تلعب الهرمونات الجنسية دورا محوريا في صحة الدماغ، حيث تؤثر على اضطرابات مثل السكتة الدماغية، والصرع، ومرض ألزهايمر، تكشف دراسة جديدة أن التقلبات الهرمونية يمكن أن تغيّر مسار الأمراض العصبية واستجابات العلاج، مما يفتح الباب أمام علاجات مبتكرة تعتمد على الجنس والحالة الهرمونية لكل فرد.
مراجعة علمية رائدة حول العلاقة بين الهرمونات والجهاز العصبي
في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Brain Medicine، استعرض عالم الغدد العصبية الشهير، البروفيسور هايمان إم. شيبر من جامعة ماكغيل، التأثير العميق للهرمونات التناسلية على صحة الدماغ، تتناول هذه الدراسة الشاملة كيفية تأثير الهرمونات الجنسية على مجموعة واسعة من الأمراض العصبية، مما يوفر رؤى جديدة حول التفاعل بين الهرمونات والجهاز العصبي.
كيف تؤثر الهرمونات الجنسية على وظائف الدماغ؟
تتفاعل الهرمونات الجنسية مع الدماغ بعدة طرق، بما في ذلك:
التأثير المباشر على الخلايا العصبية
التعديلات الوراثية (التغيرات اللاجينية)
دورها في النظام الغليمفاوي (Glymphatic System) المكتشف حديثا، والذي يساعد في إزالة السموم من الدماغ
الأمراض العصبية المرتبطة بالهرمونات الجنسية
تناولت الدراسة تأثير الهرمونات على مجموعة واسعة من الاضطرابات العصبية، منها:
اضطرابات الأوعية الدموية مثل الصداع النصفي والسكتة الدماغية
اضطرابات الحركة مثل مرض باركنسون ومرض ويلسون
الصرع وعلاقته بالتغيرات الهرمونية
التصلب المتعدد وتأثير الحمل عليه
مرض ألزهايمر والعوامل الهرمونية المؤثرة عليه
اضطرابات النوم التي تختلف بين الجنسين
أورام الدماغ، خاصة الأورام السحائية الحساسة للهرمونات
اضطرابات الأعصاب والعضلات مثل الوهن العضلي الوبيل.
العلاقة بين الهرمونات والأمراض العصبية
يؤكد البروفيسور شيبر أن تأثير الهرمونات يتجاوز وظائفها الإنجابية، حيث تلعب دوا أساسيا في تطور الجهاز العصبي واستجابته للإصابات والأمراض. ومن بين الاكتشافات المهمة التي توصلت إليها الدراسة:
بعض الأدوية المضادة للصرع تسرّع تفكك الهرمونات الجنسية، مما قد يؤدي إلى فشل وسائل منع الحمل الفموية
النيورواستيرويدات (Neurosteroids)، وهي جزيئات هرمونية يتم إنتاجها داخل الدماغ، قد تفتح آفاقا علاجية جديدة
التقلبات الهرمونية خلال الدورة الشهرية، والحمل، وانقطاع الطمث تؤثر بشكل كبير على تطور الأمراض العصبية واستجابة العلاج
الحاجة إلى استراتيجيات علاجية تعتمد على الفروق بين الجنسين في معالجة الأمراض العصبية
أسئلة بحثية مفتوحة لمستقبل العلاجات العصبية
تثير هذه النتائج العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاجات العصبية القائمة على الهرمونات، مثل:
كيف تتفاعل الهرمونات الجنسية مع النظام الغليمفاوي في الدماغ؟
هل يمكن استهداف مسارات النيورواستيرويدات لعلاج الأمراض العصبية؟
كيف يمكن تحسين العلاجات الهرمونية لتكون أكثر فعالية لكل مريض؟
تكريم العالم د. سيمور رايشلين: رائد علم الغدد العصبية
تأتي هذه الدراسة ضمن إصدار خاص احتفالا بالذكرى المئوية للعالم د. سيمور رايشلين، الذي أحدث ثورة في فهم العلاقة بين الجهاز العصبي والجهاز الهرموني، ساهمت أبحاثه في تشكيل مجال علم الغدد العصبية المناعية، وهو النهج الذي يستكشف كيفية تفاعل جهاز المناعة مع النظام الهرموني والعصبي.
يقول البروفيسور شيبر:
"تأثير د. رايشلين في مسيرتي البحثية لا يُقدّر بثمن، رؤيته الرائدة حول التفاعل بين الهرمونات والجهاز العصبي فتحت آفاقًا جديدة لفهم الأمراض العصبية."
نحو علاجات عصبية أكثر تخصيصا
تشير هذه الدراسة إلى أن فهم التفاعل بين الهرمونات والجهاز العصبي يمكن أن يُحدث تحولا جذريا في تشخيص وعلاج الأمراض العصبية. من خلال تطوير علاجات تعتمد على الجنس والحالة الهرمونية، يمكن تحقيق استجابات علاجية أكثر دقة وفعالية.



