كتب الأستاذ حليم خاتون:
كتب الأستاذ حليم خاتون:
جبهة واحدة وحيدة كانت كفيلة بإنهاء أسطورة الدولة اليهودية المارقة...
في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ عبر حوالي ألف مقاتل من حركة حماس الجدران والأسلاك التي تفصل معظم ما تبقى من قطاع غزة عن أراضي ال ٤٨...
سقط بيت العنكبوت...
انتشر المقاتلون الفلسطينيون في شوارع المدن والقرى الفلسطينية ومستوطنات غلاف غزة...
ما انتشر على الشاشات كان أمرا لا يُصدق...
انهارت دولة الكيان بفعل تحرك جبهة واحدة فقط، وسط تخبط غير مسبوق على كل المستويات...
كاد نتنياهو يعلن نهاية اسرائيل، وسقوط مملكة الهيكل الثالثة وفق الأساطير التوراتية قبل ان يهرع كل الغرب الاستعماري لإعادة الحياة إلى أسطورة الرعب، فرانكينشتاين...
كان يجب أن تتحقق أربعة شروط ضرورية لكي يتأمن الشرط الخامس الكافي لإنهاء هذا الكيان والانتقال بالشرق الأوسط إلى مستقبل آخر...
أولا، كان يجب على إيران بصفتها مركز الثقل والقيادة داخل محور المقاومة أن تتلقف هذه الفرصة التاريخية لتخرج على العالم وتضع الجميع أمام أمر صار مفعولا...
ثانيا، كان على كل أطراف محور المقاومة تلقف هذه اللحظة التاريخية، والانتقال فورا إلى خطط الهجوم عبر حزب الله على الحدود اللبنانية الفلسطينية، ومن سوريا عبر القوى الأخرى التي لا تزال تدعّي حتى اليوم إنها جزء من محور المقاومة رغم ألف علامة استفهام لها مبرراتها خاصة فيما يخص العراق...
ثالثا، كان على المقاومة الفلسطينية ان تكون أكثر تنظيما وأكثر دراية بأمور التكتيك والاستراتيجيا، وأن تنتقل فورا إلى مرحلة أعلى من الهجوم عبر فرق احتياط من عشرات الآلاف من المقاتلين يدخلون إلى كل اراضي ال ٤٨ ويحولوها إلى أرض المعارك الفعلية، بدل الإنكفاء الغبي الى داخل القطاع والتسبب بكل المآسي التي لحقت...
رابعا، كان يجب أن تتلقف السلطة ومعها الأنظمة العربية ما يحدث وتطلب اجتماعا فوريا لمجلس الأمن لفرض تسوية مستدامة للقضية الفلسطينية تقوم على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني...
بكل أسف، لا إيران كانت على مستوى الحدث؛ ولا حزب الله ولا الحشد الشعبي الذي تبين إنه بالكاد يستطيع أن يمون على شيء في العراق كانا في وارد التقاط هذه الفرصة التاريخية...
اما المقاومة الفلسطينية فقد تبين إنها يتيمة تنظيم الإخوان المسلمين العالمي، وانها لم تفتقد إلى خبرات عسكرية واستراتيجية فحسب، بل انها كانت ضحية مؤامرة عالمية كان الإخوان المسلمون جزءا شريرا فيها...
أما السلطة والأنظمة العربية، ورغم ذنوبها التي لا تغتفر الا انه يجب الاعتراف بأنه لو تحققت الشروط الثلاثة الأولى لكان من الممكن أن نرى شيئا ما في النظام الرسمي العربي والفلسطيني الجبان...
تبرر إيران تصرفها من منطلق إنها كانت لا تزال تراكم القوة، وإن الهجوم حصل في غير الوقت المناسب...
إلى أي مدى يمكن قبول هذه الحجة؟
في إيران ترتفع الشعارات المعادية لأميركا والإمبريالية؛ لكن النظام يحوي أطرافا تحلم ليل نهار بالعودة إلى دور إقليمي في ظل الامبريالية الأميركية...
عشر سنوات مرت منذ خرج ترامب من الاتفاق النووي والنظام الإيراني يتلطى تحت فتوى تحريم السلاح النووي...
تخرج بعض الابواق الإيرانية تعطي تبريرات اكثر سخافة من كل ما يمكن ان يكون سخيفا حول احترام الشرعية والقانون الدولي حيث كان نظام الشاه قد وقع قبل الثورة اتفاقية ضمان عدم انتشار السلاح النووي كما تقول سردية هؤلاء...
