المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
أحدث طوفان الأقصى تحولاً عميقاً، على صعيد القضية الفلسطينية، وعلى صعيد المنطقة والعالم، حيث أعتقد الجميع بأن القضية الفلسطينية دخلت مرحلة التصفية النهائية، فجاء طوفان الأقصى ليعدها قضية تحرر وطني مركزية، ضد اخر استعمار استيطاني على الكرة الأرضية، ويبث الروح في الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وليحرك ضمير شعوب العالم كافة، ليتم تجريم قيادة الكيان الفاشية التوراتية ممثلة، برئيس الوزراء ووزير " الدفاع " من قبل محكمة الجنايات الدولية بتهم متعددة، وليصبح هذا الكيان معزولاً ومدان أخلاقياً وإنسانياً، لأول مرة في تاريخه.
في ظل تداعيات طوفان الأقصى والصمود الرائع لحزب الله في وجهة الهجمة الفاشية التوراتية الهادفة الى إنهاء وجوده، مقدمة لإنهاء دور محور المقاومة في هذه المنطقة، ولفسح المجال أمام استمرار هيمنة الطغمة المالية العالمية على هذه المنطقة، منطلقاً لتثبيت هيمنتها على العالم، ولسحق طموحات روسيا والصين، لبناء عالم متعدد الأقطاب.
جاءت الغزوة الثانية على سوريا في سياق مخطط معلن، تحت عنوان " إعادة تشكل الشرق الأوسط الجديد" وبما أن إعادة التشكيل هذه، جغرافياً وكذلك ديمغرافياً، غير ممكنة في الواقع.
فما المقصود إذاً؟
في سياق الصراع الدولي القائم بين هيمنة القطب الواحد ( هيمنة الطغمة المالية العالمية ) ومشروع تعدد الأقطاب، تأخذ هذه المنطقة في سياق هذا الصراع أهمية مركزية خاصة، حيث أن الهدف القريب والبعيد يتمثل في:
الهيمنة على ثروات ومقدرات شعوب المنطقة الهائلة
الهيمنه على الموقع الجيوسياسي الهام، لناحية الخطوط التجارية البحرية والبرية، الطريق والحزام الصيني مقابل طريق الهند دول الخليج الأردن الكيان الصهيوني تركيا أوروبا،
السيطرة على خطوط نقل الطاقة وخاصة ناقل الغاز المسال، قطر السعودية الأردن سوريا تركيا أوروبا، المنافس لخطوط الغاز الروسية الى أوروبا.
التحكم بالمضائق البحرية المتحكمة في تجارة البحار العالمية، مضيق باب المندب ومضيق هرموز.
اليقين لدى قوى الهيمنة، بأن الأمم التي تمتلك حضارة عميقة في التاريخ، كما هو حال أمتنا العربية، حتى ولو كانت في الحضيض، ستعود أقوى مما كانت عليه، في ذلك الزمان، حال حدوث النهضة، لذلك تحاول قوى الهيمنة منع حدوث هذا النهوض، عبر تفكيك الدول وتفتيت المجتمعات، وإعادة إنتاج التخلف بجانب تنمية قيم الاستهلاك على حساب قيم الإنتاج.
هذه العناصر مجتمعة تشكل قاعدة حسم الصراع القائم.
لصالح من هذا المخطط؟
في ظل الصراع العالمي بين استراتيجية الدفاع عن استمرار هيمنة القطب الواحد، مقابل سعي الصين وروسيا لكسر هذه الهيمنة، لصالح مشروع تعدد الأقطاب، تبرز أهمية خاصة لهذه المنطقة للإسباب المذكورة أعلاه.
من يسيطر على هذه المنطقة يحسم الصراع لصالحه
المنطقة اليوم في حالة مخاض، ولادة مشروع التحرر الوطني: مشروع كسر التبعية للغرب، تحرير الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية الهائلة، إحداث التنمية المتحمورة حول الذات الوطنية وبناء دولة الأمة،
حيث لا تسمح قوى الهيمنة بحدوث هذه الولادة، وسوف تسخر كل قوتها وقوى التبعية في المنطقة من أجل ذلك.
جاءت الغزوة الثانية على سوريا بأمر مباشر من الطغمة المالية العالمية والتنفيذ عبر أدواتها:
تركيا العضو الثاني الأكبر في الناتو، والفاشية التوراتية والفاشية الأسلاموية، حيث تم تدريبهم وتزويدهم بالسلاح والمال خلال الأعوام الأخيرة، فكيف غفلت عن كل ذلك القيادة السورية والروسية، في حين أعلن الحزب الشيوعي التركى أنه نبهة لهذه التحضيرات قبل عدة شهور.
لصد هذه الغزوة لا بد أولاً، من إجراء مراجعة نقدية علمية موضوعية للأسباب التي قادت إلى هذه الحالة،
كيف تمكنت قوى الفاشية، خلال أيام قليلة، من السيطرة على المحافظات الشمالية؟
فمقولة الأنسحاب للحفاظ على حياة المدنيين، غير مقنعة ولآ يصدقها أحداً ، كما وتعني في الجانب الأخر، التغطية على الخلل الذي حدث، وبالتالي عدم إجراء محاسبة للمقصرين، وعدم التفكير في نهج جديد للمجابهة.
ثانياً القضاء على الفساد ومحاسبة الفاسيدين من أجل إعادة الثقة الشعبية بالنظام
ثالثاً اشراك المؤسسات الشعبية في التصدي للهجمة الفاشية وفسح المجال أمامها للمشراكة في صنع القرار
رابعاً تسليح العشائر العربية شرق وغرب الفرات للمساهمة في تطويق الهجمة
خامساً إعادة تشكيل المؤسسات الشعبية بما يلبي شروط المعركة
سادساً إعادة بناء أقتصاد وطني مقاوم
وواجب محور المقاومة وروسيا والصين، منع إنهيار الدولة السورية، ومنع تقسيمها ورفض التعايش مع القوى الفاشية في هذه المنطقة، عبر كل المسميات أستانا أو فرض تقاسم السلطة بين القوى الفاشية والنظام أو تقاسم مناطق نفوذ، أو دستور جديد يسمح بالعبث بالسادة الوطنية، عناصر كونها تؤدي الى خسارة سوريا والمنطقة.
دفاعكم عن سوريا الوطن اليوم دفاعكم عن أنفسكم غداً
" كلكم للوطن والوطم لكم "
يتبع