الأيام الأولى بعد الولادة تحدد نجاح الرضاعة الطبيعية
منوعات
الأيام الأولى بعد الولادة تحدد نجاح الرضاعة الطبيعية
6 أيلول 2025 , 14:05 م

حصلت النساء حول العالم على الرسالة بوضوح: حليب الأم هو الغذاء الأمثل للرضع، معظم الأمهات يبدأن الرضاعة منذ الولادة، لكن المفاجأة أن الغالبية العظمى يتوقفن قبل الفترة التي خططن لها.

تقول بولا ماير، أستاذة طب الأطفال في جامعة راش، إنها درست هذه الظاهرة لعقود، وخلال تلك الفترة ارتفعت نسبة الأمهات المرضعات إلى أكثر من 80%، ومع ذلك يبقى رقم ثابت يقلق الباحثين: أقل من نصف الأمهات يستمرن في الرضاعة حتى ثلاثة أشهر فقط، بينما يتوقف كثير منهن بعد أيام معدودة.

ماير، وبالتعاون مع ليزلي باركر من جامعة فلوريدا، جمعت باحثين من 11 جامعة لدراسة هذه المرحلة الحرجة، وقد نُشرت نتائج أبحاثهم في العدد الخاص لشهر يوليو 2025 من مجلة طب الرضاعة، والذي تضمن خمسة مقالات بحثية ومراجعات علمية.

 لماذا تعتبر الأسابيع الأولى حاسمة؟

أظهرت الدراسات أن الحواجز الطبية والاقتصادية والاجتماعية تقف أمام الأمهات وأطفالهن الأصحاء أو المحتاجين للرعاية الطبية، وتؤكد النتائج أن الأسبوعين الأولين يشكلان الأساس لبرمجة الجسم لإنتاج الحليب بكفاءة، فإذا لم تتمكن الأم من تجاوز الشهر الأول، فمن غير المرجح أن تستمر حتى ثلاثة أو ستة أشهر.

لكن المفارقة أن هذه المرحلة الحرجة نادرا ما تُدرس بعمق. حيث يركّز الخبراء غالبا على تشجيع النساء على الاستمرار بالرضاعة حتى 6 أشهر أو عامين، بينما الخسارة الحقيقية تحدث في الأسابيع الأولى.

 التحديات البيولوجية

إنتاج الحليب ليس أمرا بديهيا، بل يتطلب تغيرات بيولوجية معقدة في الغدد الثديية تحدث خلال الأيام الأولى، بعد أسبوع، ثم خلال الشهر الأول، وإذا لم تتحقق هذه المراحل البيولوجية في وقتها، يتوقف إنتاج الحليب أو يتباطأ.

تشير ماير إلى أن السمنة، السكري، ارتفاع ضغط الدم، وتسمم الحمل من أبرز العوامل التي قد تعيق عمل الغدد الثديية.

كما أن الأمهات اللواتي يواجهن ظروفا طبية أو يضعن أطفالا في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة يعتمدن على الضخ بدل الرضاعة المباشرة، وهو أمر مرهق جسديا ونفسيا ويستغرق وقتا طويلاً لتحقيق إنتاج كافٍ.

الأعباء الاقتصادية والاجتماعية

أوضحت تريشيا جونسون، أستاذة اقتصاديات النظم الصحية، أن الرضاعة الطبيعية ترتبط بتكاليف خفية مثل الوقت والجهد، وهو ما يثقل كاهل الأمهات ذوات الدخل المحدود، فهن غالبا مجبرات على العودة للعمل سريعا، أو يفتقدن لإجازة أمومة مدفوعة الأجر، أو يواجهن مشاكل في الغذاء، المواصلات، والدعم الأسري.

تغيير طريقة الدعم

ضاعف التعليم والتشجيع عدد الأمهات اللواتي يبدأن الرضاعة، لكن الاستمرار يتطلب دعما أوسع يشمل التدخلات الطبية والاجتماعية.

من أبرز التوصيات:

توفير أدوات دقيقة لقياس كمية الحليب التي يتناولها الرضيع.

استخدام اختبارات بيولوجية بسيطة لقياس مؤشرات إنتاج الحليب.

إدارة عوامل الخطر مثل السمنة والسكري أثناء الحمل ومتابعة تأثيرها على الرضاعة.

تقديم خطط واضحة للأمهات بدلاً من الاكتفاء بعبارة "استمري بالمحاولة".

تؤكد ماير: "آن الأوان لإدماج هذه الأدوات في الممارسات الطبية اليومية بدل الاكتفاء بالنصائح العامة".