فخامة الرئيس: صرّحت بقولك: أنّ لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه، وأنّنا دفعنا ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية". وذلك أمام الوفد الإيراني الرّسمي المُشارك في تشييع شهيدا المقـ اومة السيّدان القائدان نصرالله وصفي الدين (قده).
هل نصدقك فخامة الرئيس؟ ونكذّب قيادة الجيش التي قامت مشكورة، بتوثيق دقيق للإعتداءات الصهيونية منذ العام 1948 في كتاب من جزئين بعنوان تاريخ الجيش اللبناني والحروب العربية الإسرائيلية، يوثقان ما جرى بالتفصيل منذ نشأة الكيان الصهيوني الغاصب.
منذ العام 1948وأهل الجنوب تعرضوا للإعتداءات الصهيونية عصابات"الهاغانا" التي كانت تسرح وتمرح وتدخل إلى المدن والبلدات الجنوبية، ترتكب المجازر الدموية وتدمّر المنازل على رؤوسهم وتحرق كرومه ومزروعاتهم، وتعتقلهم من منازلهم وحقولهم، إضافة إلى طرد الفلسطينيين ولجوئهم إلى لبنان، كانت الدولة اللبنانية بكامل رؤساء مؤسساتها الدستورية والرّسمية غارقة بين أحضان المومسات، لا تعترف بجنوب لبنان أنّه من لبنان.
فخامة الرئيس، لا شيىء إسمهُ حروب الآخرين على أرض لبنان، بل العدو الصهيوني وعملاءه في الداخل يصنعون الحروب في لبنان، بدليل، أنّ لا علاقة للطائفة الشّيعية في حرب وأحداث عام1957و1958 التي صنعها الرئيس كميل شمعون وحزبه الذي طلب رسمياً من واشنطن أن تقوم بإنزال عسكري بحري على شاطىء الأوزاعي دعماً له في مواجهة المعارضة الوطنية آنذاك، التي كانت تعارض التمديد له في رئاسة الجمهورية واستمرّت الحرب الأهلية مدّة 6 أشهر كادت أن تطيح بلبنان الحديث، إنتهت الحرب بلا غالب ولا مغلوب، أمّا الحرب الأهلية عام 1975صنعتها أحزاب اليمين المسيحي الكتائب والأحرار والتنظيم وحراس الأرز ثم إنضوت جميعها تحت أسم الجبهة اللبنانية ضدّ الوجود الفلسطيني، وهذه الجبهة هي التي إستنجدت وترجّت وطالبت الرئيس الراحل حافظ الأسد بالدخول عسكرياً إلى لبنان، ضدّ أحزاب الحركة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، أمّا الطائفة الشّيعية ليس لها علاقة بهذين الحربين لا من قريب ولا من بعيد، بل دفعت ثمناً كبيراً من شبابها وأرزاقها وبيوتها ووجودها في تلك الحروب العبثية، مع الإشارة إلى أنّ الإمام موسى الصدر إعتصم في بيروت مسجد الصفا بتاريخ 27 حزيران1975 رفضاً للحرب الأهلية، وطلب من المسلّحين المُتقاتلين التوجه بسلاحهم إلى جبهة جنوب لبنان لصدّ العدوان الصهيوني.
