نعم، إلى اليسار من حزب الله، در
مقالات
نعم، إلى اليسار من حزب الله، در
حليم خاتون
21 شباط 2025 , 18:15 م

كتب الأستاذ حليم خاتون

مناظرة بين الدكتورة ليلى نقولى الرحباني والدكتور وسام ناصيف ياسين على شاشة ال NBN تختصر كل النقاش الدائر الآن داخل بيئة المقاومة التي تفكر بمنطق، وليس تلك البيئة المعلبة داخل صندوق مربع لا ترى ابعد من مجال الأنف...

انها فينوغراد شعبية تهتم لأمر الفكر المقاوم وجدلية التاريخ بالنسبة لهذا الفكر...

لا احد يعرف ماذا يدور داخل المقاومة في لبنان، وداخل المقاومة في فلسطين، وداخل محور المقاومة ككل...

لكن مجريات الأمور لا تشي بالخير...
على الأقل، عنوان الكتاب لا يشي بالخير...

عنوان الكتاب يُظهر مدى تقوقع القيادة الحالية للمقاومة داخل الإطار السابق الذي يريد من الداخل اللبناني ما ليس باستطاعة النمس تقديمه...

ما معنى دعوة فؤاد السنيورة للمشاركة في تشييع السيد؟...

هناك جموع قطعت آلاف الأميال للمشاركة في تشييع سيد شهداء هذه الأمة، ولا يشرفها أن تكون بين الجماهير بينما يجلس على منصة التشييع عملاء مباشرين او غير مباشرين ممن يدعوهم حزب الله الى هذه المشاركة...

لا يتعلق الأمر بفؤاد السنيورة وحده...
فؤاد السنيورة هو مجرد رمز من الرموز سيئة الصيت التي عمل حزب الله على دعوتها إلى الشرف وهي لا شرف عندها، ولا كرامة، ولا عزة...
لم يكن ينقص سوى دعوة أحمد الشرع الى التشييع!!!

عودة إلى المناظرة...
باختصار، من يدخل إلى الحمام لا يستطيع عدم الاستحمام لانه ببساطة سوف يخرج اكثر اتساخا من لحظة الدخول...

يناقش المرء في جدوى حرب الإسناد التي بات معلوما جدا أن إيران رفضت الدخول فيها منذ البدء، بينما كان السيد نصرالله في موقف لا يحسد عليه...

وقف السيد نصرالله كما وقف الإمام علي بعد معركة صفين ليجد جيشا شاميا من لعقة جبنة السلطة الذين لا يريدون حكما اسلاميا عادلا لأنهم ببساطة سوف يخسرون كل شيء...

كان من الطبيعي أن يحاربهم الإمام؛ فخصومه جميعا كانوا من الفاسدين داخل الدولة الإسلامية الفتية...

نظر الإمام إلى جيشه، فرأى ابا موسى الأشعري في الكثير من وجوه هذا الجيش...

بالله عليكم هل يمكن الحرب بهكذا جيش!؟!؟...

هنا اطلق الإمام علي مقولته الشهيرة أن "لا رأي لمن لا يطاع!"...

وقف السيد نصرالله يستمع إلى نداء القائد الجهادي الكبير محمد الضيف يدعو إلى الإنطلاق في حرب التحرير، حرب تحرير فلسطين...

لا يستطيع سيد محور المقاومة أن يصم أذنيه عن سماع نداء القائد محمد الضيف، وهو الواثق بأن قدرات محور المقاومة مجتمعة كافية للقيام بهذه الحرب، ثم "يقعد"...

هو يعرف "أن الإمام، هو من قام"، على رأي اخواننا في اليمن...

نظر إلى إيران التي تشبثت بقول الشهيد اسماعيل هنية سامحه الله أن معركة "طوفان الأقصى" تهدف فقط إلى تبييض سجون الاحتلال...

باختصار، أعلنت طهران موقفها برفض الدخول حتى في حرب إسناد...

نظر السيد صوب سوريا، فوجد شبح رجل ضائع تحول إلى شبيه رجل...

تذكر كيف وقفت حماس ذات يوم تنظر إلى ذبح حركة الجهاد في غزة وتنصاع إلى النصيحة الإسرائيلية بعدم دخول الحرب...
هو لا يستطيع اتخاذ الموقف نفسه الذي اتخذته حماس يومها...

هو لا يستطيع اتخاذ نفس موقف حماس بالوقوف على الحياد بين حماس والفصائل من جهة وكيان العدو من جهة ثانية...

