كتب إيهاب زكي:
مقالات
كتب إيهاب زكي: "العالم المجنون، يريد مكافأة نتن ياهو المُجرم!!!"
ايهاب زكي
6 آب 2025 , 23:02 م

يريدون مكافأة نتنياهو ومنحه نـ.ـصـــراً مُطلقاً عجز عن تحقيقِ جُزْءٍ منه؛ مكافأته على الفشل ومكافأته على جرائمه، حيث لم نعد نسمع، منذ انعقاد مؤتمر نيويورك، سوى المطالبة بتسليمِ حـ.ـمـ.ـاس سـ.لاحَها، وتوارِيها عن المشهدِ في مستقبل غزّة، حتّى ويتكوف مبعوث ترامب قطعَ بموافقةِ حـ.ـمـ.ـاس على ذلك.

وهنا لم يقتصر الأمر على القادة الغربيين، في محاولات الضغط لمكافأة نتنياهو، بل انسحب الأمر على دولٍ عربية، اعتبرت عقد مؤتمر نيويورك والإعلان الصادر عنه إنجازًا فريدًا لها وغير مسبوق،ودول كذلك تعتبرنفسها داعمة لفلسـ.ـطين وللمـ.ـقاومة مثل قطر وتركيا، وقعت على الإعلان الذي يطالب بنزع سـ.لاح حـمـاس، وتغييبها عن المشهد الفلسـ.ـطيني.

وقد لا يكون الأمر مستهجناً،حين يأتي من قادةٍ غربيين، هم شركاء في الجريمة، التي يرتكبها نتنياهو باسمهم، وبدعمهم جميعًا في غزّة، وسيكون أقلَّ استهجاناًحين يصدرعن أنظمةٍ عربية،آثرت على مدار667يومًا من استمرار الجريمة، رفد الـ.ـعـ.ـدوّ بكلّ ما يحتاجه من صمتٍ وقمعٍ لكل متضامنٍ مع غزّة، ودعمٍ لوجستيٍ وتجاريٍ وتفاوضيٍ وسياسي.

على الأقل لسنا من المستهجنين من موقف تركيا وقطر، ولكن على البعض الذين يهللون لتلك الأدوار التي تدّعيها تلكما الدولتان، أن يعبّروا عن استهجانهم ولو قليلًا، حتّى يصبح ادّعاء المصداقية لديهم وجيهًا، أو فيه بعض الحياء على الأقل.

ولكن السؤال الأهم: لماذا تتسارع الآن هذه المواقف وتتكرّر يوميًا، ويصرّ قادة الغرب والشرق على تكرارها كلما صادفوا كاميرا أو مذياعًا، وكأنّهم يتلون فعل الندامة على ما ارتكبوه من خطيئة، خطيئة النيّة بالاعتراف بالدولة الفلسـ.ـطينية، أو كأنّهم يريدون طمأنّة نتنياهو وحكومته، بأنّ هذا مجرد ستار نختبئ خلفه من الرأي العام في بلادنا؟

وسؤال آخر لا يقلّ أهمية عن تصريحات ويتكوف، الذي قال إنّ "حـ.ـمـ.ـاس وافقت على تسليم السـ.لاح، ونتنياهو وافق على وقف الحـ.ـرب"، ولا تستطيع الاستنتاج فعليًا هل هذه زلة لسان لمجاملة أهالي أسرى الـ.ـعـ.ـدوّ في غزّة، أم محاولة لإرباك المشهد وزيادة الضغط على حركة حـ.ـمـ.ـاس، من خلال تحريض بيئتها عليها، وتحميلها كلّ المسؤولية عن استمرار حرب الإبادة؟.

وإن كانت هذه أسئلة تحتاج لاستنتاجات، ولا إجابات قاطعة لها، فإنّ السؤال الذي إجابته قاطعة ويقينية، هو لماذا يريدون مكافأة نتنياهو بمنحه نـ.ـصـــرًا سهلًا؟ لأنّه هُزم، فقد خرج للحرب للقضاء على حـ.ـمـ.ـاس وتجريدها من سـ.لاحها، ولو استطاع فعل لذلك لصفقوا له، ولما احتاج أن يمنحوه نـ.ـصـــرًا على طاولة التفاوض، فهُم يريدون منحه تفاوضيًا ما عجز عنه ميدانيًا.

وهناك فكرة مركزية تغيب عن بال الكثير من المحللين وحتّى السياسيين، الذين يتناولون اليوم التالي في غزّة، وهي أنّ حـ.ـمـ.ـاس تتعامل مع نفسها باعتبارها المنتصرة، وأنّ إعلان النـ.ـصـــر هو مسألة وقتٍ فقط، وهي ترتكز على وقائع صلبة واستنتاجاتٍ راسخة، بأنّ نـ.ـصـــرها إستراتيجي بعيدًا عن منجزات الـ.ـعـ.ـدوّ التكتيكية، كما أنّ هزيمةَ الـ.ـعـ.ـدوّ هي هزيمةٌ إستراتيجية.

وبمناسبة الحديث عن الإستراتيجية، فإنّه سابقًا كان يتم حساب الفعل الإستراتيجي بثلاثين سنة إلى خمسين سنة، ولكن في تسعينيات القرن الماضي حين درسنا الإستراتيجيات، كانت تُقاس بعشر سنوات إلى خمس عشرة سنة، أمّا اليوم فقد تقاس ببضع سنين، خمس أو سبع سنوات، أو عشر في أقصاها.

لذا فإنّ الواقع الإستراتيجي للعدو اليوم، وبعد مرور عامين على السابع من تشرين الأول/أكتوبر، نجده مأزومًا ويزداد تأزمًا مع مرور الوقت، فـ"مجتمعه" يزداد تفسخًا و"جيشه" يزداد هشاشة، وروايته التي صنعها على مدار قرن، وعاش في ظلها نُسفت، بل وتقدمت الرواية الفلسـ.ـطينية، وكراهية الكيان في تصاعد عالميًا، وكلما مرّ الوقت ازدادت خياراته السياسية والعسـ.ـكرية ضيقًا وحرجًا.

لذا ليس من السهل أن تكافئ المهزوم على حساب المنتصر، أو أن تعامل المهزوم كمنتصر والمنتصر كمهزوم، ثمّ تستهجن عدم قبول المنتصر بشروط الاستسلام. والانتصار هنا لا يُقاس بقدرتك على ارتكاب الجرائم، بل بقدرتك على تحويل جريمتك إلى واقعٍ مشروع، كما تحولت سابقًا جريــ.ـمة احتـ.ـلال فلسـ.ـطين وتشريد أهلها إلى واقع مشروع دوليًا، فهل يستطيع نتنياهو تحويل جريمته في غزّة إلى واقع مشروع عبر أبو شباب مثلً،ا خياره البائس، والذي بحدّ ذاته يدل على هزيمة إستراتيجية؟

لا مكافآت في حروب كسر العظم، وهذه حربٌ صفرية، هزيمة غزّة تعني نهاية القضية الفلسـ.ـطينية، وتعني تسيّد الكيان على المنطقة لعقودٍ قادمة، وتصبح الشعوب العربية جالياتٍ في أوطانها، كذلك هزيمة الكيان ستعني أنّ وجوده أصبح محدودًا ومعدودًا، لذا فإنّ حِمل غزّة وشعبها ومـ.ـقاومتها ثقيلٌ جدًا جدً

المصدر: موقع إضاءات الإخباري