منذ الإستقلال الصفقة 1943 تولى رئاسة الجمهورية من الطائفة المارونية الكريمة، هو الحاكم المُطلق كما ورد في الدستور، إعتبر لبنان مزرعة له ولعائلته وحاشيته وزبائنيته، فمن كان من الإقطاع السياسي من كلّ الطوائف ينفذ سياسة رئيس الجمهورية في البرلمان والحكومة، كان له نصيب وافر من الفتات والعظام، ومن هذا ولدت"المارونية السياسية"التي تحكّمت بمفاصل الدولة ومؤسساتها الدستورية، رئيس البلاد هو الممسك بتعيين وإقالة رئيس الوزراء والوزراء ورئيس مجلس النواب ونائبه واللجان النيابية ويعتمد السفراء وينفرد بالوظائف الأولى والثانية في كامل المؤسسات الرّسمية والعسكرية، كان يعامل ويعتبر جنوب لبنان وأهله ليسوا من لبنان ولا من سيادته الوطنية، ولهذا كان الجنوب يقع بين عدوين إثنين، الأول: إهمال السلطة السياسية الحاكمة التي تعمّدت ترك الجنوب وأهله دون أدنى مقومات خدمات إجتماعية أو بنى تحتية لدعم صمودهم في أرضهم، الثاني:إحتلال العصابات الصهيونية لفلسطين التي بدأت تتوسع لتصل إلى الجنوب وأهله الذين تُركوا وحدهم يواجهون بأنفسهم خطر الإستيطان الصهيوني الذي دخل من بوابة الجنوب. ليصل إلى لبنان.
كل هذا حصل والجنوب تعرّض لعدد كبير من الإعتداء والإحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا في حرب النكسة حزيران العام1967 وخروج ألاف الفلسطينيين ووضعوا في مخيمات للاجئين، والسلطة اللبنانية دفنت رأسها في الرمال والتزمت الحياد ولم تكلف نفسها آنذاك القيام بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضدّ إسرائيل واحتلالها أراضي لبنانية، ثم أكمل الأردن تهجير الفلسطينيين في حرب أيلول عام 1970 ليتوجهوا منها إلى لبنان ويلتحقوا في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
عدا عن الإجتياحات التي نفذتها إسرائيل في أيلول العام1972والذي وصل إلى مشارف مدينة صور، وفي العام1976 قام ببناء حزام أمني بطلب من أحزاب مسيحية الكتائب، الأحرار، القوات اللبنانية وأرسلو الرائد العميل سعد حداد لبناء دويلة لبنان الحرّ لحماية إسرائيل، إضافة إلى قيام العدو بالإجتياح عام 1978 وصدور القرار425 عن مجلس الأمن الدولي، والذي ضربته إسرائيل عرض الحائط مدّة 22 عاماً، ثم الإجتياح الصهيوني في حزيران عام1982 والتي إنضوت الأحزاب المسيحية تحت لواء رئيس حكومة العدو مناحيم بيغن ووزير دفاعه أريئال شارون ورئيس أركانه رفائيل إيتان، ووزير خارجيته ديفيد كيمحي، وانتخب من حزب الكتائب رئيسا جمهورية بشير الجميّل الذي قتل في إنفجار في بيروت، ثم إنتخب أمين الجميّل بناءً لطلب إسرائيل وموافقة أميركية ومباركة سعودية.
فمن بيده الحرب في لبنان،إسرائيل وعملاءها في لبنان وهم الأحزاب المسيحية، الذين شكلوا أدوات لسياسة بريطانيا وأميركا وإسرائيل، ضدّ شركاءهم في الوطن، لماذا كلّ هذه الحروب ؟ لتنفيذ أجندات إسرائيلية في لبنان لنسف القضية الفلسطينية تمهيداً لتطبيع العلاقات معها.
المقاومة لم تقاتل إلاّ دفاعاً عن الجنوب ولبنان من الخطر الصهيوني القادم، بعد أن أهملت الدولة اللبنانية جنوب لبنان ولم تقم بواجبها الإنمائي والدفاع عنه، فنحن لم نحارب عن الآخرين كما إدعيت، حيث كانت الحروب تفرض علينا من إسرائيل وعملاءها في لبنان، من حقنا الدّفاع عن أنفسنا ووجودنا على أرضنا في الجنوب ولبنان، فتوثيق الجيش اللبناني للإعتداءات الصهيونية على الجنوب ولبنان في كتابه الجزئين، هما أصدق أنباءً منك فخامة الرئيس، فنحنُ لسنا مرتزقة، كي تنعتنا بحروب الآخرين، نحنُ أصحاب الأرض والسّيادة والحرّية والإستقلال الحقيقي.