العقرب الغادر والضفدع الحائر: حكاية الطبع الذي يغلب التطبع.
جسر الوهم...وسم العقرب.
في الليالي الذي تتكلم فيها الأساطير لغة الرموز، وتحاكي فيها الحكايا وجوه السياسة، أطل عليكم بمشهد من حكاية قديمة: كان يامكان في قديم الزمان عقرب ماكر إلتمس من ضفدع مسالم أن يحمله على ظهره ليعبر النهر. تردد الضفدع، خائفا من سم الغدر، متوجسا من طبع خبره الناس: ”ألن تلدغني؟" فيجيبه العقور الغادر صاحب الإبرة بالقسم واليمين والوعود الممهورة بأقنعة الأمن والأمان والإيمان. لكن الأقدار رسمت لوحة أخرى. حمل الضفدع العقرب، عبر به الماء حتى بلغ الضفة، فإذا بالسم ينساب في الجسد. قال الضفدع وهو يصارع الموت: ” أين قسمك؟ أين عهدك؟ أين وعودك بالأمن والأمان والإيمان؟" فقهقه العقرب مجيبا: ” نحن العقارب جبلنا على الغدر والأذى. لاعهود لنا ولا ميثاق."هنا أيها السامع الواعي، لاتقف القصة عند حدود الحكواتي، بل تنفتح على فضاء السياسة. ف العقرب، ليس إلا ذلك الكيان المصطنع، الغريب عن النسيج، وتربى على المكر، وصنع من جينالوجيا الخيانة ميراث الإغتصاب. وأما الضفدع، فصورة لمن يهرول ليلحق بقطار التطبيل والتطبيع، يصدق وعودا راديكالية الطابع في خداعها، ليبيرالية القشرة في خطابها: ميتافيزيقية الوهم في عمقها.
قال سبحانه في كتابه المبين ”ولاتركنوا إلى اللذين ظلموا فتمسكم النار" وقال جلت قدرته ” إن الله لايحب المفسدين." كلمات قصيرة لأقوياء البصيرة، لكنها كسيوف وخناجر لمن يظن أن الغاصب يزرع سلاما أو يورث أمانا. لقد أثبتت الجينالوجية السياسية لهذا الكيان النازي الفاشي المارق أنه لايؤمن له جانب على الإطلاق. كل ميثاق عنده ورق، وكل وعد عنده برق، جبل على الغدر، هو سرطان جغرافي، إستعمار بلبوس حداثي، يمارس ديالكتيك التضليل،هنا يجب التظليل لعدو خبيث خسيس يغذي براديغم الطائفية بين شعوب الأمم والتقسيم والتقظيم،
راجيا النجاح في التقديم والتقيم، ومع ذلك يظل الأمل معقودا على وعي الأمة، على وحدة المليارين، تلك اللحمة التي تجمع أبناء المذاهب، فالعدو واحد والمصير مشترك، ولاخلاص إلا بجبهة متماسكة متلاحمة متآزرة متعاضدة تقطع الطريق على ”عقارب السياسة" و”أفاعي التطبيع" ولئن كانت بعض الكراسي المذهبة، تلك البراديغمات السلطوية المحكومة بميتافيزيقيا الفراغ، تتزين بزخارف الوهم وتستظل بظل السراب...“ تسعى إلى بناء جسور من وهم، فإن هناك قلاعا ثابتة ترفع راية الدفاع عن المستضعفين. في شرق صامد، تتجلى عاصمة حافظة للعهد، وفي أرض أخرى جنوبية آسيوية، تنهض دولة جارة حليفة وشقيقة لجارتها، تضع كتفها في معركة الحق. هي إشارات لمن يفهم وتلميحات لمن يقرا بين السطور.
ف الخاتمة لسيت سوى حكمة: من يحمل العقرب على ظهره لابد أن ينال اللدغة، ومن يصدق وعود الغاصب لابد أن يحصد الخيبة، ”ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين." فليكن صوت مقالي هذا صرخة ”مشفرة مرمزة" تفضح تارة وأخرى تنصح، تحذر من سم العقارب المتخفية بثوب السلام، وتدعو إلى وحدة الصف في وجه عدو لايعرف إلا الغدر والنهب والسلب والفساد. إنها دعوة لأن يكون البراء فطنا، فلا يتحول جسرا للغدر، بل سدا منيعا أمام كل من يتقن فن الخيانة ويتقن صناعة السموم.
مفكر محلل سياسي وإعلامي سوري في الغربة