الثالث والعشرين من فبراير، يوم فاصل.. وعظيم!
مقالات
الثالث والعشرين من فبراير، يوم فاصل.. وعظيم!
حليم خاتون
5 شباط 2025 , 05:31 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

في الثالث والعشرين من فبراير سوف يتم تشييع شهيدين عظيمين من المقاومة التي حررت معظم الاراضي اللبنانية المحتلة سنة ٢٠٠٠؛ وحققت صمودا رائعا سنة ٢٠٠٦؛

هما السيد حسن نصرالله، والسيد هاشم صفي الدين...

صحيح ان الشيخ نعيم قاسم هو من حدّد وأعلن هذا الموعد باسم حزب الله...

لكن هذا الموعد لم يعد ملكا لا للشيخ نعيم، ولا لحزب الله...

كما أن أي تراجع عن هذا الموعد هو انتصار للكيان الصهيوني بشكل من الأشكال، كذلك أي تثبيت لهذا الموعد هو تثبيت استمرارية المقاومة والنضال رغم كل الخسائر التي تعرض لها حزب الله في حرب استمرت حوالي خمسة عشر شهرا...

تقييم هذه الحرب التي شنها على محور المقاومة الإسلامية تحالف من كل حلف الناتو بما في ذلك تركيا؛ مع ما لا يقل عن عشر دول عربية ساهمت بالتمويل والدعم اللوجستي واعتراض الصواريخ ومنعها من الوصول الى فلسطين المحتلة، وتسهيل روسي واضح عبر حماية الكيان بكل الأشكال الممكنة؛ يصبح هذا التقييم، بعد التشييع مباشرة، ملكا لتحليلات يجب أن تقوم بنقد كل مجريات هذه الحرب الأخيرة...

في هذه الحرب، تراجع محور المقاومة عن استعمال قوته النارية كما يجب،

حيث يجب،

وفي الوقت الذي كان يجب...

لقد ادى هذا التراجع عن استخدام القوة المتوفرة الى تدمير معظم هذه القوة قبل استخدامها، تماما كما حصل مع الرئيس جمال عبدالناصر فجر الخامس من حزيران ٦٧...

ماذا سوف يحصل في الثالث والعشرين من فبراير؟

سوف تزحف الجماهير من كل المناطق ومن كل بقعة شرف في لبنان الى مناطق التجمع في الضاحية الجنوبية...

سوف تحط في مطار بيروت الدولي عشرات الرحلات التي تحمل أنصار المقاومة في اليومين السابقين لموعد التشييع...

سوف تغص شوارع ضاحية الشرف والكرامة في بيروت بما لا يقل عن مليون ونصف المليون من الناس الذين سوف يأتون لتجديد القسم باستمرار النضال حتى التحرير الكامل لآخر حبة تراب واخر نقطة ماء من رجس احتلال صهيوني امبريالي استيطاني يهدف لاقتلاع اهل الأرض بكل الوسائل بما في ذلك جرائم الحرب وزرع لصوص ومجرمين في أرضنا المقدسة...

في كل الأحوال؛ وبغض النظر عما يمكن أن يحدث في ذلك اليوم، سوف يكون هذا اليوم عظيما بعظمة السيدين الشهيدين الطاهرين الذين يجري تكريمهما بعد عقود من النضال لأجل حرية وسيادة شعوب هذه المنطقة...

قد لا ينتهي هذا اليوم هادئا لأكثر من سبب:

١- هناك بالتأكيد خطر التكفيريين الذين يعرفون كيفية قتل شعوب المنطقة ولا يطلقون طلقة واحدة ضد قوى الاستكبار والاستعمار الغربي...

هؤلاء التكفيريون كثر في لبنان وينتشرون في كل مجاهل الطائفية، يحملون كتب ابن تيمية وعبدالله عزام والسيد قطب وربما حديثا سِيَر ابي بكر البغدادي وابي محمد الجولاني وغيرهم من وحوش القرن الواحد والعشرين بيد؛ ويحملون باليد الأخرى سكاكين لذبح كل عربي أو مسلم لا يشبههم دون الاقتراب خطوة واحدة لمنازلة القوات الأميركية والصهيونية المنتشرة في الوطن العربي...