لكنه أن دخل الحرب، عليه الاستعداد لمواجهة وكر الثعابين من كل النظام الرسمي العربي وما لدى هذا النظام من عملاء وأوغاد داخل المجتمع اللبناني وداخل مخيمات اللجوء حيث يسرح الاماراتيون والقطريون كما يشاؤون، كما داخل مخيمات اللجوء السوري التي يسيطر على أجزاء كبيرة منها فكر إبن تيمية التضليلي التكفيري...

حتى حلفاؤه من حماس منغرسون تحت ولاءات وهابية ليست بعيدة على الإطلاق عن هذيان إبن تيمية...

قرر السيد نصرالله القيام بنصف حرب...
هو يُرضي الله بعدم الوقوف على الحياد؛ وفي نفس الوقت لا يسمح لوكر الثعابين في لبنان على الانقضاض على بيئة المقاومة...

ما فعله حزب الله في تلك اللحظة هو الدخول الى الحمام مع نية الاستحمام في حال نضجت الظروف...

امل السيد أن يتطور الموقف الإيراني؛ كما أمل أن تدب الروح في "زومبي" سوريا شبه الميت...

كان السباق بين مشروع السيد نصرالله والمشروع الأميركي على أشده بالنسبة للإثنين،
إيران وسوريا...

نجح الأميركيون في إزاحة الرئيس رئيسي والجناح المؤمن بقوة محور المقاومة وتم إيصال تيار إيران أولا الى قمة السلطة التنفيذية في إيران...

ثم بدأت أميركا العمل على سوريا من ثلاث جهات أساسية:

١-النظام الرسمي العربي الذي بدأ يغدق على بشار أحلاما وردية بديمومة سلطة آل الأسد إذا ما تخلى عن أي ارتباط بمحور المقاومة...

كان بشار حقيرا إلى الدرجة التي أعمت عينيه عن رؤية ما حصل للقذافي حين تم جذبه أوروبيا عن مواقعه السابقة التي كانت أساسا لزجة وغير ثابتة...

٢-تركيا الأطلسية التي كان عليها تهيئة وتدريب وتسليح التنظيمات التكفيرية التي يسيل لعابها للتقرب من واشنطن والعيش في نعيم الجزمة الأميركية...

٣-روسيا التي يجب اقناعها بالتخلي عن سوريا مقابل ثمن تستطيع واشنطن تقديمه بكل تأكيد، أوكرانيا...

طار احد أهم معاوني نتنياهو إلى موسكو للقاء بوتين واقناعه بأن خروج روسيا من المستنقع الأوكراني يمكن أن يكون عبر إسرائيل التي لها نفوذ كبير في واشنطن...

نجح الاميركيون في سوريا نجاحات باهرا، بعد نجاحهم الأولي في إيران...

عندها، صدرت الأوامر لإسرائيل بالمباشرة في تنفيذ الخطة المعدة للبنان...
تم البدء بفؤاد شكر ثم ال Pagers، ثم القادة حتى وصلوا إلى رأس الهرم...

بينما كانت واشنطن تنفذ خطة لبنان كان حزب الله لا يزال يعيش في أجواء تسوية ترعاها إيران... 
(غباء ما بعده غباء...
مرة أخرى وأخرى يقع العرب ضحية غباء يبدو مستحكما في العقلية العربية من الشريف حسين إلى عبد الناصر إلى قيادة حزب الله مجتمعة)...

الحرب خدعة...

هُزمت إيران حتى قبل الدخول في الحرب...
تم اغتيال السيد وتحييد قوة حزب الله...
في حزب الله اليوم هناك من عنده أوهام بإمكانية التعايش مع النظام الرسمي العربي...

دليل هذا التقييم كل سياسة حزب الله منذ وقف النار إلى اليوم...

""الجناح"" المبدئي داخل الحزب تلقى ضربة قوية جدا باغتيال السيد نصرالله...

هذا الجناح الذي لا يؤمن بامكانية التعامل مع أميركا والنظام الرسمي العربي بلغ من الضعف أن حزب الله يتصرف اليوم كما لو كان مجرد حزب لبناني مذهبي شيعي...

إلى ماذا سوف تؤدي التطورات داخل الحزب يعتمد بشكل أساسي على تطور الأمور في لبنان...

كلما زاد تغول الاسرائيليين، سوف يضعف الجناح اليميني المذهبي داخل الحزب، وهذا فأل حسن...

ربما يجب فعلا شكر العدو لأن صلافته وحدها هي من سوف يؤدي إلى تقدم الجناح المبدئي اليساري إلى مواقع القيادة التي يجب أن تحصل بعد مرحلة انتقالية لا نزال نعيشها في داخل الحزب رغم الغلاف السميك الذي يمنع الرؤية عما يجري فعلا داخل الحزب هذه الأيام...

المصدر: موقع إضاءات الإخباري