جورج حدادين

العاقل من يقرأ التاريخ بطريقة نقدية

تجارب الشعوب القديمة والحديثة

من يملك ذاكرة السمكة لا يتذكر تجارب حديثة فكيف بالقديمة

الساذج من يرقص فرحاً بتدمير دولته ومجتمعة ومستقبل أبنأه

ثلاث نماذج يمكن تصنيفها والقاء الضوء عليها حدثت خلال العقود الأخيرة

1. كوبا وكوريا الديمقراطية الشعبية

2. العراق وسوريا

3. إيران وفنزويلا

وكل نموذج له خصائصة ومميزاته وظروفه

ليس البكاء على الأطلال ولا العويل على القبور ولا اللطم لتذكر أدونيس والحسين يفيد بشيء

المراجعة النقدية الموضوعية للأسباب والمعطيات التي ولّدت الهزيمة هي المطلوبة وبقوة اليوم

مجابهة تداعيات الزلزال الذي ضرب المنطقة مطلوب الآن من كافة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة

لنلقي الضوء على كل من هذه النماذج والتجارب لكي نتعض من تجارب التاريخ دروساً:

النموذج الأول ( كوبا وكوريا الشمالية ) نجحت في مقاومة الأمبريالية العالمية على مدى عدت عقود، ولم تهزم ما السبب؟

كونها ربطت مهمات التحرر الوطني بالتحرر الاجتماعي، أي تحرير الوطن من الاستعمار مترافقا ومتلازما مع تحرير المجتمع من ظلم واضطهاد واستغلال شريحة صغيرة للأغلبية الساحقة في المجتمع، فالتف المجتمع حول قيادته، وبناء عليه لم تتمكن كافة اشكال الضغوط والمؤمرات والحروب المخابراتية، من فك عرى التلاحم بين المجتمع والدولة والقيادة،

فالقيادة لم تسمح بالفساد، لا بل على سبيل المثل، أقدم رئيس كوريا على إعدام زوج عمته لإتهامه بالفساد، ولم تسمح بالمحسوبية والشللية، ولا بمد اليد على المال العام، ولم تسمح بظهور مجموعات اللبرالية الجديدة من نمط " حرية حرية " أداة الطغمة المالية العالمية في بلادها.

قيادة، كوبا وكوريأ، أمنت بعمق بمبادئ الثورة ومهمات المرحلة : التحرر الوطني متلازم مع التحرر الاجتماعي، صمدت كوبا رغم الحصار الذي دام لأكثر من ستة عقود وكذلك كوريا الديمقراطية.

لماذا صمدت كوبا وكوريا وانهار العراق وسوريا؟

سقوط دمشق، إعادة إنتاج نموذج سقوط بغداد بالشكل والمضمون،

لماذا تخلى الجيش السوري اليوم والعراقي سابقاً عن الدفاع عن تراب وطنه؟

لماذا فقد النظامان البيئة الاجتماعية الحاضنة؟

المصالح تحدد الاحداث وتحدد طرق التعامل والإستجابة

المصالح تحدد المبادئ

لماذا لم يعد، لا للجيش السوري ولا للمجتمع، مصلحة الدفاع عن النظام، اليوم؟

في حين دافع بشراسة وعنف، خلال المرحلة السابقة مرحلة العشرية السوداء، عن النظام

الأسباب واضحة للبعض وغامضة للبعض الأخر، ممارسات النظام:

• تنامى وتائر الفساد والمحسوبية والشللية، وتزايد أعداد لصوص المال العام، في وضح النهار

• استباحت الأجواء السورية من قبل طيران الكيان الصهيوني، دون رد، مما أصاب الكرامة الوطنية للشعب وللعسكر بثقب كبير.

• استباحت الأرض الوطنية من قبل تركيا والولايات المتحدة، دون مقاومة تذكر.

• إهمال عائلات الشهداء من الجيش من الرعاية الاجتماعية، وإهمال معالجة الجروح النفسية الناجمة عن الحرب.

• ترك ألية السوق على غاربها، تفعل فعلها، في استغلال البشر من قبل السماسرة والجشعين من كبار التجار، رفع الاسعار بدون رقابة، وتدني مستوى المعيشة، تدني مستوى الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، مما ولد حالة من الرفض للأوضاع القائمة، لم يلتفت النظام لمعالجتها على الإطلاق.

• عدم الانتقال الى نموذج الاقتصاد المقاوم

• سياسة المصالحات/ الباصات الخضراء، التي فسحت المجال لبقاء التكفريين مع سلاحهم في مواقعهم أو ترحيلهم الى ادلب بؤرة لاهبة ، مكنت حلف الناتو ورأس حربتها تركيا من استثمارها لاحقاً لشن الغزوة الثانية والأخيرة.

الإعتماد على قوانين الصراع العلمية في التحليل يقود الى نتائج واستخلاصات أقرب الى فهم الواقع والوقائع.

لم يأتي السقوط من السماء بل بسبب نهج وممارسات ومصالح شرائح داخل المجتمع والدولة

مقاومة تداعيات هذا السقوط تخرج عوامل من المجتمع ذاته

سقطت بغداد وبعد أسبيع قليلة انطلقت المقاومة العراقية لتخرج قوات الاحتلال الأمريكية بنفس السرعة التي سقطت بها بغداد

سقطت حكومة طالبان على يد الأمريكان لتخرج بعدها هذه القوات مدحورة ومذلولة على يد طالبان.

للاسباب مجتمعة أعلاه سقطت دمشق بيد قوى ظلامية،

قاطعة رؤوس البشر تحت ندأ ألله واكبر وأكلة أكباد الرجال

حارقة معاذ الكسسابة حياً في قفص من حديد،

سابية النساء وممارسة نكاح الجهاد

متلفة تاريخنا الحضاري وأثارنا التاريخية بحجة الكفر

لا تكن ساذجاً وتعتقد أن هذا التخلف قادر على إنتاج مجتمع صحي ومعافى و " ديمقراطي " و " حرية حرية"

غداً ستصل الدماء الى الركب بين هذه المجاميع حاملة التخلف والجهل والحقد والمذهبية والطائفية في صدورها، وستغرق المجتمع في ظلام دامس

إلى اللبرالين العرب والسلفين العرب والمنتفعين العرب وتبع العرب لا تفرحوا كثيرأً لأنكم ستندمون كثيراً غداً

" كلكم للوطن والوطن لكم "

يتبع