تشكل الأوضاع الإنسانية في سوريا بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على الحكم في دمشق في الثامن من ديسمبر الماضي، مصدر قلق كبير، بسبب الممارسات الخطيرة التي تمت بحق الأقليات، رغم محاولة السلطات الحاكمة الجديدة التبرؤ منها ووصفها بالأفعال الفردية لعناصر غير منضبطة.
انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا
فبعد أيام من سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وسيطرة فصائل المعارضة ممثلة بهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، شهدت العديد من المناطق حالات قتل وخطف وإهانات لأسباب طائفية، إضافة إلى بعض الانتهاكات بحق المقدسات الدينية للأقليات، وذلك على الرغم من تأكيد الحكام الجدد في دمشق على منع الانتقام، واحترام كافة شرائح الشعب السوري ومعتقداته.
وقد وثق المسلحون أنفسهم عشرات الحالات التي تظهر أفعالهم اللاإنسانية بحق الكثيرين، ممن أطلقوا عليهم صفة فلول النظام، فمن القتل والإعدام الميداني إلى الضرب الوحشي إلى الإهانات اللفظية الطائفية، إلى إجبارهم على تقليد أصوات الحيوانات، ومن هذه المشاهد ما وثقته كاميرات عناصر هيئة تحرير الشام الحاكمة في سوريا، من انتهاكات صادمة بحق من قاموا باعتقالهم أثناء الحملات الأمنية.
وفي 3 كانون الثاني/ يناير أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنه قام بتوثيق 60 جريمة قتل منذ انهيار النظام شملت إعدامات ميدانية، وذلك في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة وأسفرت عن مقتل 112 شخصا بينهم نساء وأطفال.
اعتداءات على المقدسات الدينية في سوريا
كما شهدت العديد من المناطق اعتداءات من عناصر مسلحة على مقدسات دينية منها ما تم توثيقه، كالاعتداء على مقام "أبو عبد الله الحسين الخصيبي" ذو المكانة الدينية الكبيرة لطائفة العلويين، في منطقة ميسلون بمدينة حلب، حيث أقدم مسلحون على قتل 5 من خدم المقام والتنكيل بِجثامينهم، وقاموا بتخريب المقام وحرقه، إضافة إلى استهداف العديد من المزارات للطائفة العلوية في قرية الربيعة بريف حماة.
وأيضا تعرُّض مطرانية حماة للروم الأرثوذكس، لاعتداء من مجموعة مسلحة قام عناصرها بالدخول إلى ساحة المطرانية وحاولوا نزع الصليب وتخريب الكنيسة، وأطلقوا الرصاص على جدران الكنيسة.
إضافة لقيام مسلحين ملثمين اتضح فيما بعد أنهم من المقاتلين غير السوريين في صفوف هيئة تحرير الشام، بإضرام النار في شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية في ريف حماة، التي يقطنها مواطنون من أتباع الديانة المسيحية، ومنعوا المواطنين من الاقتراب تحت تهديد السلاح.
ومع تزايد هذه الممارسات، في بلد يمتاز بتنوعه الطائفي والعرقي، بات القلق والخوف والترقب هم السمة الأوضح تعبيرا عن مشاعر السكان هناك وخاصة الأقليات، مما جعل مسألة حقوق الإنسان وخاصة في الأمن والأمان والحريات الدينية، تستوجب الوقوف الطويل والاهتمام الدولي، ويفرض على المنظمات الدولية المعنية بهذا الأمر توثيقا ومتابعة وتدخلا مباشرا للضغط من أجل إيجاد الحلول ووقف هذه الانتهاكات.