند بلاكفان" (Diamond-Blackfan Anemia - DBA)، المعروف أيضا بـ"فقر الدم الأسود الماسي"، بأنه اضطراب نادر وخطير يمنع نخاع العظم من إنتاج خلايا الدم الحمراء الناضجة، هذا المرض النادر قد يسبب تهديدا مباشرا للحياة ويعزى إلى طفرات جينية مختلفة تتجاوز الثلاثين نوعا، ما يجعله تحديا طبيا معقدا.
العلاج الجيني: خطوة نحو الحل
في إنجاز علمي واعد، نجح فريق بحثي بقيادة علماء من كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى بوسطن للأطفال في تطوير علاج جيني عالمي قد يغير قواعد اللعبة في علاج هذا المرض، وأعلن الفريق أن العلاج الجديد أصبح جاهزا للاختبار في التجارب السريرية.
تصريحات الباحثين
قال الدكتور فيجاي سانكاران، المعد الرئيسي للدراسة وأستاذ طب الأطفال في مستشفى بوسطن:
"هذه واحدة من أولى الدراسات التي تمكنّا فيها من تطوير علاج جيني قادر على استهداف عشرات الطفرات باستخدام ناقل واحد فقط."
تحديات العلاجات الحالية
يعاني الأطفال المصابون بـDBA من خيارات علاجية محدودة تشمل:
1. زراعة نخاع العظم: والتي تتطلب متبرعين متطابقين جينيا، وهو أمر نادر.
2. العلاج بالستيرويدات: يخفف الأعراض لكنه قد يسبب آثارا جانبية حادة.
3. نقل الدم المنتظم: الذي قد يؤدي إلى تراكم الحديد في الجسم ومضاعفات خطيرة.
فهم الأساس الجيني للمرض
بدأ الباحثون دراسة الطفرات الجينية المرتبطة بـDBA، وركزوا على الطفرات التي تؤثر على الريبوسومات، وهي مكونات خلوية أساسية لإنتاج البروتينات. في عام 2012، اكتشف الدكتور سانكاران أن طفرات في جين GATA1 تسبب نقصًا في إنتاج خلايا الدم الحمراء.
الحل المبتكر
بتحليل النتائج، وجد الباحثون أن إضافة البروتين GATA1 إلى خلايا الدم الجذعية المأخوذة من مرضى DBA يحسن من تمايز هذه الخلايا إلى خلايا دم حمراء ناضجة.
تصميم ناقل جيني متقدم
لتنفيذ العلاج، طور الفريق ناقلا جينيا يعتمد على فيروس عدسي غير معدٍ لإيصال جين GATA1 إلى الخلايا الجذعية. لكن الفريق واجه تحديًا تقنيًا عندما بدأت الخلايا تتحول إلى خلايا حمراء ناضجة في المختبر قبل أن تصل إلى نخاع العظم.
الابتكار في التحكم الجيني
تمكن الباحث ريتشارد فويت وفريقه من تصميم نظام متقدم يتحكم في توقيت تعبير جين GATA1 بحيث يتم تفعيله فقط عند وصول الخلايا إلى نخاع العظم. هذا الابتكار سمح بإنتاج خلايا دم حمراء ناضجة دون التأثير على وظائف الخلايا الجذعية.
أظهرت التجارب الأولية أن العلاج الجيني الجديد يزيد من إنتاج خلايا الدم الحمراء بشكل أفضل من العلاجات الحالية. ومع ذلك، لا تزال التجارب السريرية ضرورية لتحديد مدى فعالية العلاج وأمانه على المرضى.
فوائد العلاج الجيني
يتوقع الفريق أن العلاج الجديد لن يعالج فقر الدم الأسود الماسي فحسب، بل قد يساهم أيضًا في تقليل الفوارق الصحية العرقية والإثنية التي تؤثر على فرص الحصول على متبرعين متطابقين لزراعة نخاع العظم.
يشير الباحثون إلى أن هذا العلاج الجيني يمثل نقطة انطلاق لعلاجات جينية لأمراض دم نادرة أخرى. كما يفتح الباب أمام تطوير حلول مبتكرة للأمراض الوراثية التي كانت تعتبر غير قابلة للعلاج.
يمثل هذا الاختراق خطوة كبيرة في علاج الأمراض النادرة، حيث يعكس قوة العلم في تجاوز التحديات الجينية المعقدة وتقديم أمل جديد للمصابين بأمراض مهددة للحياة.