الاكتئاب ليس مجرد شعور بالحزن أو فترة مزاجية سيئة، بل هو اضطراب نفسي حقيقي يؤثر على التفكير والسلوك والمشاعر، ويؤدي إلى تأثيرات جسدية وعاطفية عميقة. يُعرف طبياً باسم "الاضطراب الاكتئابي الكبير"، وقد يجعل الحياة اليومية تحدياً مرهقاً للمصاب به.
تعريف علمي للاكتئاب
بحسب الدكتور كريغ سوتشوك، اختصاصي علم النفس السريري فإن الاكتئاب حالة مزاجية مزمنة تتميز بالحزن المستمر، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، والشعور بعدم القيمة. قد تصل شدة الأعراض إلى حد التفكير في الانتحار أو محاولته.
ليس ضعفاً شخصياً ولا يمكن تجاوزه بالإرادة فقط
من المهم فهم أن الاكتئاب ليس دليلاً على ضعف الشخصية، ولا يمكن "الخروج منه" بقوة الإرادة فقط، يحتاج كثير من المرضى إلى علاج طويل الأمد يجمع بين الأدوية والعلاج النفسي للحصول على تحسن فعّال ومستدام.
- أعراض الاكتئاب الشائعة
تظهر أعراض الاكتئاب لدى البالغين على النحو التالي:
شعور دائم بالحزن أو الفراغ أو اليأس
فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية
تغيرات في الشهية والنوم
انخفاض الطاقة والإرهاق الشديد
الشعور بالذنب أو انعدام القيمة
صعوبة في التركيز واتخاذ القرار
التفكير في الموت أو الانتحار
آلام جسدية غير مفسرة طبياً مثل الصداع أو ألم الظهر
- الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين
تتشابه أعراض الاكتئاب في الأطفال مع تلك لدى البالغين، لكنها قد تتخذ أشكالًا مختلفة:
عند الأطفال:
التهيج أو الحزن المفرط
التعلّق الزائد بالوالدين
الشكاوى الجسدية بدون سبب طبي
رفض الذهاب إلى المدرسة
عند المراهقين
الشعور باليأس والذنب
العزلة الاجتماعية
تراجع الأداء الدراسي
تعاطي المخدرات أو الكحول
السلوكيات المؤذية للذات
الاكتئاب عند كبار السن
قد لا تظهر أعراض الاكتئاب بشكل واضح لدى كبار السن، بل تتخفى خلف مشكلات صحية أو سلوكيات انعزالية، مثل:
تغيرات في الذاكرة أو الشخصية
فقدان الشهية أو اضطرابات النوم
الإحجام عن الأنشطة الاجتماعية
التفكير المتكرر في الموت.
- متى يجب زيارة الطبيب؟
إذا لاحظت أي أعراض تشير إلى الاكتئاب، فاطلب المساعدة الطبية فورًا. تجاهل الأعراض قد يؤدي إلى تفاقمها، من المهم التحدث إلى طبيب مختص أو شخص تثق به.
في حالات الطوارئ:
إذا شعرت بأنك تفكر في إيذاء نفسك، فاتصل برقم الطوارئ المحلي أو توجّه مباشرةً إلى أقرب مركز طوارئ.
- الأسباب البيولوجية والنفسية للاكتئاب
رغم عدم وجود سبب واحد مباشر للاكتئاب، إلا أن العلماء يعتقدون أن عدة عوامل تلعب دوراً في تطوّره، من بينها:
الاختلافات في تركيب الدماغ
اضطرابات كيمياء الدماغ والناقلات العصبية
تغيرات هرمونية، مثل تلك الناتجة عن الحمل أو اضطرابات الغدة الدرقية
العوامل الوراثية، حيث يُعد الاكتئاب أكثر شيوعا في العائلات المصابة.
- عوامل الخطر المرتبطة بالاكتئاب
تزيد بعض العوامل من احتمالية الإصابة بالاكتئاب، منها:
انخفاض الثقة بالنفس
التعرض للصدمات أو الضغوط النفسية
وجود تاريخ عائلي من الاكتئاب أو الإدمان
الميول الجنسية أو الهوية الجندرية في بيئة غير داعمة
الإصابة باضطرابات عقلية أخرى
إساءة استخدام المواد
الإصابة بأمراض مزمنة مثل السرطان أو أمراض القلب
استخدام أدوية معينة بدون إشراف طبي.
- مضاعفات الاكتئاب
إذا تُرك الاكتئاب دون علاج، فقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة منها:
زيادة الوزن أو السمنة
أمراض جسدية مزمنة
الإدمان
اضطرابات القلق أو الرهاب
تدهور العلاقات الاجتماعية والعائلية
العزلة والانطواء
التفكير في الانتحار أو ارتكابه
الانقطاع عن العمل أو التعليم
الوفاة المبكرة بسبب أمراض مرتبطة بالاكتئاب
- طرق الوقاية من الاكتئاب
لا توجد طريقة مؤكدة لتجنب الإصابة بالاكتئاب، لكن يمكن تقليل خطره من خلال:
التعامل المبكر مع التوتر والضغوط النفسية
تعزيز العلاقات الاجتماعية والدعم الأسري
المحافظة على نمط حياة صحي
التوجه للعلاج عند ظهور أولى العلامات
التفكير في العلاج الوقائي لمنع الانتكاسة في الحالات السابقة.
الاكتئاب حالة صحية نفسية تحتاج إلى وعي مجتمعي وتدخل مهني. الفهم الصحيح لطبيعته وأعراضه وطرق علاجه يُعد خطوة أولى نحو الشفاء. لا تتردد في طلب المساعدة، فالعلاج ممكن والتعافي حقيقي.



