أظهرت دراسة أميركية حديثة أجريت على أكثر من 100 ألف شخص خلال 12 سنة، أن الاستهلاك العالي ل الأطعمة فائقة المعالجة، مرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 41٪، مقارنة بأقل المستهلكين وحتى بين غير المدخنين، وذلك بعد تعديل عدة عوامل مثل التدخين والنمط الغذائي العام.
وتضم هذه الأطعمة السندويشات الجاهزة والمشروبات الغازية الجاهزة والوجبات السريعة والمعجنات المصنعة، وهي غالبا ما تحتوي على مواد مضافة وسكريات ودهون زائدة، فالدراسة المنشورة في مجلة Thorax الطبية، تؤكد ضرورة إعادة النظر في مستويات استهلاك هذه الأطعمة ضمن السياسات الصحية.
العلاقة بين الأغذية المصنعة وسرطان الرئة
وتنتمي هذه الدراسة إلى تجربة متابعة طويلة الأمد ضمن تجربة PLCO الخاصة بفحص سرطانات البروستاتا والرئة والقولون والمبيض، وشارك فيها 101,732 شخصا تتراوح أعمارهم بين 55 و74 عاما، وقد صنفت الأنظمة الغذائية حسب نظام NOVA إلى أربعة مستويات بدءا بالأطعمة غير أو قليلة المعالجة، وصولا إلى الأطعمة فائقة المعالجة (UPF) التي تشمل منتجات مثل: اللحوم المعالجة المشروبات الغازية، المعجنات النودلز الفورية الصلصات الجاهزة، والمأكولات السريعة المستهلكة يوميا بمعدلات تصل إلى ثلاث حصص في المتوسط.
فخلال 12 عاما ظهر 1,706 حالات سرطان رئة، منها 1,473 حالة سرطان الخلايا غير الصغيرة (NSCLC) و233 حالة سرطان الخلايا الصغيرة (SCLC)، وإن أولئك الذين كانوا ضمن أعلى ربع استهلاك الـ UPF سجلوا زيادة نسبتها 37٪ لخطر NSCLC و44٪ لـ SCLC بالمقارنة بأولئك في أدنى ربع الاستهلاك.
ووفق الخبراء فإن هذه الارتباطات تبقى ضمن نطاق الملاحظات الارتباطية وليس السببية، وذلك بسبب طبيعة الدراسة التي تعتمد على المراقبة observational study، إذ لا يمكن الجزم بأن الأطعمة فائقة المعالجة هي السبب المباشر في حدوث السرطان، خاصة مع عدم إدراج شدة التدخين أو التغيرات الغذائية مع مرور الوقت.
ومع ذلك فإن المجموعة ذات أعلى استهلاك لهذه الأطعمة كانت غالبا أكثر عرضة لعوامل أخرى ، مثل زيادة الوزن انخفاض جودة النظام الغذائي، والسلوكيات المرتبطة بالسمنة والسكري، وتشير التحليلات إلى أن المواد الكيميائية الناتجة عن المعالجة الصناعية، مثل acrolein الموجود في اللحوم المشوية والمشروبات المحلاة، قد تسبب ضررا على الحمض النووي والخلايا وتحفز الالتهابات، كما يلعب تغليف البلاستيك دورا محتملا في التعرض لمواد سامة، كالبلاستيكيات التي قد تترسب داخل الجسم على مدار الزمن، وإضافة إلى ذلك قد تؤدي هذه الأطعمة إلى استبدال الخيارات الغذائية المفيدة كالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، ما يقلل من تناول المركبات النشطة بيولوجيا التي تحمي الجسم من السرطان.
توصيات صحية وخطوات وقائية للتخفيف من الخطر
وتستنتج الدراسة أن تقليل الاعتماد على الأطعمة فائقة المعالجة قد يسهم في خفض عبء سرطان الرئة عالميا، خصوصا إذا تم تأكيد هذه النتائج في مجموعات سكانية متنوعة وأكبر، كما توصي المؤسسات الصحية بإدراج سياسات غذائية تركز على ترويج الأطعمة غير المصنعة أو قليلة المعالجة، وتحجيم الإعلانات الترويجية للأطعمة المصنعة الجاهزة، وفرض قيود على المكونات الصناعية الضارة.
ومن المنظور التقدمي يجب دعم الأبحاث المستقبلية التي تحلل التركيب الغذائي لمختلف مجتمعات العالم، وضمان شمول التنوع العرقي والثقافي والاجتماعي في العينات لضمان تعميم النتائج.
وإذا ثبتت هذه الارتباطات فإن الخطط الوطنية للصحة العامة قد تلجأ إلى تشجيع التحول نحو نمط غذائي يعتمد على الطعام الحقيقي والطازج كجزء أساسي من الوقاية من السرطانات المزمنة.