النشاط البركاني يكشف العمر الحقيقي للقمر وأسرار تكوينه
علوم و تكنولوجيا
النشاط البركاني يكشف العمر الحقيقي للقمر وأسرار تكوينه
2 كانون الثاني 2025 , 13:22 م

أثبتت الأبحاث الحديثة أن القمر أقدم مما كنا نظن، لكن ماضيه الناري أخفى عمره الحقيقي، يكشف هذا البحث عن فترة من النشاط البركاني العنيف، أدت إلى إعادة تشكيل القشرة القمرية عدة مرات، مما أعاق تحديد عمره بدقة.

تاريخ بركاني حافل: إعادة تشكيل القشرة القمرية

بعد بضع مئات من ملايين السنين من تكوينه، شهد القمر نشاطا بركانيا هائلا أدى إلى إذابة قشرته بالكامل وإعادة تشكيلها مرارا وتكرار.

في ذلك الوقت، كان القمر أقرب إلى الأرض مما هو عليه الآن، مما أدى إلى قوى مد وجزر شديدة ساهمت في تسخين باطنه بشكل كبير.

هذه القوى حرّكت صخور القمر الداخلية بشكل مشابه لما يحدث حاليا على قمر "آيو" التابع للمشتري، الذي يُعتبر أكثر الأجسام نشاطا بركانيا في النظام الشمسي.

تناقضات عمر القمر

طوال عقود، حير العلماء تحديد العمر الدقيق للقمر بسبب التناقضات بين أعمار الصخور القمرية المختلفة.

معظم العينات القمرية تشير إلى عمر أصغر للقمر، بينما تشير بلورات نادرة من الزركون (Zircon) إلى عمر أقدم بكثير.

البحث الجديد يوضح أن النشاط البركاني العنيف أذاب القشرة القمرية، ما أدى إلى إعادة ضبط "الساعة الجيولوجية" للصخور.

التاريخ الأولي للقمر: تصادم عظيم وبدايات نارية

بدأت قصة القمر بتصادم هائل بين الأرض وكوكب بحجم المريخ.

نتج عن التصادم حرارة شديدة أذابت الأرض تمامًا وأطلقت كميات هائلة من المواد إلى الفضاء.

تجمعت هذه المواد لتشكل القمر، الذي كان في البداية مغطى بمحيط من الصخور المنصهرة.

بمرور الوقت، برد القمر تدريجيا وابتعد عن الأرض ليصل إلى مداره الحالي.

دور القوى المدية في تسخين القمر

وفقا للبروفيسور فرانسيس نيمو من جامعة كاليفورنيا، حدثت تغييرات كبيرة في مدار القمر وشكله عندما كان يبعد عن الأرض بمقدار ثلث المسافة الحالية.

هذه القوى المدية "حرّكت" باطن القمر لدرجة أنه سخن بالكامل.

الحسابات أظهرت أن تدفق الحرارة كان كافيا لإذابة معظم الصخور الداخلية وصهر أجزاء من القشرة عدة مرات.

تأثير النشاط البركاني على تأريخ الصخور القمرية

عندما تكون الصخور ساخنة، تتبادل النظائر مع محيطها. وعند تبريدها، يتم "إغلاق" تكوينها الداخلي، ما يُطلق بدء "الساعة الجيولوجية".

النشاط البركاني القوي أعاد ضبط هذه الساعة، مما جعل الصخور تبدو أصغر من عمرها الحقيقي.

رغم ذلك، حافظت بلورات الزركون المقاومة للحرارة على أدلة من الماضي البعيد.

حل ألغاز القمر: صورة شاملة جديدة

الاكتشافات الجديدة تُفسر العديد من التساؤلات السابقة:

قلة الفوهات: النشاط البركاني غطى الفوهات القديمة بالحمم البركانية، مما أخفى آثارها.

اختلاف مكونات الوشاح القمري: إعادة انصهار الوشاح سمحت لبعض المواد بالهروب إلى اللب الحديدي للقمر.

وفقا للدراسة، تشكل القمر منذ حوالي 4.43 إلى 4.51 مليار سنة، بينما أعيد تشكيل قشرته بفعل النشاط البركاني قبل حوالي 4.35 مليار سنة.

كما يقول البروفيسور تورستن كلاينه:

"النتائج الجديدة تقدم صورة متكاملة لتاريخ القمر، تجمع كل الأجزاء المتناقضة في لوحة واحدة"