سبب تشكل تجاعيد الجلد مع التقدم في العمر
دراسات و أبحاث
سبب تشكل تجاعيد الجلد مع التقدم في العمر
9 آب 2025 , 15:45 م

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة بينغهامتون في نيويورك عن الآلية الفيزيائية التي تقف وراء تشكُّل تجاعيد الجلد مع التقدم في العمر، مؤكدين أن الأمر لم يعد مجرد نظرية، بل أصبح مدعوما بأدلة تجريبية حاسمة.
- الجلد تحت المجهر: ما الذي يحدث فعليًا؟
اعتمد الباحثون في هذه الدراسة على عينات جلدية حقيقية مأخوذة من أفراد تتراوح أعمارهم بين 16 و91 عاما، باستخدام جهاز يُعرف باسم مقياس التوتر منخفض القوة (low-force tensometer)، قام الفريق بتطبيق إجهادات مشابهة لما يتعرض له الجلد في الحياة اليومية.
وقد لوحظ أن حركات انكماش الجلد التي تحدث استجابة للشد تزداد وضوحا مع التقدم في العمر، مما يؤدي إلى انبعاج الجلد وظهور التجاعيد بشكل متزايد.
- الجلد دائما في حالة توتر شبه دائم
وجد الباحثون أيضا أن الجلد لا يكون في وضع مسترخٍ تماما، بل في حالة شد شبه دائم. ومع التقدم في السن، تبدأ هذه القوى في التغير؛ حيث تصبح الطبقة الخارجية (stratum corneum) أكثر صلابة، بينما الطبقات الداخلية تصبح أكثر ليونة نتيجة انخفاض كثافة شبكة الكولاجين الداعمة.
- فقدان الرطوبة وتأثيره على مرونة الجلد
كشفت التجارب أن الجلد يفقد جزءا من حجمه بسبب خروج السوائل منه، مما يفاقم من ظهور التجاعيد، وأوضح الباحثون أن هذه الخاصية تُعرف بـالخاصية المسامية المرنة (poroelasticity)، ولم يتم توثيقها سابقا بهذا الشكل.
المهندس الحيوي "جاي جيرمان" شبّه الجلد بعجينة الأطفال "سِلي بوتي"، قائلاً: "عندما تشدها أفقيا، فإنها تتمدد، ولكنها أيضا تصبح أرق، وهذا ما يفعله الجلد أيضا."
وأضاف: "ومع التقدم في العمر، تصبح هذه الانكماشات أكبر، وإذا انكمش الجلد أكثر من اللازم، يبدأ بالتجعد."
- تجاعيد الضحك: أكثر من مجرد خطوط جمالية
أظهرت الدراسة أن التمدد والتقلص المتكرر للجلد في اتجاه واحد، كما يحدث عند الضحك أو التعبير، يؤدي إلى إجهاد النسيج الجلدي، مشابها لما يحدث عندما تتكون طيّات في قماش الجينز بسبب الاستخدام المتكرر.
ولهذا السبب، فإن ما يُعرف بـ"أقدام الغراب" عند زوايا العين تستحق فعلا أن تُسمى "تجاعيد الضحك".
- آفاق علاجية أبعد من مستحضرات التجميل
تتجاوز أهمية هذه الدراسة مجرد فهم آلية تشكل التجاعيد، إذ يمكن أن تساعد في تشخيص وعلاج أمراض جلدية متعددة، كما تُفتح آفاقا لاستخدام نفس التقنية لفهم أنسجة أخرى في الجسم، مثل تجاعيد الدماغ.
ومن جهة أخرى، فإن هذه النتائج قد تساهم في تقييم فعالية منتجات العناية بالبشرة المضادة للشيخوخة بشكل علمي، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الزخم الكبير في سوق مستحضرات التجميل.
- الشمس والتقدم في العمر: علاقة مترابطة
ربط الباحثون بين الشيخوخة الزمنية للبشرة وبين الضرر الناتج عن التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية. وأشار "جيرمان" إلى أن: "من يعمل في الهواء الطلق طوال حياته يُحتمل أن يعاني من شيخوخة جلدية وتجاعيد أكثر من أولئك الذين يعملون في المكاتب."
وهو ما يُعزز من أهمية استخدام واقي الشمس كإجراء وقائي طويل الأمد ضد التجاعيد.
خلاصة القول
تكشف هذه الدراسة الرائدة أن تجاعيد الجلد ليست مجرد علامة خارجية للتقدم في السن، بل هي نتيجة تفاعلات ميكانيكية دقيقة ومعقدة تحدث على مستوى الأنسجة والطبقات الجلدية، وهذا الفهم الجديد يفتح الطريق نحو علاجات أكثر دقة وفعالية، لا تقتصر على الناحية التجميلية فحسب، بل تمتد إلى الجوانب الصحية والعلاجية.

المصدر: ScienceDaily