الهواتف الذكية تكشف معاناتك النفسية قبل أن تدركها
دراسات و أبحاث
الهواتف الذكية تكشف معاناتك النفسية قبل أن تدركها
9 آب 2025 , 15:12 م

أظهرت دراسة جديدة أن الهواتف الذكية، التي تراقب بهدوء عاداتنا اليومية، قد تحمل مؤشرات دقيقة تتعلق بالصحة النفسية، تتجاوز مجرد حساب الخطوات أو ساعات النوم، وتشير النتائج إلى أن الأنماط الرقمية التي نتركها قد تكشف إشارات مبكرة ومشتركة تدل على وجود ضغوط نفسية قبل أن تتطور إلى اضطرابات خطيرة.
- الهواتف الذكية أكثر من مجرد أدوات لتتبع الصحة البدنية
عادةً ما تُستخدم الهواتف الذكية في مراقبة مؤشرات الصحة الجسدية مثل النوم، والنشاط البدني، ومعدل ضربات القلب، لكن بحثا جديدا يُظهر أنها قادرة أيضا على كشف مؤشرات مرتبطة بالصحة النفسية.
في دراسة نُشرت في مجلة JAMA Network Open، قام باحثون من جامعات ميشيغان ومينيسوتا وبيتسبرغ باستخدام مستشعرات الهواتف الذكية لمراقبة السلوك اليومي بشكل غير ملحوظ، وقد تم جمع بيانات حول أنشطة روتينية مثل الحركة، وأنماط النوم، واستخدام الهاتف، مما كشف عن أنماط غير متوقعة تعكس جوانب من الصحة النفسية.
- مؤشرات سلوكية متكررة ترتبط بالاضطرابات النفسية
بتمويل من المعاهد الوطنية للصحة (NIH)، توصلت الدراسة إلى أن العديد من الحالات النفسية تشترك في أنماط سلوكية متشابهة، من أبرزها:
البقاء لفترات أطول داخل المنزل
الاستيقاظ في وقت متأخر
شحن الهاتف بوتيرة أقل من المعتاد
وتُعد هذه السلوكيات مؤشرا على ما يُعرف بـ "عامل P"، وهو بُعد عام يربط بين عدة أنواع من الاضطرابات النفسية.
- ربط النشاط الرقمي بالأعراض النفسية
قال البروفيسور آيدان رايت، أستاذ علم النفس في مركز آيزنبرغ لأبحاث الاكتئاب بجامعة ميشيغان، إن الفريق البحثي وجد أن بعض السلوكيات مثل انخفاض المكالمات الهاتفية أو النشاط الجسدي قد تتوافق مع أعراض معينة مثل الانسحاب الاجتماعي أو المشاكل الجسدية.
وأوضح رايت: "تشير هذه النتائج إلى أن أنواعا رئيسية من الاضطرابات النفسية يمكن اكتشافها عبر مستشعرات الهواتف الذكية، مما يفتح المجال لاستخدام هذه التكنولوجيا في مراقبة الأعراض والبحث في مشكلات نفسية متعددة."
- الدراسة: واحدة من الأكبر في مجالها
شملت الدراسة بيانات تم جمعها من 557 بالغا على مدار 15 يوما خلال عام 2023، ما يجعلها واحدة من أكبر الدراسات من نوعها. وعلى الرغم من الاهتمام المتزايد باستخدام أجهزة الهاتف القابلة للارتداء في مراقبة الصحة النفسية، إلا أن التقدم في هذا المجال كان بطيئا، وفقا لرايت.
وأضاف: "يعود ذلك جزئيا إلى أن معظم أبحاث الطب النفسي الرقمي لم تأخذ بعين الاعتبار الطريقة التي تُنظم بها الاضطرابات النفسية داخل الأشخاص عند اختيار أهداف المراقبة."
- حدود التشخيصات التقليدية في مراقبة السلوك
وأشار رايت إلى أن الطب النفسي الرقمي غالبا ما يعتمد على الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، الذي لا يُعد أداة فعّالة للكشف أو المراقبة، لأنه يتضمن مجموعات متنوعة من الأعراض التي قد تحمل توقيعات سلوكية مختلفة، فضلًا عن تداخلها بين عدة تشخيصات.
وأضاف: "غالبية المرضى في العيادات يعانون من أكثر من تشخيص واحد، مما يصعّب تحديد السبب الدقيق للسلوكيات الظاهرة."
- فهم أفضل لكيفية تأثير الاضطرابات النفسية على الحياة اليومية
قالت ويتني رينغوالد، أستاذة مساعدة في علم النفس بجامعة مينيسوتا والمؤلفة الرئيسية للدراسة، إن النتائج تساعد في فهم كيف ولماذا تؤثر الاضطرابات النفسية المتنوعة على أداء الأفراد في حياتهم اليومية.
وأكد رايت أن الاضطرابات النفسية غالبا ما تتطور بشكل خفي، ويُفضل علاجها في مراحلها الأولى قبل أن تصبح شديدة أو منهكة. لكنه أوضح أن مراقبة الصحة النفسية صعبة، والنظام الحالي غير كافٍ لتحقيق ذلك.
واختتم بقوله: "القدرة على استخدام أجهزة الاستشعار السلبية في الهواتف الذكية لربط الأفراد بالمساعدة قبل أن تسوء حالتهم سيكون لها فوائد كبيرة، مثل تحسين النتائج الصحية، وخفض التكاليف، وتقليل الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية."

المصدر: SciTechDaily