اكتشاف مخلوقات بحرية مذهلة تعيش في قاع خندق اليابان
منوعات
اكتشاف مخلوقات بحرية مذهلة تعيش في قاع خندق اليابان
20 شباط 2025 , 12:28 م

كشفت دراسة حديثة، نُشرت في مجلة Nature Communications، عن نظام بيئي متكامل في خندق اليابان، على عمق 7.5 كيلومترات تحت سطح المحيط الهادئ، وأظهرت صور الأشعة السينية أن هذه الأعماق تعج بالكائنات البحرية التي تحفر جحورا معقدة وتستفيد من الرواسب المتدفقة باستمرار.

تيارات العكر: شريان الحياة في أعماق المحيط

تعتمد الحياة في هذه المنطقة على تيارات العكر، وهي تيارات مائية تحمل جزيئات دقيقة تغذي القاع وتوفر الأكسجين والعناصر الغذائية الضرورية للكائنات الحية.

مفاهيم خاطئة حول الحياة في منطقة الأخاديد القاعية العميقة

لطالما اعتقد العلماء أن منطقة الأخاديد القاعية العميقة (Hadal Zone)، التي تمتد بين 6 إلى 11 كيلومترا تحت سطح البحر، تكاد تكون خالية من الحياة بسبب الضغط الهائل والبرودة الشديدة ونقص الموارد الغذائية، لكن الدراسة الحديثة تنفي هذه الفكرة تمامًا، حيث أظهرت أن هذه الأعماق أكثر نشاطا مما كان يُعتقد.

مقارنة بين الأخاديد القاعية والسهول السحيقة

السهول السحيقة (Abyssal Plains):

تمتد بين 3 إلى 6 كيلومترات تحت سطح البحر.

بيئة ثابتة بضغط عالٍ وحركة مياه محدودة.

تحتوي على كائنات تتغذى على المواد العضوية في الطين وتحفر جحورًا سطحية.

الأخاديد القاعية العميقة (Hadal Zone):

تمتد بين 6 إلى 11 كيلومترا تحت سطح البحر.

بيئة ديناميكية تتجدد باستمرار بفعل تدفقات الرواسب من حواف الخنادق.

تدعم حياة بحرية أكثر تنوعا مقارنة بالسهول السحيقة.

تحليل عينات من خندق اليابان يكشف أسرار الحياة العميقة

في إطار الدراسة، قام العلماء بتحليل 20 عينة من الرواسب المأخوذة من قاع خندق اليابان، الذي يبلغ طوله 8 كيلومترات ويقع قبالة الساحل الشرقي لليابان. واستخدم الباحثون الأشعة السينية لفحص العينات، مما كشف عن جحور معقدة محفورة بواسطة كائنات بحرية متكيفة مع الظروف القاسية.

الجيولوجيا والميكروبات تلعبان دورا حيويا

أظهرت الدراسة أن بعض هذه الجحور محفوظة بفضل معادن مثل البيريت، الذي تنتجه الميكروبات الموجودة في الرواسب. كما تبين أن بعض الكائنات، مثل الديدان وخيار البحر (Holothuroidea)، تحفر عميقا في الرواسب بحثًا عن الطعام.

تدفقات الرواسب: كيف تعيد الحياة إلى أعماق المحيط؟

أثبتت الدراسة أن سقوط الرواسب إلى قاع الخندق يعمل بمثابة "إعادة تشغيل" للنظام البيئي، حيث تمر الكائنات البحرية بدورة متكاملة:

1. في البداية، يمكن أن تخنق الرواسب بعض الكائنات.

2. لاحقا، تصبح بيئة غنية بالأكسجين والمغذيات، مما يجذب كائنات جديدة مثل خيار البحر.

3. مع مرور الوقت، يستهلك خيار البحر الأكسجين، مما يتيح ازدهار الميكروبات اللاهوائية.

4. تجذب هذه الميكروبات لاحقا اللافقاريات التي تتغذى عليها، ما يعزز استمرارية الحياة في المنطقة.

سقوط الرواسب يشبه تأثير حرائق الغابات

قال الباحثان يوسي هوفيكوسكي ويوناس فيرتاسالو من هيئة المسح الجيولوجي الفنلندية:

"يشبه تأثير سقوط الرواسب على الكائنات البحرية تأثير حرائق الغابات على النظام البيئي، حيث تعيد الحرائق تشكيل البيئة من خلال تغيير عوامل مثل الضوء ودرجة الحرارة وتوافر الغذاء."

هل قاع المحيط مهجور؟ الدراسة تكشف العكس تماما!

تشير هذه النتائج إلى أن أعماق المحيط ليست مناطق مهجورة كما كان يُعتقد سابقًا، بل هي بيئات ديناميكية تتجدد باستمرار بفعل تيارات الرواسب، وعلى الرغم من قسوة الظروف في منطقة الأخاديد القاعية العميقة، إلا أنها توفر ملاذا لكائنات بحرية متكيفة قادرة على حفر جحور معقدة والاستفادة من تدفقات المواد الغذائية.

 اكتشافات جديدة تعيد تشكيل فهمنا للمحيط العميق

يعتبر هذا الاكتشاف خطوة هامة نحو فهم أعمق للنظم البيئية البحرية، حيث يثبت أن الحياة البحرية قادرة على التكيف مع البيئات الأكثر قسوة، ومع استمرار الأبحاث، قد تفتح هذه الدراسة المجال لاكتشاف أنواع جديدة من الكائنات الدقيقة وربما التطبيقات المستقبلية في البيولوجيا البحرية والتكنولوجيا الحيوية.