من مساحيق الكولاجين إلى حبوب تعزيز المناعة، أصبحت المكمّلات الغذائية متواجدة في كل مكان—على رفوف المتاجر، في خزائن الحمامات، وحتى في خلاصات إنستغرام. ومع وعودها بتحسين النوم، وتجميل البشرة، وزيادة التركيز، بل وحتى إطالة العمر، تبدو هذه المنتجات وكأنها حلول سحرية لمشكلات العصر الصحية.
لكن، كخبيرة تغذية، كثيا ما أُسأل: هل تستحق المكمّلات كل هذا المال؟ والجواب هو: الأمر يعتمد، فرغم أن لبعض المكمّلات فوائد حقيقية في حالات معينة، إلا أنها غالا ما تُفهم بطريقة خاطئة وتُسوّق بأساليب مبالغ فيها، وللأسف كثيرون لا يدركون المخاطر أو القيود أو الحيل التسويقية المخبّأة خلف الملصقات.1. ابدأ بالغذاء، لا بالمكمّلات
حين يمكن الحصول على المغذيات من الطعام، يكون ذلك هو الخيار الأفضل دائما، فبحسب وكالة معايير الغذاء في المملكة المتحدة، تُعرّف المكمّلات بأنها "منتجات تهدف إلى تصحيح نقص غذائي، أو الحفاظ على مستويات كافية من مغذيات معيّنة، أو دعم وظائف فسيولوجية محددة".
بمعنى آخر، المكمّلات تُكمّل النظام الغذائي، ولا تحلّ مكان الأطعمة الحقيقية.
فالأسماك الدهنية مثل السلمون لا توفر فقط أحماض أوميغا-3، بل أيضا البروتين وفيتامين D والسيلينيوم ومركّبات مفيدة أخرى. هذه المكوّنات تتفاعل معا بطرق لا نفهمها بالكامل، ومن الصعب جدًا تقليدها في صورة حبوب أو بودرة.
فالأسماك الدهنية مثل السلمون لا توفر فقط أحماض أوميغا-3، بل أيضا البروتين وفيتامين D والسيلينيوم ومركّبات مفيدة أخرى. هذه المكوّنات تتفاعل معا بطرق لا نفهمها بالكامل، ومن الصعب جدًا تقليدها في صورة حبوب أو بودرة.
صحيح أن هناك حالات تستدعي المكمّلات، مثل حمض الفوليك قبل وأثناء الحمل للوقاية من عيوب الأنبوب العصبي، أو فيتامين D في الشتاء. كما يحتاج النباتيون عادة إلى فيتامين B12 لندرته في الأطعمة غير الحيوانية.
2. ربما تتناول كميات زائدة دون أن تدريمن السهل تناول جرعة زائدة من المكمّلات مقارنة بالأطعمة، وقد يؤدي ذلك إلى آثار جانبية كالغثيان أو الإسهال في المدى القصير، ومشكلات صحية خطيرة على المدى الطويل.
الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مثل A وD وE وK تُخزَّن في الجسم، لا تُطرَح في البول. مثلاً، الإفراط في فيتامين D قد يسبب تراكم الكالسيوم وتلف الكلى والقلب وضعف العظام، كما أن فيتامين A بجرعات عالية قد يؤدي إلى تلف الكبد، تشوّهات خلقية خلال الحمل، وانخفاض في كثافة العظام.
حتى الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، مثل B6، قد تسبّب تلفا عصبيا إذا أُفرِط في استخدامها لفترات طويلة.
وبما أن معظم الناس لا يجرون فحوصات دم دورية، فقد لا يكتشفون المشكلة إلا بعد ظهور الأعراض.
3. لا تثق بنصائح السوشال ميديا
تصفح وسائل التواصل لبضع دقائق وستجد وابلا من الإعلانات لمكمّلات "معززة للمناعة"، "طبيعية"، أو "مُزيلة للسموم". هذه المصطلحات ليست علمية بل تسويقية بحتة.
وفقا لوكالة معايير الغذاء، المكمّلات "ليست منتجات دوائية" ولا يمكنها أن تؤدي "أثرا دوائيا أو مناعيا أو استقلابيا". ومع ذلك، تغصّ الإنترنت بادعاءات مضللة، في ظاهرة يُطلق عليها "غسل الصحة" أو Healthwashing، حيث تُروَّج المنتجات وكأنها تملك قدرات علاجية لا تستند إلى دليل.
الأسوأ أن المكمّلات لا تخضع لنفس معايير الاختبار والتنظيم الصارمة المطبّقة على الأدوية، ما يفتح الباب أمام منتجات غير دقيقة التركيب أو الجرعة أو حتى التسمية.وعلى الرغم من وجود قواعد من هيئة معايير الإعلانات حول الادعاءات الصحية، إلا أن تنفيذها صعب، خصوصا مع وجود المؤثرين وشبكات التسويق الهرمي، بعض البائعين بلا تدريب علمي يقدّمون روايات شخصية على أنها أدلة، وهو أمر محفوف بالمخاطر.
4. صناعة المكمّلات تهدف للربح لا للعلاج
تقدّر قيمة سوق المكمّلات عالميا بأكثر من 100 مليار جنيه إسترليني. وكأي صناعة ضخمة، هدفها الأساسي هو النمو وتحقيق الأرباح، هذا ينعكس بوضوح في تطوير المنتجات واستراتيجيات التسويق.
فكر في الأمر: لو كان المكمّل فعّالا حقا، لكان موصى به من الأطباء لا من المؤثرين على الإنترنت.
بعض المكمّلات تستند إلى دراسات موثوقة، مثل الحديد أو فيتامين D. ولكن معظمها يُسَوّق بادعاءات تفوق كثيرا ما يقوله العلم، وغالبا ما يُروّج لها أشخاص بلا خلفية طبية أو تغذوية.
5. ليست كل المكمّلات آمنة للجميع
كون المكمّلات متاحة من دون وصفة لا يجعلها آمنة بالضرورة. حتى المنتجات المصنّفة كـ"طبيعية" قد تتفاعل مع أدوية أخرى أو تسبب أضرارا صحية.
نبتة سانت جونز (St John's Wort)، مثلا، قد تتداخل مع مضادات الاكتئاب، حبوب منع الحمل، وأدوية الضغط. فيتامين K يمكن أن يعاكس تأثير أدوية مميّعة الدم مثل الوارفارين. جرعات عالية من الحديد قد تؤدي إلى مشكلات هضمية وتؤثر على امتصاص بعض المضادات الحيوية.
العديد من المكمّلات لم تُختبر للسلامة أثناء الحمل أو الرضاعة، وبعضها مثل فيتامين A بجرعات عالية، معروف بضرره في هذه الفترات وقد ينتقل عبر حليب الأم.
إذا كنتِ حاملاً أو مرضعة أو تتناول أدوية أو تعاني من حالة صحية، فاستشر طبيبا أو صيدليًا أو اختصاصي تغذية قبل استخدام أي مكمّل جديد.
لمكمّلات قد تكون مفيدة ولكن بشروط
رغم أن المكمّلات قد تلعب دورا داعما في حالات محددة، إلا أنها ليست علاجا شاملا لكل الأمراض، قبل أن تشتري منتجا بوعدٍ كبير، اسأل نفسك: هل أحتاجه فعلا؟ أم أنني سأكون أفضل حالًا إن أنفقت هذا المال على طعام صحي ومغذٍ؟