هل تستند فتوى الإمام الخميني إلى الاتفاقية الموقعة من قبل الشاه كما تزعم هذه الأبواق، أم هو الدين الذي يحرّم أسلحة الدمار الشامل...
هل حرّم الإمام الخميني استخدام السلاح النووي كما من المفترض أن تكون الفتوى؛ ام هو حرّم انتاجها والحصول عليها...
الفرق بين الأمرين كبير جدا...
لانه بكل بساطة يمكن تحريم استخدام هذا السلاح للهجوم، لكن كيف يمكن تحريم الحصول على هذا السلاح ليشكل عنصر ردع لحماية الجمهورية الإسلامية من تهديدات قوى نووية تضمر كل الشر في العالم لهذه الجمهورية...
عشر سنوات مرت وإيران تنتقل من خيبة إلى خيبة أخرى بدل أن تقوم بإنتاج القنبلة وإجراء التفجير لكي يشكل هذا الأمر رادعا أمام أعداء الجمهورية واعداء الدين الذي يتشبث به الإمام الخميني وأتباعه...
لو كان هذا السلاح موجودا، هل كنا سوف نواجه هذا الإنكسار وهذا الذل الذي نعيشه هذه الأيام؟
إما أن الإيرانيين سُذّج، وإما أنهم بالتأكيد سُذج...
حتى استعمال الصواريخ الموجودة عند المقاومة تم تعطيله...
إلى أي حد تصدُقُ رواية منع الكود عن الحزب لمنعه من استخدام قوة الردع الصاروخية؟
اذا كان الإيرانيون هم من منع هذا الأمر عبر منع الكود عن حزب الله يجب ان يتحملوا مسؤولية الهزائم والدمار الذي نتج عن تعطيل الردع الصاروخي...
واذا لم يكونوا هم، على حزب الله أن يتحمل مسؤولية ما حصل لانه تسبب بكارثة تشبه ما حصل في زمن الهزائم في حرب حزيران ٦٧...
يحق لنا طرح هذا السؤال خاصة وإن حزب الله قد وضعنا في عشر جبهات على الأقل:
نحن نواجه إسرائيل، والجولاني، والسلفيين في مخيمات اللجوء الفلسطيني والإخوان المسلمين في تجمعات النزوح السوري...
هناك أيضا جبهة كلاب حزب القوات اللبنانية واليمين المسيحي؛ زائد كلاب ابن تيمية في الطائفة السُنية؛ زائد كلاب إسرائيل في الطائفة الدرزية...ثم هناك أمريكا وبريطانيا وألمانيا والسعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين ناهيك عن مصر والأردن ومملكة محمد السادس في المغرب، والسلفيين في الجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا دون نسيان كلاب التطبيع في المعسكرين المتقاتلين في السودان...
بسبب عدم اتخاذ قرار بالرد على إسرائيل كما يجب وضعنا حزب الله في مواجهات كل زناة الليل والعهر في المنطقة والعالم...
يقول مناصرو حزب الله انهم خافوا من طعنهم في الظهر؛ لذلك ترددوا...
طعنّ كل الكلاب المذكورين أعلاه في الظهر يظل أهون ألف مرة من الذل الذي نشعر به في كل مرة يخرج علينا فيها إبن زانية يتفلسف على سمانا مهددا بما لا يملك اذا نحن لم نسلم السلاح...
ثم يخرج من بيئة حزب الله من يريد إقناع هؤلاء بالمنطق في ما يشبه دعوة الزانية إلى الكف عن الزنا باسم طهارة لا تعرفها لا هي، ولا الذين خلفوها...
مَن بين الاثنين إيران أو حزب الله يتحمل مسؤولية عدم اتخاذ القرار باستعمال قوة الردع حتى تم تدميرها او تحييدها وجعلنا عرضة لإهانات أبناء العهر ممن يطلع علينا صبحا ومساء وليس هناك من يقفل له فم...
لقد وضعتمونا في حالة بتنا نخشى فيها ان تتمادوا في التردد وتصلوا يوما إلى تسليم سلاح لا تملكون في حقيقة الأمر قرار تسليمه لأن شعبنا وحده هو من يملك قرار المقاومة من عدمها...
لا بل من شبه المؤكد أن سقوط سورية ما كان ليحصل لولا التخاذل الكبير الذي عاشه هذا البلد من قبل إيران وقوى المقاومة...
"اللي ما بقاتل، بيستاهل كل اللي عم بصير فيه..."
المشكلة انه "متمسح"، وبيئة المقاومة هي التي تعاني...
الحياة وقفة عز...
نكون او لا نكون؛ هنا تكمن كل المسألة...