يتلطى هؤلاء الجبناء تحت نظرية العدو الأقرب بينما صاروا على تماس مباشر مع الكيان الصهيوني والجنود الأميركيين دون حتى ان يطلقوا رصاصة خردق...

على العكس تماما، لا يتوقف جماعة الجولاني والجماعات التكفيرية الأخرى في سوريا عن ذبح العلويين والشيعة والمسيحيين وترداد شعارات العداء لإيران وحزب الله يوميا وفي كل مناسبة، وحتى بدون مناسبة بينما يدوس على كرامتهم وعلى كتبهم وعلى دينهم جنود صهيون وأمريكا...

٢- هناك إمكانية اختراق حشود التشييع بمجموعات تخريب تأتي من بعض مخيمات اللجوء الفلسطيني ومناطق النزوح السوري او حتى من مناطق سيطرة أعداء المقاومة في أكثر من منطقة لبنانية في الجبل وفي الشمال...

٣- هناك طبعا، وهذا هو الأهم إمكانية تحليق مسيرات صهيوينة فوق رؤوس الناس كما تفعل اليوم...

أ- قد تكتفي هذه المسيرات بمجرد التحليق، وهذا بحد ذاته إهانة من غير المعروف حتى الآن كيف سوف يتقبلها جمهور المقاومة، وما هو موقف حزب الله، وكيف يجب الرد...

ب- قد يرتكب العدو مجزرة ما في هذه الجموع، وهذا العدو لا يهتم لأنه محمي بالكامل من منظومة استعمارية دولية باتت هي القوة السيدة في لبنان والمنطقة...

ماذا، وكيف سوف ترد المقاومة في هكذا حالة؟...

ج- ما هو موقف المقاومة في حال لم يتم الإنسحاب الكامل في الثامن عشر من فبراير، وقامت السلطة اللبنانية التابعة والخاضعة للانتداب الأميركي القائم فعلا رغم أنه غير معلن...

كان الإتفاق ينص على الإنسحاب في فترة أقصاها ستين يوم...

قام الانتداب الأميركي بتجديد فترة ثلاثة أسابيع تحت وطأة تهديد لبنان بعودة حرب هي اميركية في الأصل قبل أن تكون أي شيء آخر...

رضخت سلطة لبنان بكل مكوناتها للإملاءات الأميركية، بينما صمتت المقاومة لأسباب لم تعد خافية بعد الضربات القاصمة التي تلقتها والتي تتحمل هي نفسها السبب في وقوعها بسبب ترددها وعدم حسمها استعمال قوتها النارية سواء في لبنان، وطبعا في إيران، وكما تبين لاحقا في سوريا حيث لعب بشار الأسد واخوه ماهر دورا مشينا سوف يواجها به الخالق وهما مسودي الوجهين...

كيف يمكن التشييع والعدو لا يزال جاثما على قرى في حافة جدودية أسقط بطولة مجاهديها اتفاق أحمق يجب محاسبة كل من قبل به أو وافق عليه حتى لو كان من المقاومة نفسها...

يُحكى أن الرئيس الأسبق سليمان فرنجية (الجِد) لم يدفن ابنه الوزير طوني فرنجية الا بعد أن تم اغتيال بشير الجميل المسؤول عن تلك الجريمة التي كان على رأس القوة المُنفذة لها يومها (ما غيره) سمير جعجع...

باختصار، ودون لف ولا دوران،

يجب أن يكون يوم الثالث والعشرين من فبراير يوم استعراض نصر افتقدناه في لبنان ورأيناه في غزة...

على المقاومة أن تكون على قدر المسؤولية لتكريس هذا اليوم يوم نصر حتى لو أدى ذلك إلى رد على أي خرق يؤدي إلى إعادة إشعال الحرب... لكن دون تردد في كبس الزر هذه المرة..

المصدر: موقع إضاءات الإخباري